رد على موضوع التحول أو الانقلاب الفكري الكبير والالهام الذي حدث لدى الأستاذ صبحي حجو المحترم على موقع الحوار المتمدن يوم 24/9/2024

فلاح أمين الرهيمي
2024 / 9 / 29

تحية طيبة ...
يقول لينين في الدفاتر الفلسفية (فإذا صح أن ليس في العالم حوادث ننظر لها وإذا صح أن كل الحوادث مرتبطة فيما بينها ويكيف بعضها البعض الآخر بصورة متبادلة فمن الواضح أن كل نظام اجتماعي وكل حركة اجتماعية في التاريخ لا ينبغي الحكم عليها من ناحية (العدالة الأبدية) أو من ناحية أخرى أية فكرة أخرى مقررة سلفاً كما يفعل المؤرخون على الغالب بل ينبغي لنا أن نبني حكمنا على أساس الظروف التي ولدت هذا النظام وهذه الحركة الاجتماعية المرتبطين بها).
إن مرجع النظرية الماركسية إلى كارل ماركس المضاف إليه أنجلز كجزء عضوي لأنهما معاً أسسا النظرية طريقة جديدة ومنهج جديد بالرغم أن دور أنجلز لم يتجاوز المساعدة ومن ثم شرحَ لما جاء به ماركس ثم دخله بعد ذلك بسنوات لينين ... أن النظرية الماركسية منهجية / طريقة وتعتمد على وعي الواقع وتغييره من خلال الجدل المادي : التناقض والتراكم الكمي الذي يؤدي إلى تغيير نوعي وقانون نفي النفي أي كيف يمكن لدماغنا (عقلنا) أن يكون مادياً جدلياً ويكون الجدل المادي هو وسيلة تفكيرنا وعلى ضوء ذلك أجاب أنجلز قائلاً : (منذ أن أضحت الثورة علماً أصبح لزاماً علينا أن نعاملها كعلم أي يجب أن ندرسها ولقد استند لينين إلى هذا النص حينما تناول مسألة أهمية الوعي في تحقيق عملية التغيير عندما أراد أن يؤسس حزباً قادراً على تحقيق التغيير وانتصار الاشتراكية ولقد ظل لينين يشدد على هذه المسألة طيلة سنوات نشاطه ... كما أن ماركس يعد إنجازه النظرية الماركسية قال : (لقد انشغل الفلاسفة في تفسير العالم أما الآن فالمهم تغييره). كما أن لينين استفاد من أخطاء ماركس عندما اعتمد في ثورة / 1848 على الطبقة البورجوازية في قيادة الثورة وفشلها مما جعل لينين يعتمد على البروليتاريا بالتحالف مع الفلاحين في ثورة اكتوبر العظمى عام/ 1917 ودكتاتورية البروليتاريا في قيادة الحكم والثورة ... كما كان لينين قد اكتشف قانون التطور المتفاوت من خلال التركيب العضوي لرأس المال التي تغير المادة الخام تغيرت فاقترح عام/ 1912 استناداً إلى التركيب العضوي لرأس المال في أوربا وإلى وضع روسيا فاستنتج من ذلك أن الحلقة الأضعف هي روسيا وقد استعمل واستخدم الإحصاء والأرقام ليصل إلى هذا الاستنساخ فقام بتفجير ثورة اكتوبر عام/ 1917 ووضع لينين خطة انتقال البلدان المتخلفة إلى الاشتراكية متجاوزاً مرحلة الرأسمالية وقد برهن من أجل ذلك أي الانتقال من المرحلة الإقطاعية إلى الاشتراكية يجب إسقاط سلطة المستثمرين وإقامة سلطة العمال والفلاحين وترسيخ الثورة الديمقراطية وتوسيع نطاقها وترسيخ أقدامها وتنظيم الحياة السياسية والاقتصادية لهذه البلدان حسب المفهوم الاشتراكي العلمي في التخطيط والإنتاج والتوزيع وإعداد المجتمع للدخول إلى طريق التقدم الاشتراكي عن طريق الوعي الطبقي للكادحين المضطهدين والمحرومين عن طريق وجود حزب تقدمي يقود العملية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والانبعاث الاقتصادي والثقافي ذات المضمون الاشتراكي وكما قال لينين : (أنه لا ضرورة مطلقاً لتطور الرأسمالية ومن ثم القضاء عليها فيما بعد فيكون البديل عن الرأسمالية هو التطور اللارأسمالي الذي لا يشكل مرحلة وسطاً بين الرأسمالية والاشتراكية بل جزءاً أساسياً من خطة التحويل للمجتمع تحويلاً اشتراكياً ويعتبر تكنيك الماكنات القوة المادية لإمكانية الانتقال إلى الاشتراكية).
يقول كارل ماركس في موضوع (العمل المأجور ورأس المال) (لا ينبغي تحويل نظريته حول مراحل تطور البشرية بصفة عامة إلى نظرية فلسفية تاريخية حول الطريق الشامل المقدر لكل الشعوب أن تمر به مهما كانت الظروف التاريخية التي تحيط بها، فليس من المحتم على بعض البلدان والشعوب التي تخلفت في تطورها الاقتصادي لأسباب مختلفة أن تمر بكل المراحل، كما يمكنها أن تنتقل إلى الاشتراكية متخطية مرحلة الرأسمالية).
لقد وجد لينين وهو يواجه مهام قيادة الثورة البورجوازية الديمقراطية والانتقال إلى الاشتراكية تراثاً ماركسياً غنياً في جميع مجالاتها فكانت أعمال ماركس وأنجلز هادية له في تفكيره التي ينطلق منها إلى قمم النظرية العملاقة والتطبيق العملي الخلاق ... لقد تناول القائد العبقري الفذ لينين وعالج في كتاباته ومؤلفاته الكثيرة التي جمعت أربعة وخمسون مجلداً ضخماً يعالج فيها ويفسر من خلالها جميع الحلول العملية والتطبيقية لجميع المشاكل والصعوبات التي تجابه المجتمع البشري وأصبح يتمتع ويمتاز بعبقرية النظرية الماركسية وظل يكن التبجيل العظيم والاحترام الفائق لمؤسسي النظرية الماركسية العلمية (ماركس وأنجلز) ويتخذ منهما موقف التلمذة وكان يردد في أحاديثه أنه غالباً ما كان يلجأ إلى ماركس ويستشيره ... وكان حينما يكتب موضوعاً أو كتاباً يراجعهما عدة مرات ثم يعرضهما على رفاقه من المفكرين والباحثين ... كما لم يقف لينين العبقري الملهم من النظرية الماركسية موقف المتعبد في محرابها بل تمسك بالحياة والواقع الموضوعي ... لقد عاش لينين أربعة وخمسون عاماً وقد مات بعد سبعة سنوات من انتصار ثورة اكتوبر عام/ 1917 وقد قالت زوجته الفاضلة (كروبسكايا) أن لينين ذاب من الإرهاق والتعب حيث كان يقضي عشرون ساعة في الاجتماعات والخطب والعمل ولا ينام أو يستراح سوى ساعتين في اليوم.
لقد سافر وفد من الاتحاد السوفيتي إلى كوبا وكان مع الوفد رفيقه وصديقه (يونسيف) فسأله أحد الشيوعيين : (ماذا كان وضع العالم لو كان لينين حياً) فأجابه يونسيف لو كان لينين حياً لرأيت العالم غير ما تراه الآن .. وزار وفد صحفي أمريكي الاتحاد السوفيتي بعد ثورة اكتوبر عام/ 1917 فتجول الوفد بأنحاء الاتحاد السوفيتي وعند عودته اجتمع مع لينين وسأله بعد مشاهدتهم للفقر والقهر وضع الاتحاد السوفيتي وسألوه (كيف تستطيع إعمار هذا البلد المتهدم ؟ فقال لهم لينين : زوروا الاتحاد السوفيتي بعد عشرة سنوات وسوف تشاهدون كيف تطور هذا البلد) فتعجبوا ووصفوه بـ (عبقري الكرملين).
إن الأستاذ صبحي يقصد في مقاله القوى التقدمية التي تعتنق الفكر الماركسي أن تصطف إلى جانب الرأسماليين في إنجاز وتطور جميع وسائل الإنتاج إلى مرحلة متقدمة والشعب يمتاز بالثقافة والوعي الفكري الرفيع عند ذلك تناضل وتكافح القوى التقدمية من أجل إسقاط النظام الرأسمالي وبناء النظام الاشتراكي وقد انظم إلى المحرفين كاوتسكي وبرتشتاين في قيام الثورة متحجبين بوجود امتدادات للنظام الرأسمالي ويجب تأجيل الثورة.
إن السبب في تفكك الاتحاد السوفيتي وانهيار الأنظمة الاشتراكية في دول أوربا الشرقية هو الانحراف والتشويه للنظرية الماركسية الذي سببه ستالين عند توليه السلطة في الاتحاد السوفيتي بعد وفاة لينين عام/ 1924 وتواصل النخبة من بعده مالتوف ومكوبان وكوسحين وخروتشيد وبولفانين بعده ثم جاء عميل المخابرات الأمريكية غورباتشوف (عدو الشيوعية) إلى السلطة الذي عمل وسعى إلى تفكك وانهيار الاتحاد السوفيتي حسب قاعدة (إذا عجز التطبيق من متابعة النظرية فلابد من وجود خلل في التطبيق) والآن يجب صياغة النظرية الماركسية بشكل جديد حسب قاعدة (النظرية الماركسية) لأن النظرية الماركسية قد انتهت بعد تفكك الاتحاد السوفيتي وانهيار الأنظمة الاشتراكية التابعة له والآن يجب صياغة النظرية الماركسية على أساس أنها (منهجية/ طريقة اعتماداً على وعي الواقع وتغيير من خلال الجدل المادي : التناقض والتراكم الكمي الذي يدي إلى تغيير نوعي وقانون نفي النفي) أي كيف يمكن لدماغنا (عقلنا) أن يكون مادياً جدلياً ويكون الجدل المادي هو وسيلة تفكيرنا ... الرجاء النظر إلى كتيب (دفاعاً عن النظرية الماركسية الجزء الثاني) لكاتب السطور على موقع الحوار المتمدن.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي