|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
أحمد إدريس
2024 / 9 / 19
من ميزات هذا الإنسان العظيم الذي احتفلت مجتمعاتنا بميلاده مؤخراً، أنه لم يُقدِّس الأسلاف بل حاول تصحيح أخطائهم السلوكية و الفكرية. و أن ينقلهم إلى مستوى أعلى من الوعي و الإدراك. تديُّن روحاني إيجابي معقول، يجعل من الذي يُمارسه إنساناً بحق، هذا ما سعى لإرسائه الرسول. القرآن يلخِّص رسالته في الآتي : « و ما أرسلناك إلاَّ رحمة للعالَمين. »
لَو لم يتخلل المسيرة الطويلة لهذه الإنسانية العجيبة أفراد قلائل جداً لا يكتفون بتقديس و تقليد الأسلاف، بل لَدَيهم الشجاعة للخروج على المعروف المألوف المُتوارَث فيجتهدون لإبتكار أشياء جديدة و يظهر إبداعهم في شتى مجالات الحياة و هم بالطبع بشر يخطئون و يصيبون كما أنهم في الغالب أبعد الخَلق عن ادِّعاء امتلاك الحقيقة المُطلقة و احتكارِها أو الإعتقادِ بذلك، لَولا هؤلاء ما كنا لِنَنعم اليوم بالهاتف و السيارة و الإنترنت و لَوجدنا معظم مشايخنا يُؤيِّدون وأد البنات… فلَو بِعقليتهم المُنغلقة و المُعارضة لأي فكر جديد تنويري عاصروا البعثةَ المحمدية، هل كان هؤلاء الشيوخ سيستطيعون كسر أغلال المألوف و الإستجابة لدعوة محمد ؟ أم أنهم كانوا سيرفضونها بقُوة و يجيبون كما يجيب العابدون لأسلافهم حَسَب القرآن : « بل نتَّبع ما وجدنا عليه آباءنا. »
لَيت هؤلاء الشيوخ، و كافة المُتذمِّرين المُستائين المُتطيِّرين من حركة التنوير الحالية التي ما ادعى أصحابها العصمة لأنفسهم و لا لإجتهاداتهم مطلقاً، لَيتهم يَعون ما يلي : فكرنا الديني المُتداوَل إنْ لم يتجدد، فإنَّ أحلامنا بمُستقبل أفضل ستتبدد… و النقد البنَّاء هو المصباح الذي ينير لنا طريق التجديد.
« نقد الفكر الديني ضرورة يفرضُها تجديد حياة الدين، و إثراءُ حضوره في الحياة الروحية و الأخلاقية و الجمالية. النقد أداة عقلية وحيدة لتصويب الأفكار و إنضاجها. الفكر الديني الذي لا يُنقد، يَخرج أخيراً عن التداوُل. » (عبد الجبار الرفاعي)
« لا بُد من إعادة تقديم الدين في أصوله النقِية، و بلُغة عالَمية عصرية تخاطب الكُل في كل مكان، و ليس بلغة طائفية مُنغلِقة مُتعصِّبة. لا بد من تقديم الدين في روحه و جَوهرِيَّته و ليس في شكلِيَّاته : الدين كتوحيد و خُلق و مسؤولية و عمل بالدرجة الأولى، الدين كحُب و وعي كَوني و علم و تقديس للخير و الجمال. » (مصطفى محمود)
« الإسلام لا يقبل من المسلم أن يُلغي عقله لِيَجري على سُنة آبائه و أجداده، و لا يقبل منه أن يُلغي عقله خُنوعاً لِمَن يُسخِّره بإسم الدين في غير ما يُرضي العقل و الدين. » (عباس محمود العقاد)