لماذا لم تُوقع الصواريخ الإيرانية خسائر بشرية كبيرة؟

علاء اللامي
2024 / 10 / 2

هذا سؤال مشروع إذا أحسنّا الظن، فالبعض يكرره في كل مناسبة يُضْرَبُ فيها العدو بهدف التشكيك بنوايا وأهداف مَن يضربونه. وقد سألني أحد الأصدقاء الأعزاء الذين لا أشك في نواياهم عن السبب في عدم سقوط إصابات بشرية كبيرة في القصف الإيراني وإليكم إجابتي على سؤاله هذا:
إن السبب في عدم سقوط ضحايا بأعداد كبيرة في القصف الصاروخي يعود إلى الأسباب التالية: إن حرب الصواريخ تختلف تماما عن حرب الطيران الحربي أو الدبابات والمشاة من حيث الخسائر التي تحدثها.. تتذكر ربما أن القصف الذي شنه نظام صدام على تل أبيب بالصواريخ لم ينجم عنه إلا عدد قليل من جرحى العدو، وحرب الصواريخ المتبادلة بين العراق وإيران في حرب الثماني سنوات لم تحدث خسائر بشرية إلا مصادفة حين ضرب صاروخ إيراني مدرسة "بلاط الشهداء" ببغداد وربما حدث الأمر نفسه في إيران.
الحالة الوحيدة المختلفة التي أحدثت خسائر هي صاروخ أميركي "جو أرض" وليس "أرض أرض"، خارق للتحصينات على ملجأ العامرية ببغداد، سنة 1991، والذي قَتَلَ داخل الملجأ قرابة أربعمائة مدني عراقي أغلبهم من الأطفال والنساء. والسبب هو أن هذا الصاروخ من نوع خاص، وأطلق من طائرة عن قرب، وقد انفجر داخل الملجأ فتضاعفت قوته التفجيرية فقتل جميع الموجودين فيه.
إن العدو الظلامي الصهيوني يستعمل سلاح الطيران والطيران المسير والدبابات ضد المدنيين مباشرة، ولا يستعمل الصواريخ البالستية "أرض أرض" ولذلك يحدث مجازر كبيرة بين السكان عن سابق قصد وتصميم بهدف الترويع والإرهاب والإبادة الجماعية كما يستعمل الدبابات والمدفعية القريبة ضد عمارات سكنية. هذا هو الفرق بين أنواع الأسلحة.
أما من حيث الأهداف فالصواريخ أرض أرض الإيرانية عموما تستهدف بنى تحية ومعسكرات استراتيجية ومخازن أسلحة بالدرجة الأولى وإيران والمقاومة اللبنانية لم تستهدف المناطق السكنية عن عمد. وحتى إذا سقطت صواريخ إيرانية مصادفة في تجمعات سكنية فلن تحدث خسائر بشرية كبيرة لأن البنية التحية الحمائية من ملاجئ وووسائل إسعاف وعلاج وغيرها في دولة العدو منظمة ومهيأة جيدا وعلينا أن نعترف بذلك في حين لا وجود تقريبا للملاجئ في بلداننا.
أضف إلى ذلك أن العدو اعتاد على إخفاء خسائره. وربما تتذكر أنه زعم عدم حدوث خسائر في الهجوم الإيراني السابق في نيسان، وبمرور الأيام بدأت تظهر الخسائر وتعلن بطريقة التسريبات. كما ينبغي أن لا ننسى تحقيق أهداف أخرى من الضربات الصاروخية من النوع الاستراتيجي وتحقيق الردع والسياسي والمعنوي (إذلال العدو واستباحة سيادته الرسمية ردا على انتهاكه لسيادة الدول الأخرى وهز معنويات مستوطنيه وجمهوره وحلفائه وتبديد صورة انتصاراته التكتيكية الأخيرة بالاغتيالات الجبانة بالطيران) وتدمير البنية التحتية العسكرية وهي كبيرة كما ظهر برؤية الفيديوات التي نشرت وأظهرت عشرات الصواريخ وهي تفلت من الطبقات الأمنية الخمس وأولها القبة الحديدية وتضرب أهدافها.
أما "تحديد نيويورك تايمز وهآراتس لأهداف القصف الإيراني قبل حدوثه" كما تقول، فيمكن أن يعود لسببين: الأول هو أن هذه المعلومات مجرد ترويجات مخابراتية غير صحيحة لدفع الناس إلى التشكيك بنوايا إيران، فأنا بصراحة لم أقرأ شيئا كهذا في المصدرين المذكورين "نيويورك تايمز وهآرتس" ولم أقرأ ترجمة لهما في اللغة العربية في مصدر ثقة. ثانياً هو أن هذا الكلام قد يكون جاء في سياق توقعات واستشرافات عسكرية لخبراء متخصصين. أما الثابت والأكيد فهو ما شاهدناه بأعيننا وشهدنا عليه بأنفسنا ليلة البارحة من فشل مخابراتي فاضح للعدو حين لم يتوقع الضربة الصاروخية إلا قبل ساعات من حدوثها وعن طريق خبر أطلقه البيت الأبيض، والحادثة الثانية - وقد كتبت عنها ليلة البارحة في حينها -حين طلب الناطق باسم جيش العدو هاكاري من المستوطنين الخروج من الملاجئ بعد الموجة الأولى من الصواريخ وبعد دقائق قليلة أعلنوا عن وصول الموجة الثانية منها أي أنهم فشلوا في رصد انطلاقها ومساراتها.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي