|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
صليبا جبرا طويل
2024 / 9 / 19
"كل معرفة لا ترتقي ولا تعبر عن ذاتها العمقية لتسمو وتحلق بالإنسان الى علياء الفكر ومجده ونقائه وتترجم على ارض الواقع الى أفعال لا غموض لا شبهات فيها لكل الاجناس البشرية دون تمييز بينها تعد زنى بالكلمات".
عمالقة الكلام باتوا واصبحوا يثيرون زوبعة في فنجان، تقرأه أُمية تهذي بمعرفتها لطوالع الشعوب حاضرها ومستقبلها، كيف لمن ظل الطريق بفكرخارج عن عصره التزم به دون وعي أن يعبر بين ماضي ضبابي وحاضر مأساوي ان ينتظر مِن مَن يقرأ له طالعه ومستقبله في فنجان يغير الواقع ويحبس غيوم القهر والذل ويمنع مطر الاحزان. جهابذة الكلام حائرون ينتظرون معجزة من رب السماء، وغافلون عن حقيقة لا شك فيها أن رب السماء لم يحبس امطار خيراته عن الأرض التي فيها زرعٌ وطيرٌ وحيوان منذ نشأة الحياة في الكون حتى الأن. لهم أقول: "الإله الذي نعبد ونقدس ونبتهل زرع فينا العقل كي نفكر بحكمة مستنيرة ونتعمق ونقرر ونبتكر الحلول وننطلق لبناء انسان يقوم على المعرفة لا الجهل والتبعية الخرساء والطاعة العمياء".
من يتخطى حدود الأُخوة الإنسانية يرتكب جريمة حماقة مهزلة مكرهة صحية تنضح بالقذورات، تنتشر منها اوبئة تطمس الشخصية البشرية مفاهيمها ورؤيتها للحياة وتفككها وتطرحها للفناء وتسقط بالتالي شعوبها الى منحدرات عميقة في قعرها خصوبة تستنبت ليترعرع فيها عقول ضامرة واهية مهلهلة لا تحمل أفكار تقود نحو التقدم والمستقبل... اليست هذه اللوحة دليل على الزنى بالكلمات؟.
ألا تتفقون معي ان كل ما يمارس هذه الشعوذات والمعاصي يدعى زانى بالكلمات؟ أم من منظوركم أن الزنى فاحشة ترتبط بالجسد فقط، وكل ما يمارس من أفعال سيئة حقيرة تترجم الى أخطاء؟ منذ أن طرد الجنس المقدس الذي كان يمارس في المعابد قديما ظهرت قوانين جديدة تبيح قتل الزناة. منذ تلك اللحظة ارتبطت الشهوة بالموت وتم رجم الألوف ولم يتوقف الزنى فهل الطبيعة اقوى من التعاليم الإلهية ؟ أم ان ننتظر من يفك رموزها العصية؟ حرم البشر من العدالة والمساواة والحرية، كلها من صفات الله فكيف لا نرجم من خانها؟
الوف البشر رجموا من فجر التاريخ ولم يتم القضاء على الزنى، كأن التركيز على هذه النقطة – الفعل- يشير اليها ويرهقنا التفكير فيها ونتمرغ في وحل المدسوس في عقولنا ونصبح سفهاء ، كما ويحملنا الى التساؤل عنها من لحظة ما قبل بلوغنا الجنسي واصابتنا برهبته، انه فعل مشين مرعب تسقط فيه المجتمعات الى هوة عميقة لا أخلاقية. اخوتي لا ادعوا الى انفتاح جنسي لكني ابين ان الزنى ليس فعل جسد فقط بل وليد مواقف مهزوزة وكلمات مهلهلة مبهمة لا يحاكم مطلقيها في الدين والسياسة والاقتصاد وعلوم الاجتماع الخ... ولا تخضع للقوانين الا كما يحلو لاصحابها ومصالحهم ليعاقروها في مضاجعهم ويمسحوا عارهم بالكلمات.
الشعوب المدعوة بالأكثر تحضراً كثيراً ما تتكلم عن العدالة وتعمل عكسها تماما، تمتلك كغيرها من الشعوب الثقافة والقوة والقسوة والمحبة والكراهية والايمان والكفر. الشعوب التي تفتقر الى القوة والتخطيط الاجتماعي الثقافي في كل عصر يسيطر عليها غيرها من الشعوب وتسعى الى اخضاعها وابادتها. من يظن خلاف ذلك عليه ان يراجع كتب التاريخ التي كتبها ودونها المهزوم والمنتصر من عصر البدايات ألاولى للحياة على كوكب الأرض حتى هذه اللحظة. للأسف بات السلام والتسامح مفردات يزنى بها في كل المجتمعات البشرية لترتبط بسياسة الاقتصاد والمال الذي اصبح إله العالم. لست بحاجة الى ادلة تاريخية يكفي أن تبحث في بطون التاريخ في الكتب والأثار في بقايا المقابر تجد الويلات. فمن يجد النقاء في تاريخه يجدف عكس تيار الحقيقة وعليه إعادة قراءة تاريخه بتمعن وأناة وإلا ارتكب علنا امام الناس والله فاحشة الزنى بالكلمات.
في المجتمعات العلمانية واللادينية والكافرة كما في المجتمعات المتدينة كل منها يمتلك الحقيقة ويتمسك بها دون تبصر، لكن ما هي الحقيقة؟ وهل تم وضع تعريف موحد تتفق عليه كل الشعوب؟ وما قياساتها؟ كل مجتمع له وجهة نظر وتعريف يناصره ويؤيده... أليست الحقيقة اننا جئنا من نبع واحدة وشربنا من مائها ومن يعمل على امتلاكها حتما يقوض الأخلاق ويخفق في بناء مجتمع مثالي، المثالية جوهرة ثمينة مهما اندفعنا لتحقيقها فإن طبيعتنا البشرية الانانية تسوس الأمور وتوجهها نحو المصالح الذاتية اليس هذا الفعل زنى بالكلمات؟.
نعم الحياة علمتنا ان الزنى فعل ممنوع اجتماعياً كما وعلمتنا انه سلوك مشين تجنبناه. لكن هناك هناك بعيداً بعيد في اسفل الكون لا يكون الزنى بفعل الجسد فقط بل بكل فعل يؤدي للهبوط والتقهقر والتراجع على المستوى المحلي. زنى شهوة أرباب المصالح وشبقهم المادي تخطى كل خطوط الإيمان ألا يدعى هذا زنى يرتكب بالقصد والمعرفة والإصرار؟
في العالم الثالث أسمع أصوات تقول : "نعم نرجم الزانية والزاني لاقترافهم اثم الزنى ولا ننبس ببنت شفه أمام من سرق مقدرات الوطن والمواطنين ونهب أموال الفقراء وارتكب الفواحش في سبيل تمرير مصالحه". الزنى بالكلمات هو إيجاد مبررات لا إنسانية لأفعال مشينة بحق الانسان نغمض جفون عدالتنا عنها، انها وعود لا توفى عدالة منقوصة مساواة منقوصة كراهية مقننة تمييز مباح. الفقراء يتسولون انت وانا وهم شهود على المزاد الإنساني المزيف فهل من يضاعف (يزيد)... بدأ المزاد... " على اونه ... على دووه ... على تريس" الجائزة من نصيب من أصاب الانسان في مقتل صفقوا بحرارة الف مبروك للفائز، دام تراجعكم الموقر واخفاقكم الموقر والى الامام لكل المنظمات الإنسانية والمحلية والاقليمة والدولية التي ربحت جائزة الزنى بالكلمات.
أجمل ما قرأت: عندما جيء بإمرأة أمسكت بعلة الزنى للسيد المسيح – عيسى – له المجد ليحكم عليها أجابهم: " من كان منكم بلا خطيئة فاليرجمها بحجر". كلمات عميقة تشير وتدل وتوضح وتعلم وتفسر أن مفهوم الزنى يتعدى فعل الجسد، وتنقلنا بعيدا عن المستوى الفردي الخاص الى مفهوم أوسع وأشمل وأعم يطوى ابعاداً كبيرة كثيرة شاسعة على كل أفعال الانسان المشبوهة التي تخفى ابعادا لإنسانية ولا تخجل من تدمير الانسان ونهب خيراته وخيرات أوطانه. التمييز بين البشر يقتل النفس ويشعل فيها ثورات غضب، التهميش كذلك السرقة الحلال الكذب الحلال القتل الحلال الكراهية الحلال الخ ...من كل فعل مشين .من انت أيها الانسان الغارق في وهم الفكر اصحوا فان وهم غفلتك زنى قاومها بشدة بضراوة هيا قاومها.
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |