تأملات جنسية سريعة

أمين بن سعيد
2024 / 9 / 23

المقصود بالجنس الفعل الجنسي/ العملية الجنسية الصرفة، والموضوع ليس للكبار كما يُعرف عادة عن المواضيع المتعلقة بالجنس، بل للصغار أيضا ويمكن حتى تدريسه في المدارس الابتدائية.
سؤال أول سيخطر ببال القارئ: هل العملية الجنسية تستحق "التأمل" والتأمل عادة يخص قضايا فكرية وفلسفية عميقة لا فعلا تفعله حتى الحيوانات؟ السؤال الثاني: ماذا يفعل موضوع كهذا في محور الفلسفة فهل ممارسة الجنس فلسفة؟
قلتُ الموضوع يخص حتى الأطفال، والأطفال قبل الكبار يعرفون مقولة العقل السليم في الجسم السليم، الجنس حاجة يجب اشباعها لسلامة الجسم والعقل، العقل إذا لم يكن سليما لا يستطيع الابداع وإنتاج حضارة: الشعوب المكبوتة شعوب متخلفة بالضرورة، "قاعدة" لا يُمكن لعاقل منصف التشكيك فيها، بل سأزعم أنها "حقيقة علمية" أعطي عليها دليلا إحصائيا مُشاهَديا وهو: الدول المتقدمة علميا وتكنولوجيا وعسكريا واقتصاديا لا يوجد فيها كبت جنسي (الدول الغربية، اليابان، روسيا، الصين...) بعكس الدول المتخلفة التي يحكمها الكبت (العالم الإسلامي)، مع ملاحظة تزامن تخلف أوروبا في العصور الوسطى مع الكبت ذي الأصل الديني المسيحي. توضيح: المشاهدة أثبتت ما قلتُ، النتائج المستخلصة -ولنبقى علميين- لا تقول اقضِ على الكبت تتقدم بل قالت هناك تزامن وترابط وثيق بين الإثنين قديما وحديثا. تشبيه مع ما حصل أيام الكوفيد: أقارن بين أمريكا والنيجر، الأولى غنية وحقنتْ شعبها بنسبة عالية، الثاني فقير لا يوجد فيه حتى ماء صالح للشراب في مناطق كثيرة، لم يحقن لأنه لم يستطع شراء الحقن. الأكذوبة قالت أن الحقن ستنقذ البشرية من الهلاك، بمقارنة الشعبين الأمريكي والنيجري أجد أن الوفيات كانت أكثر في أمريكا وأن الشعب النيجري لم يفنَ، النتيجة التي أستخلصها أن الادعاء باطل ولا يُسنده الواقع (لو كانت الحقن تنقذ من الموت لفنى شعب النيجر ولكانت نسبة الوفيات في أمريكا وغيرها من الدول الغنية منخفضة). اعتراض سيأتي، وهو أغلب دول أمريكا الجنوبية، لا يوجد فيها كبت لكنها فقيرة ومتخلفة، وأيضا إذا قلنا أن القنبلة النووية "تقدم" فالباكستان يحكمها الكبت بعكس كوريا الشمالية... والجواب ببساطة من شقين: الأول أغلب مناطق/ سكان العالم انطبقت عليهم الملاحظة (تزامن الاشباع الجنسي مع التقدم) ولا يُمكن تجاهل ذلك في أي دراسة إحصائية موضوعية حتى وإن لم يوجد ذلك في أماكن أخرى كأمريكا الجنوبية. الثاني: التزامن المشار إليه ليس علاقة سبب بنتيجة، التدخين لا يُسبب السرطان (الآلاف يُدخنون ولا سرطان) لكنه من أهم العوامل المساهمة (ملايين المصابين بالسرطان يدخنون).
كلمة "قاعدة" التي استعملتها يمكن التدليل عليها حتى منطقيا، ومن مثال الشعوب الإسلامية المتخلفة... الإسلام دين الجسد بامتياز، ومنظومة جنسية بائسة، وبؤسها حقا عظيم! حيث كان الجنس المحرك الرئيسي لنجاح الحركة المحمدية على الأرض (اغزوا تبوك تغنموا بنات الأصفر) وحتى في السماء المزعومة (الحور والولدان)، وبرغم أن الإسلام كنصوص أباح تقريبا كل شيء، نجد الفقهاء قد حرموا المسلمين من كل شيء! فتراهم اليوم يتكلمون عن قداسة الزواج وتحريم الجنس قبله في كثير من الدول برغم إباحتهم لبعض الجنس في بلدان أخرى كأنواع الأنكحة الكثيرة وأيضا بطرق قذرة غير مباشرة لا يعيها أغلب المسلمين كإباحة كل شيء للزوجة حتى لو علم زوجها بحملها من غيره والولد غصبا عنه يُنسب له فيما يُسمى بـ "الولد للفراش"، وإن لم يحدث حمل تحت مُسمى "امرأتي لا ترد يد لامس"... نتيجة كل هذا، ثقافة يغلب عليها الشبق الجنسي لكن مع الكبت، وبذلك يكون المسلم إنسانا مشوها يأخذ الجنس حيزا كبيرا من تفكيره ومن طاقته، والنتيجة ستكون قلة إبداعه وإنتاجه وبالتالي تخلفه وتخلف مجتمعه: الذي قيل هنا تقريبا "معادلة رياضية" لا تستوجب أي دراسات لإثبات صحتها، الجنس كالأكل: فكيف سيعمل ويفكر ويبدع من بطنه خاوية؟
الذي سبق يخص المجتمع، لكن ماذا عن الفرد؟ تقول الثقافة السائدة أن إشباع الحاجات الجنسية يتم عبر الزواج "المشروع"، وهي ثقافة عربية بدوية صعلوكية كانت من أهم أسباب نجاح الحركة المحمدية: الجيش الغازي عادة ما تكون سواعده عزباء، وتلك السواعد لا تستطيع الزواج لفقرها، والجيش المحمدي كان أغلبه من صعاليك غفار والأوس والخزرج (صعاليك يثرب)، لذلك كان تحريضها على القتال لتغنم النساء وإن قُتلت فهي في الجنة مع الحوريات. هذه الثقافة البدوية تُفسر لنا اليوم ظواهر كثيرة في المجتمعات الإسلامية كالخيانة الزوجية والطلاق وقبلهما البيئة الغير صحية التي يعيشها الأزواج والتي ينشأ عنها القلق وعدم الراحة وعدم الاحترام والعنف قبل الخيانة والطلاق، والأصل في كل ذلك الكبت حتى بين الأزواج! أي تلك الحاجة الجنسية التي لم تُشبع...
تبدأ المشكلة مع غياب ثقافة الحوار، الجنس موضوع تابو لا يُتكلم فيه، وإن تُكلم فبإيجاز وتلميح وسرعة... النتيجة، قد يرتبط شخصان ببعض وهما غير متلائمين جنسيا، أي وأعطي أمثلة للتأمل... هناك نساء ورجال تكوينهم الجسماني/ الجيني/ الفيسيولوجي جعلهم غير نشطين جنسيا أي مثلا حاجته/ ـها خمس دقائق مرة في الأسبوع أو الأسبوعين أو حتى الشهر بل الأشهر، الشخص ليس مريضا ولا يحمل ميولات مثلية بل هو/ هي هكذا، الشريك إذا لم يفهم سيراها لا تحبه و... أكيد! تخونه مع غيره! في حين أنها عاشقة له ولم تفعل شيئا مما ظنه فيها، والذي نوعا ما عنده فيه شيء من المنطق؛ فكيف يُفسر ذلك الجاهل المسكين "برود" بنت العشرينات أو الثلاثينات وهي من المفروض في قمة طاقتها ورغبتها؟ قد تكون من المثقفات وصاحبة مستوى مرموق، وقد يُجبرها مرة، فيكون ما فعله اغتصاب لن تستطيع مغفرته له. إذا لم يُفكر في أنها لا تريده أو تخونه، فهو سيعيش بحاجيات غير مشبعة ستؤثر على مجرى حياته، فإما سيواصل معها بنقصه وحياته معها لن تكون نعيما، وإما سيبحث خارجا وبالتالي يسقط في المحظور والذي عادة ما يدفع ثمنه الأولاد، أي -وللتأمل- أسرة تُدمر وأطفال تُشرد بسبب ماذا؟ بسبب فعل يفعله حتى الدجاج والحمير وإنسانان عاقلان يعيشان في هذا القرن لم يستطيعا فعله؟ أليس الأمر مثيرا للشفقة والاشمئزاز؟ ألا يحق لنا أن نعجب من ضحالة عقول البشر ومدى سذاجتهم وجهلهم حتى بأبسط الأمور التي يمكن أن تُدمر حيواتهم؟! سؤال لن يغيب هنا: كيف يكون أو يكونان مثقفين ومن أصحاب الشهادات المرموقة ويحصل بينهما هذا الذي من المفروض يحصل بين العوام والرعاع؟ والجواب بسيط جدا: لا يوجد كلام في الجنس ونفس الثقافة البدوية التي تحكم حياة الرعاع تحكم حياة من يُنسبون للثقافة والمعرفة والمستويات العالية: أنقل لكم هذه الطرفة، أستاذ جامعي معروف بتحرشه بالطالبات، كان يحاضر في مدرج وأمامه في الصفوف الأولى عدد كبير من الجميلات، الرجل كان "منتصب القامة" ولم يشعر بتفطن الطلبة له وضحكهم عليه، وما إن تفطن حتى جلس وراء المكتب وواصل درسه وهو جالس، أي لم يستطع مقاومة انتصابه الذي تواصل بقية الدرس ولذلك لم يقف! الأستاذ عمره وقتها كان في الخمسينات. مثال ثاني والأمثلة ليست حالات شاذة بل وقعتْ في زمن لم يكن فيه البورن متاحا مثل أيامنا، تخيل معي مهندسة جميلة بشوشة طموحة مثقفة من عائلة مرموقة... تقريبا كاملة الأوصاف! لماذا قطع حبيبها معها علاقته التي من المفروض كانت سائرة إلى الزواج؟ السبب بسيط: عندما تمارس الجنس، لا تصل نشوتها إلا بالعنف... ستقول كثير من النساء هكذا، وأقول لا! هي من تُمارس العنف عليه لا أن يُمارس عليها، والعنف شتائم يخجل من قولها حتى الصعاليك المجرمون! وبما أنه لم يقبل، تدهورتْ العلاقة وانتهتْ، طبعا الظاهر للجميع كان غير الحقيقة والحقيقة كانت رغبتها! المثال المذكور، كان فيه جنس قبل الزواج، لكن ماذا لو وقع زواج وأطفال؟ الطريق حتما ستكون الخيانة وستبحث الزوجة عمن يُشبع لها رغبتها تلك... لمن سيقول هنا، أن هذا مثال شاذ، أقول السادية والمازوشية موجودتان عند كل البشر: من ساديتكَ أنك لا تضحك عندما ترى شخصا يمشي لكن عندما يسقط ستضحك وكلما كانت سقطته مؤلمة كلما راقك ذلك وأضحكك. من مازوشيتك أنكَ أحيانا تُفضل الضيق على الاتساع والخطر على الراحة، مثال طالب لا يدرس إلا عند اقتراب الامتحان، يستطيع أن يدرس بكل راحته لكنه لا يفعل ويقول أنه يريد أن يشعر بطعم النجاح. السادية والمازوشية ككل شيء يكون الإنسان إذا تجاوز الحد صار مُشكلا ومرضا، لكن تبقى المشكلة فيمن يحدد الحد، البشر مختلفون وكل وحده. في الأمور الجنسية إذا لم يتفق الشريكان على نفس الحدود، الحياة التي ستتبع ذلك ستكون جحيما لا شك في ذلك. العنف اللفظي الذي يُوصل إلى النشوة، هو قطرة من بحر اختلاف درجات البشر فيما عندهم من سادية ومازوشية، أمور أخرى كثيرة لا أستطيع ذكرها -وقلتُ أن المحتوى يمكن أن يُقال للأطفال-، والقارئ أكيد عنده منها الكثير، وأسأله/ ـها: لماذا لا تستطيع عيش ما تريد مع رفيقتكَ/ زوجتكَ؟ وإذا كانت المسألة عظيمة عندكَ فهل يُقعل أن تُمضي حياتكَ لا تراها إلا على النات؟ ولأطمئنكَ: مهما كانت رغباتكَ أنتَ لستَ شاذا ولا مريضا! فقط يلزمكَ من عندها نفس الرغبات والحدود، الشذوذ وتجاوز الحد والغير مقبول والغير معقول الذي سأراه أنا هو موقف شخصي يعود لي مع شريكتي ولا يخص غيري، مثال العنف اللفظي هناك من يقبلونه ويعيشون معا أبدا حتى يصيرون عجائز منسجمين سعداء. وأذكّركَ بأن الفعل الجنسي يخص راشدين متوافقين وخارج المحارم، أي بعيد عن الأطفال والجنون (راشدين) والابتزاز/ الاغتصاب (متوافقين)... هذا هو الإطار والقانون الذي يحكم أي علاقة جنسية، ما يوجد داخلها، ومهما كان، أمر لا يهم إلا أصحابه، وما داموا سعداء فلهم ذلك وإن فعلوا ما لا يقبله كل سكان الأرض. وقفة منصفة مع المتدينين هنا: أي من يحرمون الجنس قبل الزواج، أقبل موقفهم في حالة وحيدة: إذا تكلما بالتفصيل في رغباتهما الجنسية وحدودها، وأظن أن ذلك مع ثقافة الكبت والشرف والحشمة المزعومين مستحيل الوجود، وحتى إن وُجد، فالكلام شيء والتطبيق شيء آخر وما أكثر من يقولون ولا يفعلون... ولا يستطيعون حتى لو رغبوا وأرادوا! الفعل الذي يفعله حتى الدجاج ليس كل الناس يستطيعون فعله، كل الناس يأكلون ويطبخون لكن لماذا عندنا من طعامه لذيذ ومن طعامه مقزز مقرف ولا يُأكل أصلا؟ ولماذا أكل هذا ألذ من ذاك؟ سؤال بسيط هنا: هل مثلا التقبيل شيء بسيط؟ إن كان كذلك لماذا يختلف فيه البشر؟ هل هو علم؟ إن كان كذلك أين الكليات التي تُدرّسه وتُعطي الشهادات فيه؟ نسمع كثيرا عن قبلة هزّت الفؤاد والوجدان لكننا نتجاهل قبلة كأننا قبّلنا شجرة أو حائطا أو... ميتا ولسنا من جماعة نكاح الوداع!
أخيرا، والإطلالة سريعة، ومجرد تأملات... الجمال ويليه الجنس شرطان أساسيان لكن غير كافيان في ذاتيهما، وهنا نرى عبث بل وسفه من يرتبط بامرأة لا شيء عندها غير جمالها، مع احترامي لكن ما الفرق بين فاعل هذا وبين بورن ستار يمضي شهرين أو ثلاثة مع "زميلة" "يعمل" معها بصفة حصرية؟ (شرط غير كافي) لكن نرى أيضا عبث وسفه من لا يُعط الموضوع حقه من الأهمية (شرط أساسي) فيمضي حياته إما خائنا سارقا وإما مثيرا للشفقة وحده في حمامه والمدام تشخر في سابع نومة!
ملاحظة أولى عن الطلاق: قد يقول قائل، الرجل في المجتمعات الإسلامية قد يُطلّق زوجته في لعبة ورق، والمسكينة في المنزل لا علم لها، وأنت تقول ما قلتَ، وأجيب: لم يخفَ ذلك عليّ، لكنه لا يحدث في تونس.
ملاحظة ثانية عن الأطفال: كثير من السذج المخدوعين بعظمة الغرب وبمنظمة صحته العالمية، لا يرون أي خطب مع المحاولات الحثيثة لتشريع وتحليل البيدوفيليا، ويرون بلعهم لطعم أولئك المنحرفين "تحضرا" و "تقدما"، ما قيل يمكن أن يكون بديلا لهؤلاء، والأطفال يجب أن يُدرَّسوا المفهوم الحقيقي والأبدي للعلاقة الجنسية: (علاقة بين راشدين متوافقين خارج المحارم)! الطفل ليس من حقوقه الجنس! وإن قبلنا ذلك في مراهقته، فلا يمكن أن تكون حياته الجنسية إلا مع مراهق مثله لا مع الكبار! أولئك لا يمكن بأي حال تعريفهم خارج هذا الإطار: "منحرف جنسي/ مجرم مغتصب/ مريض" وليس Minor Attracted Person كما يُسوَّق المنحرفون الشواذ في الغرب! أي "أنا أنجذب للنساء، الآخر للرجال، الآخر لمن تكبره سنا، وهو للصغار... ما المشكلة؟ ميول جنسي كغيره! ولماذا كل هذه الرجعية والتخلف والعنصرية تجاه من يختلفون عنكَ؟ هل تريد أنتَ مثلا أن يقال عنك أنكَ منحرف ومريض لأنك تريد تلك المرأة؟ وعلى كل حال عجلة التقدم دائرة ولن تتوقف! ولن يوقفها المتخلفون المتعصبون أمثالكَ! منذ فترة قصيرة كانت المثلية تُصنّف كانحراف ومرض عقلي، انظر الآن كيف قُبلت"... هذا هو منطق من يسعون لتشريع البيدوفيليا، جماعة حقوق الطفل الجنسية، والبرامج تُدرَّس في المدارس الغربية اليوم وأحيانا كثيرة يقوم بذلك دراغ كوين!! ومن يرفض ذلك "قومي شوفيني كاره للمهاجرين والمثليين" وطبعا!! الملح الذي لا يغيب عن طعام: "معادي للسامية"!!

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي