|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
سليم يونس الزريعي
2024 / 9 / 20
من الطبيعي عندما تستعرض ما يصدر عن حركة فتح وعنوانها السلطة الفلسطينية وعن حركة حماس على لسان مسؤوليها، أن تكتشف بسهولة أن هناك فارقا كبيرا في منطق ومقاربات الجانبين من مفهوم الوحدة واليوم التالي للحرب على غزة.
ففيما تتجاهل الجهتين ما سبق أن اتفقتا عليه فيما سمي إعلان بكين عن الوحدة الوطنية لمواجهة محرقة غزة بتشكيل "حكومة وفاق وطني مؤقتة بتوافق الفصائل وبقرار من الرئيس الفلسطيني".
فإن المراقب يستطيع وبسهولة أن يخمن نوايا الطرفين، وهو أن كلا منهما له ليلاه التي يغني عليها, من ذلك ما أكده الرئيس محمود عباس خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، عقب لقائهما في العاصمة مدريد عن عزم دولة فلسطين على استلام دولة فلسطين لولايتها في قطاع غزة إلى جانب الضفة الغربية والقدس الشرقية، وأنه سيتوجه إلى قطاع غزة مع القيادة الفلسطينية والأمين العام للأمم المتحدة ومن يرغب من ممثلي الدول والمنظمات الدولية،" ويؤكد أن أوبة السلطة هي "وقف العدوان على شعبنا وأرضنا ومقدساتنا، والانسحاب الكامل لقوات الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة وإعادة الإعمار والذهاب لعملية سياسية تنهي الاحتلال وتحقق الأمن والاستقرار والسلام للجميع في المنطقة".
لكن الرئيس لم يذكر كيف يكون ذلك قبل الوصول إلى موقف فلسطيني موحد من كل ما يجري في غزة والضفة، فيما جيش الاحتلال ينتشر في غزة؟ في خين تعتبر بقايا سلطة حماس من جهتها أنها صاحبة الحق في ذلك وهو ما سماه خالد مشعل "الهيمنة"، كونها هي التي تقاتل العدو، وما يزال نفوذها حاضرا عبر أدواتها الأمنية الناشطة في القطاع رغم التذمر والنقد المتزايد من السكان لدور حماس، التي لا يهمها سوى مصالحها على حساب دماء الغزيين.
هذا الشعور من قبل سكان غزة الذي وصفهم خالد مشعل بأنهم أقلية موقف بعيد عن النزاهة بمعناها الفكري والأخلاقي، وكأن نكبة غزة أمر مرحب به ممن عاشوها، وهي التي طالت كل سكان غزة، دون أن يعني ذلك عدم وجود مؤيدين لحماس من أصحاب الولاء والبراء والمرتبطين ماليا بها كسلطة، وكذلك من القوى الأخرى التي التحقت بمشروع حماس من الفصائل.
وأي قراءة في خطاب حماس من جهة، وموقف الرئيس عباس في استعادة السلطة في غزة ، الذي يأتي وكأنه نوع من الفرض على حماس الذي لا يختلف اثنان أنها لن تفرط بسهولة في سلطتها المطلقة في غزة هكدا دون حصة ترضيها .. كونها الأحوج إلى غطاء وطني فلسطيني في ظل وسمها بالإرهاب.. وهي تستطيع أن تعرقل جهود السلطة في استعادة القطاع الذي هو بالمعني الوطني حق وواجب يعلو التقسيم الفصائلي.
وريما هذا يحتاج إلى تغيير في ذهنية البعض من مسألة الوحدة والوطن في كليته.. أي مغادرة مفهوم الاستحواذ ونفي الآخر والأسوأ، هو مفهوم الهيمنة عندنا يكون مكونا حاضرا بقوة في فكر طرف فلسطيني، لأن دلك يعني ببساطة، أنه إن لم يكن نفيا لبقية القوى فهو تهميش لها، لتكون تابعة له باعتباره المركز الذي تدور حوله كل قوى المشهد الفلسطيني..
هذا النزوع المفارق عبر عنه زعيم حماس في الخارج خالد مشعل في مقابلة مع صحيفة "نيويورك تايمز" في الدوحة عندما قال من أنه واثق من أن الحركة ستلعب دورًا مهيمنًا في غزة بعد الحرب، والهيمنة تعني: سيطرة مجموعة على أخرى، التي غالباً ما تدعمها معايير وأفكار شرعية. وكثيرًا ما يستخدم مصطلح الهيمنة اليوم كاختصار لوصف المركز المهيمن نسبيًا لمجموعة معينة من الأفكار وما يرتبط بها من ميل إلى أن يصبح أمرًا شائعًا وبديهيًا، مما يَحول دون نشر الأفكار البديلة أو حتى التعبير عنها. ويستخدم مصطلح المهيمن لتحديد الفاعل أو الجماعة أو الطبقة أو الدولة التي تمارس قوة الهيمنة أو المسؤولة عن نشر أفكار الهيمنة.
وربما يعتبر البعض أن هذا النزوع نحو الهيمنة أمرا طبيعيا لقوى تمتلك معطيات ذلك بشكل موضوعي وليس من منطلق إرادوي، لكن ليس بوسائل القهر والغلبة سيما في الحالة الفلسطينية. وهو ما يجب أن يعيه الكل الفلسطيني وخاصة حركتي حماس وفتح، سيما أن حماس التي كانت هي أول من حاول تغيير الواقع في غزة ليس بالقوة الناعمة، ولكن بالعنف الدموي عندما استولت على السلطة في قطاع غزة عام 2007. ويبدو أن مشعل ما يزال يعكس هذا النزوع في فكر حماس.
وهو نزوع ربما يغذيه فهم حماس أن الكل بات يتعامل معها كمقرر في الواقع الفلسطيني فخالد مشعل يعتبر موقف بايدن من أنه لم يعد يتحدث عن القضاء على حماس وإنما في التفاوض معها؛ وإن بشكل غير مباشر، وأن الولايات المتحدة وهي تقول الآن: "نحن ننتظر رد حماس". فهو اعتراف "بحماس"، ربما في ذهن مشعل وغيره، أنها يمكن أن تكون عنوانا للحالة الفلسطينية في غزة وغيرها.
وكأني بحماس تريد القول.. إن هدف الطوفان كان أن يعترف الجميع، خاصة أمريكا بها كفاعل مقرر سياسي وأمني في قطاع غزة وفي المشهد الفلسطيني كله.. وهذا الفهم المشوه لموقف الأطراف المعادية، ربما يكون وصفة لجعل الوحدة الوطنية أمرا بعيد المنال..
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |