|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
هاني الروسان
2024 / 10 / 1
هل ستستوعب القيادة الايرانية اهداف التمرين الاسرائيلي في حزب الله قبل القضاء التام على الحزب وتسارع الى اعادة بناء موقف لا زالت امامة فرصة لاعادة خلط الاوراق وتحويل بوادر النشوة الاسرائيلية الامريكية بالانتصار الى مأزق ثم ازمة، ام انها ستواصل استراتيجية الصبر الاستراتيجي التي تحولت الى استراتيجية للتراجع وخلق شروط الهزيمة التاريخية، لا سيما وان سير العمليات العسكرية والاستخباراتية للجيش الاسرائيلي كشفت اكثر عن عمق التطابق في اهداف واشنطن وتل ابيب، وان مرحلة المناورة وتبادل الادوار بينهما قد اخلت لوضوح كامل في هذه الاهداف ان لجهة الاطاحة بالثورة الاسلامية في ايران او بدفعها للانكفاء والتقوقع خلف حدود من الجدران الفولاذية تضع حدا في نهاية المطاف للطموح الصيني في التمدد في الاقليم؟؟.
طبعا ونحن نطرح مثل هذا السؤال لا يخالجنا ادنى شك في انعدام ليس فقط اي توازن في القوة بين الولايات المتحدة التي تحولت الى طرف اصيل ومباشر في الصراع الدائر الان في المنطقة وبين ايران، او ان حلما يداعب مخيلتنا في قدرة هذه الاخيرة على هزيمتها، ولكن المؤكد ان قرارا بالمواجهة قبل فوات الاوان سيعيد خلط اوراق المنطقة بما قد يدفع اطرافا اخرى لتكون مكونا اضافيا في هذا الصراع المفتوح الذي يتميز عن غيره من الصراعات المفتوحة الاخرى التي شهدها الاقليم سابقا انه صراع دولي الطبيعة، حيث ستكون دولا كبرى معنية بتعميق جراح واشنطن ودفعها لتوسيع انتشار قوتها عبر اكثر من منطقة توتر في العالم لزيادة اعباء وكلفة هذا الانتشار وتاليا اضعافه والانسحاب كخيار محتمل وبديل عن صراع دولي اوسع نطاقا واشد خطورة.
وما يرجح امكانية من هذا القبيل ان العودة الى مرحلة المناورة وتبادل الادوار بين بايدن ونتنياهو منذ بداية حرب الابادة الجماعية على غزة، ان هذه المرحلة شهدت بعض الخلاف الجاد بينهما في بعض المحطات الحرجة حيث كانت تتفارق اهداف الطرفين اذ ان الولايات المتحدة كانت ستكتفي باستثمار ما حققته الحرب على غزة من خلال اقامة تحالف امني تقوده اسرائيل يوفر امكانية فعلية لمحاصرة محاولات التمدد الروسي الصيني، فيما اسرائيل كانت تمضي قدما نحو تحقيق حلم شمعون بيرز باقامة اسرائيل الكبرى سياسيا واقتصاديا في مرحلة اولى واقامة اسرائيل الكبرى جغرافيا بعد الانتهاء التدريجي من التحديات الديمغرافية في مرحلة ثانية.
واليوم اذ تجد الولايات المتحدة نفسها امام واقع جديد تمكنت خلاله اسرائيل من تحقيق انجازات نوعية ان على صعيد تفكيك الهيكل القيادي لحزب الله وتغييب امينه العام الشيخ حسن نصر الله نهائيا وما قد يترتب على ذلك من اثار وتداعيات، او تعميق العحز العربي ببعديه الرسمي والشعبي حيث لم يسجل اي انعكاس ايجابي لهذه التطورات على فاعلية الشارع العربي الذي خبا وتراجع منذ عدة شهور، اذ لم يعد على نفس الزخم الذي كان عليه مع بداية الحرب على غزة، لسبب وحيد وهو انه استشعر في بداية تلك الحرب امكانية للانتصار، ثم مع تقدم الوقت حوله الصمت الرسمي الى المراوحة في نفس المكان قبل ان ينكمش لاحقا وكأن شيئا لا يحدث في المنطقة، فانها اي الولايات المتحدة اليوم امام هذا الواقع الجديد لا تجد ما يمنعها من التماهي مع الاهداف الاسرائيلية التي يضاعف تحقيقها من احتمالات تحقيق اهدافها في احتواء نفوذ منافسيها على المستوى الدولي.
ولذا فان اي من مجريات المواجهة المفتوحة التي من شأنها ان تعيد للشارعين العربي والاسلامي زخمهما السابق، وتفقد دول الاعتدال العربي الامل في الاستمرار على المراهنة على الموقف الامريكي من جهة وتعيد التفارق بين الاهداف الامريكية واهداف الصهونية الدينية باقامة اسرائيل الكبرى من جهة ثانية ان يخلط الاوراق مجددا ويدفع واشنطن الى اعادة النظر في تحديد الاهداف، وان اي خطأ في التقدير خاصة لجهة منح المزيد من الوقت لاسرائيل الذي من خلاله ستقدم الدليل العملي للولايات المتحدة على سلامة استراتيجيتها وانها الاقدر على فهم المنطقة، لن يكون الا خطوة اخرى نحو فتح الملف الايراني وانهائه.
وهنا نحن لا نضيف جديدا للمعرفة الايراتية بالمتغيرات الجيوسياسية التي شهدها الاقليم منذ نحو من نصف قرن من اازمن، اذ ان ما افرزه تحرك مؤشر القوة بين قوى الاقليم من ناحية، وما نتج عنه من تغيرات في الابعاد القيمية لمكونات مفاهيم الصراع، قد انهيا العمل الاسرائيلي باستراتيحية العقيدة المحيطية التي ارسى قواعد العمل بها رئيس وزراء اسرائيل الاول ومؤسسها ديفيد بن غوريون، بعد ان صارت اسرائيل صديقا وحليفا لدول قلب الاقليم.
وفي الكلمة النارية التي القاها نتنياهو امام الجمعية العامة للامم المتحدة واعرب فيها عن عدم اكتراث اسرائيل بالامم المتحدة وكل قراراتها، كان شديد الوضوح بان اسرائيل قد انهت العمل بتلك الاستراتيجية وانها بصدد بناء تحالف اقليمي جديد احد اهم شروط نجاحه ليس فقط انهاء محاولات بناء علاقات تعاون وسلام مع دول المحيط بالعالم العربي، بل باضعاف تلك الدول التي باتت على قدر من القوة يفرض عليها منافسة اسرائيل في السيطرة على الاقليم.
وايران التي تدرك ذلك وما هو اكثر منه ربما لا تدرك خطورة تسرب بعض الاتجاهات والاجنحة السياسية الى مراكز صنعوالقرار فيها والتي تعمل على تأجيل المواجهة مع اسرائيل وامريكا بدعاوى مختلفة ولكنها في الواقع تؤسس لتخليق لحظة الانقضاض على ايران وتفكيك قوتها وانهاء دورها كمنافس اقليمي، وهو الذي سيتحول الى واقع يمهد لسيطرة اسرائيلية مطلقة على الاقليم ان لم تسارع ايران لخلط اوراق المنطقة وفتح الصراع على امتدادات افقية.
هاني الروسان/استاذ الاعلام في جامعة منوبة
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |