حديث البيدق/ طوفان الأقصى حتى لا ننسى (108)

نورالدين علاك الاسفي
2024 / 10 / 2

"الجبهة الثانية للحرب العالمية الجديدة مفتوحة" بحاصل تقرير لافت من الكسندر دوغين في آخر مقال له[1] بذات العنوان؛ و بمقتضاه " حرب حقيقية تتكشف في الشرق الأوسط"؛ الكيان بعجزه الفادح؛ لم ينته بغزة فسارع بمناورته إلى تماس مع حدود لبنان:
الحرب اللبنانية لها عدة تفسيرات. دعونا – و الحديث واصل بدوغين - نركز على اثنين.
أولا، أهداف الكيان والسياق الأخروي. فالإبادة الجماعية في حق سكان غزة أدينت من الجميع باستثناء الغرب الجماعي وأتباعه. و تلكم معايير مزدوجة.
سيكون الأمر نفسه مع لبنان. الغرب يتستر على الكيان، كما في حالة المجلس العسكري النازي لزيلينسكي. ولا يوجد سبب للأمل في تغيير هذا الموقف (خاصة وأن ترامب، على الرغم من ازدرائه الواضح لزيلينسكي، هو مؤيد قوي للكيان).
لكن ما الذي يحاول نتنياهو تحقيقه حقا?
الاستفهام من دوغين؛ و الإجابة صرفة؛ بإقرار بحت منه أن الإجهاد العقلي لا يوضح الأهداف الحقيقية لهذه الحرب، التي تزداد زخما.
و "الحقيقة" كما يلاحظ" هي أن موقف الكيان عشية الحرب في غزة كان مستقرا بشكل عام".لكن بحاصل تهديد قار من الديموغرافيا؛ الذي لا يفارق إدراكه الجمعي، و ما يزال ساريا حتى مع ارتفاع معدل المواليد؛ ليس فقط بين اليهود الأرثوذكس (الحريديم). لينتهي دوغين ملخصا" مجتمع الكيان ليس سوى جزيرة عرقية دينية صغيرة"، في وسط بحر الدول العربية المجاورة، المرتبطين بالفلسطينيين عرقيا وطائفيا.
وفي مثل هذه الحالة، لا يمكن ببساطة تعزيز موقف الكيان في المنطقة، ناهيك عن استعمار الأراضي الفلسطينية من قبل المستوطنين الإسرائيليين.
و بالحفاظ على الوضع الراهن، سيكون محكوما على الكيان، "كدولة يهود"، أن تختفي بعد فترة زمنية معينة، حتى بحكم الديموغرافيا.
و عليه؛ بدا تحقيق المشروع الصهيوني اليميني لإسرائيل الكبرى غير وارد تماما. ببساطة لا يوجد أحد لتسوية أو تطوير هذه الأراضي في وجود كتلة عربية كثيفة على جميع الجهات.
في غزة، رأينا بالفعل اكتشاف الهدف الحقيقي — الإبادة الجماعية الجسدية للفلسطينيين مع الترانسفير. و من المنطقي للكيان. مع كونه غير قادر على تغيير التركيبة السكانية الخاصة بهم بشكل كبير بما فيه الكفاية، فإنه لا يزال مصرا على تدمير السكان الذين يمنعون تنفيذ المشاريع الأخروية بوجودها العرقي والديني.
و ذا سيكون تهورا وغير قابل للتحقيق؛ إلا مع توقع حدوث شيء غير عادي بعد اختراق حاسم.
الحدث الاستثنائي منتظر؛ لكنه مفهوم تماما وفقا للمعتقدات اليهودية، انه وصول "المسيح". و قبل وصوله يجب على اليهود العودة بشكل جماعي من الشتات إلى أرض الميعاد، وإعلان القدس عاصمة، ثم هدم المسجد الأقصى، ثاني أهم مزار للإسلام، وبناء الهيكل الثالث في مكانه. ثم سيأتي المسيح وستعبده جميع شعوب العالم، لأن قوته ستكون مطلقة. ستكون هذه هي لحظة إنشاء الإمبراطورية اليهودية في جميع أنحاء العالم، وسيرعى اليهود، بصفتهم المختارين، الأمم بالحديد و النار.
يمارس الصهاينة المتدينون من الدائرة المقربة لنتنياهو مثل هذا البرنامج تقريبا-إيتمار بن غفير، بتسلئيل سموتريتش؛ و هنا ندرك ذلك الخط الرابط بين المعتقد المسياني و تمظهراته في "خطة الحسم" و صلتها بقادة اليمين الأرثوذكس من راف كوك، مايير كاهانا والحاخام دوف ليور. إن بناء إسرائيل الكبرى والحروب الأخروية المصاحبة لها أمر منطقي على وجه التحديد في سياق ظروف وصول المسيح.
وليس من قبيل المصادفة- في نظر دوغين- أن تطلق حماس "طوفان الأقصى"." كما لدى الشيعة مثل هذا السيناريو ؛و بداية الحرب النهائية مع قوات (المسيح الدجال) في الأرض المقدسة؛ و هو مكان مشترك لجميع الأحاديث الأخروية.
الشرق الأوسط على موعد مع الحرب الأخيرة / هرمجدون بالمعنى الحقيقي حسب عبارة دوغين. هكذا يراها نتنياهو و منهم في زمرته، ولكن بنفس الطريقة، على الرغم من أن الشيعة الدينيين يفهمونها على خلاف من القطب الآخر. بالطبع، يسارع الإسرائيليون العلمانيون، الذين لا يؤمنون بأي شيء سوى بالشيكل و الرفه الفردي، إلى التظاهر ضد حكومتهم. والدوائر العلمانية في الدول الشيعية-وخاصة رجال الأعمال والشباب-لا تعرف أي أحاديث أخروية.
ولكن الآن، كما نرى، فإن التاريخ ليس مدفوعا بهم، ولكن من قبل أشخاص لديهم وعي متزايد بنهاية العالم والأحداث المصاحبة له.

-------
[1] https://ria.ru/20240927/voyna-1974935156.html
ريا نوفوستي: 27/09/2024

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي