اسطورة الغائب والكرامات لدي خيري بشارة بين التشريح الانثروبولوجي وجمال المرئيات

محمد احمد الغريب عبدربه
2024 / 9 / 20

مقدمة
يبدأ الفيلم بدندنة أغنية عن الغربة والبحث عن المجهول، كأنة رسالة للمشاهد حول قضية رجال التراحيل والانتظار، وتأتي المشاهد في انتظار الابن مصطفي الذي غاب عن الاهل لسنوات، فيلم الطوق والأسورة المنتج عام 1986 وعن قصة يحيي الطاهر عبدالله واخراج مخرج الروائع خيري بشارة، فيلم عن القيود والاساطير والخرافات، ملحمة درامية عن قرية الكرنك بالصعيد. والبحث عن الابن هو البحث عن الحل، وان الحياة تتمحور حوله، وحول رحلته وغيابه، والابنة فهيمة والام حزينة ينتظروا طوال الفيلم مقتنعين الخرافات والكرامات وحقيقة الانتظار.
مرئيات
أجادت الكاميرا في تجسيد معاناة القصة والتفاصيل الدرامية حول البؤس والفقر والكرامات والاسطورة، وتم االاستعانة بتقنية اللقطة القريبة، ليقترب المشاهد من الشاشة ويكون جزء منها. وجاءت الاضاءة وتوزيع العناصر التكوينية في حركة الكاميرا متوزانة، وهناك الكثير من الجماليات في المشاهد رغم سرعة الاحداث والقطع سريع نسبيا في المونتاج مما قد يؤثر في حجب هذه الجماليات، وهي جماليات الشروق والغرب والنيل، والتكوينات داخل الببيوت وبعض المشاهد الفولكورية.
ثقافة الصعيد
نلاحظ تشريح انثروبولوجي لثقافة قرية الكرنك بالاقصر المعتمدة علي الاسطورة والتقاليد والكرامات وانتظار وايضا الالتحام بالحياة، وتدخل العلاقات الاجتماعية الي ابعد مدي، ويتعرض الفيلم ايضا لثقافة الصعيد تشريحيا لكثير من الحالات والتفاصيل مثل الزواج والعجز الجنسي، والبحث عن الحلول عن طريق الخرافات واصحاب الكرامات، والعنف والفقر والجهل، وهناك تعليق بأن هذا التشريح يعرض الثقافة بشكل سلبي دون ابراز اي ايجابيات، فالامر ليس له وجه واحد فقط، وايضا يعرض الفيلم دور الانثيبشكل منكسر وضعيف وصبور، دون النظر الي دور المرأة الصعيدية والقروية، إلا ان هذا التشريح اجاد في اصابة جزء من عين الحقيقة.
وهذا الجانب الواحد للثقافة القرية، جاء لأن هناك نظرة واقعية تبناها الكاتب ومخرج الفيلم، والانتماء الي المدرسة الواقعية التي تمتلئ بالبؤس والواقع المرير والشقاء والتفاصيل السلبية الحقيقية دون تجمل او ابراز اي شئ متقدم.
مزج الحكايات
استطاع بشارة مزج الكثير من الحكايات في حكاية واحدة هي حكاية الفيلم الرئيسية، وهناك حكاية الام حزينة، وحكاية البنت فهيمة التي تنتظر الاخ مصطفي، وحكاية بخيث البشاري كبير العائلة، والحكاية الاهم حكاية مصطفي رجل التراحيل والغياب، وهناك الكثير من الحكايات منها حكاية الطاحونة التي يرفضها اهل البلد لأنها تحتاج دماء لكي تعمل وهي اسطور يقتنع بها الرافضون، وكانت المشهدية حاضرة لتضفير تلك الحكايات دون الاخلال في عرضها ودون دسامة حضورها متشابكة مع بعضها البعض.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي