بوب أفاكيان – الثورة عدد 83 :تصويت - الناس - ليس الطريقة الأساسيّة التي تقرّر بها الأشياء في ظلّ هذا النظام الرأسمالي

شادي الشماوي
2024 / 9 / 19

هذا بوب أفاكيان – الثورة عدد 83 .
إنّه لواقع أنّ سياسات هذا النظام – الذى يزعم كثيرا أنّه " ديمقراطيّة " رأسماليّة – تسمح للناس عادة بالتصويت . لكن إليكم شيء حيويّ : لمن يصوّتون أمر لا يقرّره الناس – تُقرّره الطبقة الرأسماليّة الحاكمة من خلال ممثّلين سياسيّين ( في هذه البلاد ، الحزبان الديمقراطي و الجمهوري ) . أجل ، يعرف هذان الحزبان " انتخابات أوّليّة " من خلالها يختاران مرشّحيهما لسباق " الانتخابات العام " – إلاّ أنّ هذه الانتخابات الأوّليّة ، كذلك ، تُهيمن عليها و تتحكّم فيها الطبقة الحاكمة و قادة أحزابها السياسيّة . عندما يُصوّت الناس ، يُصوّتون للمترشّحين سيُمثّلون مصالح الطبقة الرأسماليّة الحاكمة – مرشّحين أُختيروا من خلال سيرورة تسيطر عليها و في نهاية المطاف تتحكّم فيها تلك الطبقة الحاكمة .
( مثلا ، من قرّر أنّ جو بايدن سيكون المرشّح الجدّي الوحيد في الانتخابات الأوّليّة للحزب الديمقراطي هذه السنة – و تاليا من قرّر أنّ على بايدن أن يتنحّى جانبا من السباق ، و أن يقع تعويضه بكمالا هاريس ؟ )
هناك أزمان – و ما نعيشه الآن زمن من هذه الأزمان – تكون فيها الطبقة الحاكمة الرأسماليّة منقسمة بعمق و النزاع بين مختلف فئات الطبقة الحاكمة للسيطرة على الحكم مرير منتهى المرارة و " يخرج عن حدود " تنافسها " العادي ّ " . لكن هذا النزاع المرير حول ما هي النظرة و ما هو البرنامج ، من هي الفئة من الطبقة الحاكمة ، ستخدم على أفضل وجه تواصل حكم النظام الرأسمالي ،وهو قائم على الإستغلال الخبيث و الإضطهاد القاتل .
من الواضح حال أنّ أيّ شخص ، في ظلّ هذا النظام ، يحاول أن يكون " مرشّحا جدّيا " للمسؤوليّة – لا سيما " المسؤوليّات العليا " ، مثل الرئاسة – يجب عليه أن يحظى بدعم الرأسماليّين ذوى الكثير من المال و التأثير . و إلى جانب هذا ، أي مرشّح كهذا يجب أن يُحكم عليه على أنّه " شرعيّ " من قبل وسائل الإعلام السائدة – التي هي نفسها مؤسّسات رأسماليّة رأسمالها بمليارات الدولارات ، و هي أساسا أدوات دعاية للطبقة الحاكمة ( أو أقسام من الطبقة الحاكمة ) . كلّ من لا يعتبر " شرعيّا " ستُغلق دونه وسائل الإعلام هذه – لن يحظى بتغطية بإستثناء ربّما في شكل هجمات عليهم . و مرّة أخرى ، هناك الواقع الأساسي أن الوسائل " الشرعيّة " : خدمة مصالح النظام الرأسمالي الحاكم .
و يوصلنا هذا إلى النقطة الأكثر جوهريّة : في ظلّ هذا النظام ، أي سياسي و أي برنامج للسياسيّين ، يجب أن يكون في تناغم مع المصالح الأساسيّة و السير الأساسيّ للنظام الرأسمالي – أو ستنجم فوضى و يتوقّف المجتمع عن السير . و إليكم مثال إستخدمته سابقا يمسّ قلب لبّ المسألة : فكّروا في ما سيحصل لو أنّ ، في ظلّ هذا النظام الرأسمالي ، سياسيّين قد أصدروا قانونا يقول إنّه بوسع الناس أن يأخذوا ما يحتاجون إليه لضروراتهم الأساسيّة ، دون ضرورة دفع مقابل لذلك ! كامل النظام بداهة سينهار . ( هذا تعبير عن الواقع الجوهريّ أنّه مع أيّة هيكلة أو أيّ نظام ، الأساس تحدّد الإطار ، و الحدود لما ستكون عليه البنية الفوقيّة – ما تحدّثت عنه في رسالتى السابقة ، عدد 82 ).
في إطار نظام شيوعي فقط يمكن أن تتوفّر الأشياء للناس -الحاجيات الماديّة الأساسيّة و كذلك الحاجيات التربويّة و الثقافيّة إلخ – دون ضرورة دفع مقابل لها . ( كيف و لماذا الأمر كذلك شيء تحدّثت عنه ، بمعنى أساسي ، في مكان آخر – بما في ذلك المقلات على موقع أنترنت revcom.us ، حول الإستغلال ، و وضع نهاية للإستغلال و الإضطهاد ، الذى أشرت له في رسالتى السابقة ).
توفير حياة كريمة للجماهير الشعبيّة ككلّ – متحرّرة من الإنشغال بما إذا ستكون لديها حتّى الضرورات الأساسيّة للحياة – هذا ليس هدفا و لا هو إمكانيّة ، في ظلّ النظام الرأسمالي . و مرّة أخرى ، يُعزى هذا إلى الطبيعة الأساسيّة و سير النظام الاقتصادي الرأسمالي ، بسياسة و إيديولوجيا تنسجم مع هذا النظام و تعزّزه .
خلاصة القول ، النظام في هذه البلاد هو رأسماليّة . إنّه نظام يقوم على الإستغلال و الإضطهاد و " الديمقراطيّة " في ظلّ هذا النظام هو تعبير عن و يخدم تعزيز حكم مستغِلّى الطبقة الرأسماليّة . إنّها ديمقراطيّة تخدم ك " غطاء " و في الوقت نفسه وسيلة لتعزيز الدكتاتوريّة الفعليّة للطبقة الرأسماليّة : إحتكارها للسلطة السياسيّة و خاصة إحتكارها للعنف " الشرعيّ" الذى تمارسه هذه الطبقة الرأسماليّة من خلال ممثّليها و مؤسّساتها السياسيّة للعنف المنظّم ( القوّات المسلّحة و الشرطة إلخ).
و مثلما دلّل التاريخ ( مثلا ، مع الحكم الفاشيّ في ألمانيا و بعض البلدان الأخرى قبل الحرب العالميّة الثانية و أثناءها ) ، خاصة في أوضاع أزمة قصوى و حادة ، يمكن لهذا النظام حتّى أن يتخلّص من " الديمقراطيّة " الرأسماليّة و تعويضه بحكم دكتاتوريّ غير مقنّع للطبقة الرأسماليّة . ( و هذا أساسا ما يمثّله ترامب و الحزب الجمهوريّ اليوم ). لكن ، مهما كانت هذه الفاشيّة متطرّفة فهي شكل متطرّف و غير مقنّع للدكتاتوريّة التي تمارسها عمليّا الطبقة الرأسماليّة طوال الوقت في ظلّ هذا النظام .
و في رسالتى القادمة ، سأتعمّق أكثر في طبيعة النظام الرأسمالي ، و لماذا لا يمكن " إصلاحه " بل يجب الإطاحة به و تعويضه بنظام أفضل بكثير .

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي