نهاية الليبرالية

المنصور جعفر
2024 / 10 / 1

يتكلم هذا النص عن انقلاب الليبرالية على نفسها منذ قرون بتركيز على مواشجة هذا الانقلاب لعدد من الأمور وطبيعة أزماته وجوده وترسيخه وكيفية إنهاءه وإنهاء كل فروق وتناقضات وأزمات الوضع الليبرالي.

1- تيارا الليبرالية وعناصرهما وسمتهما العامة:
(أ) تيار تقدمي:
تيار تترادف فيه بشكل نسبي أنشطة صنع وتلطيف الحداثة الرأسمالية وغربنة وجود العالم و بناء أورشاليم جديدة. New Jerusalem

(ب) تيار رجعي:
تيار تترادف فيه بشكل نسبي أنشطة صنع إسرائيل الكبرى مع غربنة مجتمعات العالم مع نشر الحداثة الرأسمالية.

(ج) السمة العامة لتياري الليبرالية:
تتشابه الأهداف والعناصر الثلاثة في التيارين والخلاف بينهما ظاهري منحصر في أولية الاهتمام الفكري والنظري وترتيب التركيز الثقافي والسياسي العملي على قضايا الرسملة المؤدية إلى بناء جديد لميثولوجيا وجود إسرائيل أو على قضايا بعث إسرائيل أولاً، بينما يتفق كل تيار مع أخيه على ربط الرسملة ومركزية تراث وثقافة نخب الأوج الإستعماري لدول غرب أوروبا وأمريكا الشمالية.


2 - طبيعة تحقيق الشكل الرجعي والشكل التقدمي لليبرالية:
تمتاز عمليات تحقيق الأهداف الثلاثة بكونها منظومة ومرنة ومتنوعة التمويل ومستدامة ومتعددة المؤسسات ومتكاملة ومنتشرة ومتعددة البنى والمستويات ومحافظة ومبتكرة.


3- أصدقاء وأعداء تياري الليبرالية:

(أ) أصدقاء الليبرالية:
لليبرالية أربعة أصدقاء هم: 1- التضليل، 2- المعرفة الضيقة، 3- الوعي المحدود، 4- أي قوى تقبل أو تعزز كل أو بعض الأهداف الثلاثة.

(ب) أعداء الليبرالية:
لأنشطة الليبرالية خمسة أعداء هم: 1- الإعلام المتكامل الجامع لعمليات الإخبار والتحليل والانتقاد التاريخي، 2- شمولية المعرفة، 3- الوعي الطبقي الثوري، 4- النشاط الشيوعي، 5- أي فكر أو نشاط يرفض كل أو أحد العناصر والأهداف الليبرالية الثلاثة.


4- نقطة الضعف:
تتمثل نقطة الضعف الرئيسة في كل مثلث الليبرالي في أنواع وأشكال من التباين والتناقض بين الأهداف الثلاثة وفي التباين والتناقض بين المكونات الداخلية كل هدف سواء في ترتيب عناصره أو سرعة وإتجاه علاقاته أو في شكل وفاعلية كل أو بعض مبانيه.


5- أقوى أسلحة الليبرالية:
لتياري الليبرالية أسلحة متنوعة وحسب ظروف كثيرة تختلف شدة الإهتمام بكل واحد منها وبإمكانات تفعيلها وتطوير وتنمية قدراتها وطبيعة توزيع وتنسيق إستعمالها، وأهمها:

(أ) تحويل السياسات الموضوعية إما الى حالة نخبوية أو إلى حالة شعبوية،

(ب) تغذية صراع سطحي بين التيارين لا يشمل إلغاء حرية السوق،

(ج) فتح وتكرار أي نوع من الصراعات داخل كل تيار شعبوي أو نخبوي وزيادة ربط أقطاب الصراع وجوهه بمرجعية وإرادة امبريالية عبر شبكة من آليات وأشكال الإغواء والتخويف.


6- أسس تنمية الليبرالية:
(أ) إستخدام مستدام منظوم لآليات المعرفة والإنتقاد اليمينية واليسارية الحديثة والقديمة المبكرة والنمطية لتمحيص كل كتلة أو حال مفرد للشعارات و الهيئات والبرامج والترتيبات و أعمال الشخصيات المصنفة كشخصيات صديقة أو عدوة للمثلث الليبرالي.

(ب) جمع وتمحيص نقاط تعاملات كل عنصر فكري أو عملي وتحويلها إلى مهمات منظومة في كل مجموع أو تفرد لمجالات المعرفة والفلسفة والميديا والعلاقات العامة والعلاقات السياسية الأفقية والرأسية وفي الصيغ والأنشطة الديبلوماسية والصيغ والأنشطة العسكرية وأعمال المخابرات وفي مجالات الترفيه وفي صيغ أو فنون التوجيه الذهني غير المباشر إضافة الى مجال الحسابات التجارية والمالية والأنشطة الرأسمالية وأعمال اللوبيات وداخل مجالات التعبير و الصيغ الكلامية والجمالية.

(ج) تشجيع النقد الذاتي في شكله الموجب الذي يقدم البدائل أو في شكله البسيط الذي يكتفي بالاعتراف الخطأ أو حتى يشير إلى بداية تكونه.


7- فلسفة ونظام التوجيه الذهني:
يحصر مثلثا الليبرالية الواقعيين وما فيهما من حداثة رأسمالية ومركزية غربية وميثولوجيا إسرائيلية كثرة من الأذهان بين خيارين أحدهما ضيق والآخر واسع مبهم.

تتعزز الإدارات الليبرالية لأفكار وأنشطة الحصر بتنمية متنوعة لأنشطة الشغب والسجال بين طرفي الإختيار بشكل يدفع الذهن إما إلى التورط مع أحدهما أو الانصراف عنهما معاً محاولاً النجاة منهما بغرق في نمط تساؤلات النبي إبراهيم أو باغتراب إلى مجال عمل أو تفكير أو بلد يظنه المنصرف بعيداً عن الاختيار بين الانحصار الضيق والانتشار المبهم.

لمواجهة المقاومة ورفض إستسلام مجموعة أو فرد لأي من الخيارين أو رفض الاغتراب عن مجالاتهم تقدم منظومات الليبرالية باقة أنشطة فكرية وعملية موضوعية الشكل لكنها ذات تناقض أو ضعف شكلي أو بنيوي يمنع تحولها إلى نشاط متكامل قادر على الازدهار بل انقسامات أو تكتلات تعزز أحد عناصر أو أهداف النشاط الليبرالي.


8- تنمية قدرات وأسلحة الليبرالية:
تعتمد كثرة من عمليات تنمية القدرات وآليات وأسلحة الليبرالية على:
(أ) تجميع وفرز آخر صيحات ومنتجات البنى الفوقية الفكرية والثقافية والآيديولوجية والأدبية والفنية وما إليها،

(ب) إستعمال أفضل الأنشطة والنظم الحاسوبية لتعداد وفرز ردود الأفعال واستعمالها في رسم خرائط عمل وتحديد أهداف ضرورية لاستدامة وتنمية مفردات المنظومة الليبرالية أو كلياتها التي تشمل (بدون ترتيب تقدمي أو رجعي) قيم وأنشطة الحداثة الرأسمالية وإخضاع العالم للمركزية الغربية الاستعمارية وبعث او بناء أو حماية كل أو بعض معاني الميثولوجيا الإسرائيلية وعرقلة نموء كل أو بعض أعداء أي معنى من معاني الصهيونية،

(ج) أعمال رصد وتقييم دورية وتحسين متوالي أفقي ورأسي لما تم إنجازه وتقديم مكافأة معنوية ومالية لكل إسهام في ترسيخه أو تعزيزه.


9- بعض ملامح التطور التاريخي لليبرالية ونفيها قيم تأسيسها:
(أ) نشأت الليبرالية منذ أواخر القرن الخامس عشر كإطار سياسي وحركة إنفتاحية للعقلانية التجارية وما تحتاجه مجتمعات الحرف والمهن المدينية من إخاء وحرية ومساواة ونظم حكومي مضاد لحالات العنصرية الطائفية والدينية والإثنية والمحلية والفئوية والطبقية وأمور العنف والإقصاء والإحتكار الإنفرادي التي حكمت حياة المجتمعات وسامتها العذاب بحجج دينية وسياسية فظة.

(ب) ضعفت وانتهت قيم تأسيس الليبرالية بزاوج وتوالد الرأسمالية والاستعمار والانغلاق الدوغمائي لنخبها وغرقهم بفعل تكاثر الأرباح المالية في عمليات متنوعة لاحتكار أنشطة توجيه ثقافات وأوضاع بلاد العالم واستعمال هذه النخب الليبرالية لميثولوجيات صهيونية في إضعاف امال وحقوق شعوب العالم في الحرية والإخاء والمساواة ومنع هذه الشعوب من إلغاء أسس العنصرية الثقافية والطبقية.

(ج) انغلاق النخب الليبرالية الدوغمائي على فكرة وحدة الرأسمالية والاستعمار واعتبار حياة غرب أوروبا وأمريكا أرقى نهاية لتطور المجتمعات ووشج هذه الفكرة المتطرفة بأمور تراثية ميثولوجية إسرائيلية صهيونية إنغلاق يكشف حالة جهل وحماقة وتخلف ومظالم البناء بالأسلوب الليبرالي بزعوم العقلانية والإنارة والحداثة والتقدم وحقوق الانسان.


10- الخلاصة:
للتخلص من حالة النزاعات والحروب في الشرق الأوسط واحتمالات تسبيبها لحرب نووية تنهي وجود العالم بإمكان قوى السلام في إسرائيل وغرب أوروبا وأمريكا الشمالية والعالم العربي اللغة إستعمال الأفكار والأساليب الإشتراكية العلمية التنضيد في التخلص من أزمة انغلاق وتناحر النخب الليبرالية وعتق الأذهان من تياري الليبرالية التقدمي و الرجعي.

فبحكم تبادل التغذية بين تياري الليبرالية الرجعي والتقدمي مع ربط نخبوي وربط شعبوي بين أمور الليبرالية الماثلة في (أ) التحديث الرأسمالي (ب) مركزة غرب أوروبا وشمال أمريكا في كل نشاط محلي أو عالمي (ج) عسكرة وعولمة الصهيونية السياسية وحروبها، فإن موضوعية الأنشطة الإشتراكية ستفك الربط النخبوي والربط الشعبوي بين هذه الأمور الثلاثة وهذا فك يرسخ ويحسن أشكال المعرفة والوعي والتعامل والتعاون الانساني والدولي لأن ربطهما صنع أعلى مراحل الإمبريالية والإحتكار الرأسمالي العالمي لقيم وموارد الأمن والسلم الدوليين.

بحكم سلبية ربط العناصر الثلاثة (الرسملة والغربنة والأسرلة) في تياري الليبرالية فإن الانفتاح على الأفكار والأنشطة الإشتراكية المنسقة بموضوعية علمية يمنع قيم وأنشطة الانفراد الرأسمالي وأنانياته الدموية من تكوين وترسيخ أعمال ونخب مسيطرة فالإنفتاح الثقافي والعملي يخفض الحصر التقدمي والرجعي للقيم والميثولوجيات والآيديولوجيات الليبرالية ويحسن نظر ونشاط المجتمعات ويمهد لتشييد بنيان جديد لأمور الحياة تزيد به إمكانات السلام بإنهاء الإستغلال الرأسمالي وبالعدل في توزيع الموارد والجهود والثمرات وإلغاء عشواء ومظالم التقدير والتوزيع الليبرالي. فالانفتاح بتفكير وقيم وأنشطة البناء الإشتراكية العلمية ينهي الأسس الطبقية والثقافية لأنانيات التكالب الوحشي على مقومات المعيشة ويشرك فئات ومجتمعات مختلفة في وقف الإنتاج الليبرالي للتفاوت الظالم ونظمه الطبقية والدولية وهو أمر يحسن هندسة عناصر وعلاقات الجمال ويخفض عوامل التفاوت المصطنع والتوتر والحروب في مختلف كينونات وأنحاء العالم.
إنتهى النص

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي