اثر الحرب علي الاقتصاد السوداني:تحديات التنمية المستدامة

حسن بشير محمد نور
2024 / 9 / 22

بروفيسور حسن بشير محمد نور
اثر الحرب علي الاقتصاد السوداني: التحديات امام التنمية المستدامة

لقد كانت الحروب والنزاعات المستمرة في السودان، التي تعمقت بعد حرب ابريل 2023 الجارية الان، والتي ضربت البلاد في ام رأسها في العاصمة وولاية الجزيرة وامتدت لجميع مناطق دارفور ومساحات واسعة من ولايات كردفان وصولا الي ولايات سنار والنيل الأزرق،ومناطق في ولاية القضارف والحبل عي الجرار. لهذه النزاعات عواقب عميقة على البنية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد. الحرب، بطبيعتها، تدمر البنية التحتية، وتعطل التجارة الداخلية والخارجية وتعطل الاستثمار، وتعيق عمليات التنمية بمختلف انواعها. في السودان، كانت العواقب شديدة بشكل خاص، مما خلق اقتصاداً ريعي يعتمد بشكل كبير على الصناعات الاستخراجية، كما كان الحال مع النفط ثم التنقيب عن الذهب اضافة للمحاصيل الزراعية والثروة الحيوانية، مع إهمال كبير للقطاعات الرئيسية اللازمة للاستدامة على المدى الطويل، مثل التمية الزراعة المرتبطة بالتحديث وتصنيع القيم المضافة للسوق المحلي وللتصدير علي حد سواء، اضافة لتطوير رأس المال البشري، وقد كان لعدم الاستقرار السياسي والامني المتطاول الاثر الاكبر في تعطيل عمليات التنمية والنمو الاقتصادي والتسبب في جعل السودان من الدول الاكثر تخلفا في العالم.
أحد الآثار الرئيسية للحرب هو الاستنزاف الكبير للقوى العاملة في السودان، إما من خلال التهجير وتعطل الاعمال الخاصة والعامة الي حد كبير، اضافة للتجنيد في الفصائل المسلحة والمستنفرة. تعاني المناطق المتأثرة بالنزاع من هجرة جماعية، مما يؤدي إلى فقدان المواهب والخبرات والابتكار المحتمل المصاحب لعمليات تعطل التعليم العام والعالي وتفشي البطالة علي مستوي جماهيري واسع النطاق. تصاحب ذلك مع هجرة واستنزاف العقول، مما فاقم من تدهور قدرة السودان على توليد حلول محلية مستدامة للتحديات الاقتصادية والتنموية.

كما أن الحرب قد أوقفت تماما الاستثمار في البنية التحتية الحيوية، مثل النقل والطاقة والرعاية الصحية، وتعطل العمليات التعليمية التي تعتبر في غاية الاهمية لتعزيز القدرة الاقتصادية. على سبيل المثال، أدى تدمير الطرق والجسورذات الطبيعة الهشة، كما حدث من جراء الامطار والسيول التي اجتاحت مناطق واسعة من البلاد إلى تعطيل التجارة الداخلية وعزل المجتمعات الريفية عن الأسواق المحلية، مما احدث اختناق في الانتاج الزراعي حتي علي المستوي المعيشي الضامن للحياة - وهو القطاع الذي يشكل العمود الفري للاقتصاد السوداني وللامن الغذائي علي وجه التحديد-. بالإضافة إلى ذلك، فإن تدهور نظم التعليم والمرافق الصحية يزيد من زعزعة استقرار رأس المال البشري، مما يحد من آفاق مستقبل الأجيال القادمة.

لكي يبدأ السودان في مسار التنمية المستدامة، فإن السلام هو الأمر الأساسي الذي لا بديل عنه وكلما تاخر تحقيقه تفاقمت الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية وارتفعت تكاليفها وربما استعصي بعضها علي العلاج. المطلوب اذن لضمان أي مستقبل للبلاد، أن تتركز الجهود الوطنية الدولية الرامية إلى السلام وإعادة الإعمار على سياسات اقتصادية شاملة تعزز التنوع والتحديث وتراعي قواعد التنمية المتوازنة والعدالة الاجتماعية وتراعي نظام جديد في ادارة الموارد وتوزيعها واعادة توزيعها وقسمتها.
يمكن أن يشكل الاستثمارات في الطاقة المتجددة، وخاصة الطاقة الشمسية وانتاج الوقود الحيوي افاقا واسعة في تسريع عمليات التنمية بعد الحرب، اضافة لاهميتها في معالجة نقص الطاقة الضرورية للانتاج والانتاجية بينما تخلق فرص عمل مهمة، يضاف ذلك بالطبع للاستثمار في البنية التحتية وقطاعات الانتاج الحقيقي وتطوير تنافسية القطاع الخاص الوطني.
علاوة على ذلك، فإن إعادة تأهيل القطاع الزراعي وتشجيع المشاريع الصغيرة ستعزز الأمن الغذائي وتقلل من مستويات الفقر الاعتماد على الواردات.

بشكل عام في حين أن حالة الحرب الحالية تفرض عقبات كبيرة أمام انعاش وتعافي الاقتصاد السوداني وتمزق النسيج الاجتماعي، فإن مستقبل التنمية المستدامة يكمن في السلام، والحكم الرشيد والحوكمة، والتعبئة الاستراتيجية لموارده الطبيعية والبشرية لتعزيز القدرة التنمية واستدامة النمو. جميع الطرق مقفلة نحو تحقيق أي مستقبل للتنمية المستدامة في السودان تضمن الاستقرار ورفاهية الاجيال المقبلة، ما عدا طريق واحد فقط هو (طريق السلام).

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي