معرض بغداد الدولي للكتاب وأسلمة المجتمع

جلال الصباغ
2024 / 9 / 20

يحتضن معرض بغداد الدولي كل عام العديد من المعارض التجارية، واحدى هذه المعارض هو معرض الكتاب، وقد انطلق هذا العام في ١٢/ ٩ / ٢٠٢٤ لينتهي يوم ٢٢/ ٩ / ٢٠٢٤. وعند مقارنة معرض هذا العام بمعارض الكتب للاعوام السابقة، سيرى الزائر نمطا جديدا وواضح المعالم، حيث اعد له بشكل مدروس ومخطط بعناية، ولاهداف واضحة ومحددة.

عند المدخل الرئيسي لمعرض الكتاب هذا، ستجد الجدار الامامي وقد غُطي بإعلان كبير لرعاة هذا المعرض، وأهما مجموعة من الجامعات الأهلية وعلى رأسها جامعة البيان وجامعة المستقبل، وهذه الجامعات كما يعلم الجميع هي ملكية لشخصيات تابعة للقوى الإسلامية الطائفية، والكثير من التقارير تتحدث عن أنها إحدى أدوات النظام في إيران في السيطرة على المشاريع الخاصة في البلاد. كما أنها في وجه آخر من وجوهها العديدة، تعبير عن تخلي القطاع العام عن القيام بمهامه حتى بالنسبة للقضايا الثقافية والمعرفية، فلم تشارك جامعة بغداد او الجامعة المستنصرية، ولم ترعى او تدعم هذا المعرض انما الجامعات الأهلية هي التي تأخذ الأمر على عاتقها، كإيذان "ثقافي" لترسيخ مرحلة جديدة وهي مرحلة النيوليبرالية.

عند الدخول إلى المعرض تجد ان هؤلاء الرعاة قد هيئو لهم أجنحة وهي أجنحة دعائية ليس لها اي شأن بالثقافة والمعرفة العلمية. كما تجد جهاز الأمن الوطني وهيئة الحشد الشعبي، على سبيل المثال وقد حجزت هي الأخرى أجنحة خاصة بها، لتبث ثقافتها وتنشرها على أوسع نطاق.

غالبا ما ترافق معارض الكتب، فعاليات أخرى أهمها الندوات، وندوات هذا العام يسيطر عليها خطاب المليشيات ورجال الدين، فمتى دخلت إليها وجدت العمائم وهي تدير وتشارك وتروج للفكر الديني الطائفي، وتحاول الباس هذا الفكر لباس الوداعة والمحبة، فيما هي تحرض على تصفية وقتل واضطهاد كل من يختلف معها، على أرض الواقع!

أغلب المكتبات التي تعرض بضاعتها في معرض بغداد الدولي للكتاب بنسخته هذا العام، هي مكتبات تعرض الكتب الدينية سواء الشيعية او السنية، المسلمة او المسيحية، فتجد أجنحة العتبات وأجنحة الوقفين السني والشيعي، وأجنحة أخرى تبيع الكتب المسيحية بأسعار رمزية، كل هذا من أجل أن يؤكدو ان مواطني العراق وبلدان المنطقة ليسو مواطنين ان لم يكونوا سنة او شيعة او مسيحين، هم ليسو مواطين ما لم يكونوا عربا او كوردا او تركمان.

ان أسلمة المجتمع في العراق تجري على قدم وساق، والسلطة تعمل بكل طاقتها وأدواتها من أجل تحقيق هذا الامر، وتحويل البلاد إلى حكم ولاية الفقيه، وذلك من خلال تشريع القوانين، مثل فرض قانون جديد للأحوال الشخصية، وقوانين المحتوى الرقمي وحرية الاحتجاج والتظاهر وغيرها، أو من خلال سيطرتها على جميع النقابات والاتحادات، او من خلال الإعلام والفعاليات الثقافية والفنية، كمعرض بغداد للكتاب الذي صار ناطقا باسم فالح الفياض وابو مهدي المهندس.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي