الكتابة إلى الذات - الجزء الثالث -ابتكارالكتابة

اسماعيل شاكر الرفاعي
2024 / 9 / 18

الكتابة إلى الذات
الجزء الثالث
ابتكار الكتابة
1 )
من نظام جمال عبد الناصر إلى نظام صدام حسين : كان الفشل حليف أنظمة مجالس قيادة الثورات العسكرية . ( وهي الموضة الثورية الأخيرة قبل ان يجيء دور الإسلاميين في الحكم ) في تحقيق شعارات الوحدة والتحرر من الاستعمار وتحرير فلسطين : بسبب من عدم اهتمامها بصناعة المناخ الاجتماعي والسياسي والثقافي الخاص بكيفية توطين الابتكار والاختراع ، قامت تلك الأنظمة البوليسية ببناء صناعات بديلة ، ولكنها لم تشأ ( رغم ثرثرتها المستمرة عن ضرورة امتلاك ناصية القوة ) تهيئة المناخ المطلوب إيجاده لقيام الثورة الصناعية . ذلك ان تصنيع بعض البضائع والسلع البديلة بطريقة استيراد المعامل الجاهزة شيء ، وبناء القواعد المكينة لثورة صناعية شيء آخر ، اذ تتطلب الثورة الصناعية وجود مجتمع مدني مستقل بنشاطه الاقتصادي عن نظام الحكم العسكري المخابراتي الذي ساد العالم العربي والإسلامي ، والذي يسارع إلى اتهام كل نشاط مستقل عن عيونه : بالتآمر . في حين ان الاختراع حصيلة لنشاط مجتمع حر مستقل في نشاطاته الاقتصادية والثقافية عن الدولة ، يفكر علناً بتطوير اقتصاده لإشباع حاجاته الداخلية ثم الانطلاق بصناعاته إلى الخارج . اذ لا تتكامل لأي بلد أسس انطلاقة اقتصادية مكينة من غير تصدير منتوجاته الداخلية . فالاختراع والابتكار مفهومان ثقافيان لمجتمعات حرة ، انتزعت القوة من بين فكي الاستبداد ، واصبحت هذه المجتمعات الحرة هي التي تقرر مصير الحكومات عن طريق الانتخابات ؛ أي تحولت القوة إلى صناعة يقوم الشعب بانتاجها : بعد ان ابتكر مفهوم الانتخابات الدورية ، وتتعمق ثقافة الابتكار والاختراع اكثر فأكثر إذا تبنت الدولة مفهوم المواطنة
2 )
اول اختراع خلخل العلاقة التي كانت شبه متكافئة بين اوربا والشرق : يتمثل باختراع سفينة جديدة ذات أشرعة متعددة لتكون صالحة لشق عباب المحيطات ، وليس البحار فقط : ومع هذا النوع الجديد من السفن : ابتدأَ عصر الاستكشافات الجغرافية الكبرى التي فوّتت الفرصة على العثمانيين باكتشافها رأس الرجاء الصالح ، وكسرت الحصار البحري الذي كانت تضربه الدولة العثمانية على اوربا ، لاجبارها على الاعتراف للدولة العثمانية بدور الوسيط التجاري الذي يقوم باستيراد التوابل والحرير من شرق اسيا وبيعها لاوربا ….
3 )
وسوف يتعزز هذا الاتجاه الأوربي في غزو الخارج انطلاقاً من قوة الداخل المبنية على التطور العلمي التكنولوجي الداخلي الذي يقوم به الابتكار
4 )
ولان الأنظمة السياسية العربية فشلت في ان تكون قادرة على الارتقاء إلى مستوى التكافؤ في القوة العسكرية مع الاستعمار : اخذت تعبر عن كرهها للحضارة الصناعية بحجة انها حضارة : مادية . أنا عكس هؤلاء احب الاختراع ، وأعشق كل اختراعات الحضارة الصناعية ( ما عدا سلاحها النووي ) فاختراعاتها المادية وليست الروحية هي التي صنعت منها القوة العسكرية رقم واحد في العالم خلال ثلاثة قرون : قبل ان تصبح الولايات المتحدة الأمريكية : القوة رقم واحد بعد ألحرب العالمية الثانية
5 )
عشتُ حياتي تحت وقع هزائم حروب متكررة ، واطمح ان أكون ابن أمة غير مهزومة ، لكن هذا الحلم ، كما تقول وقائع التاريخ الحديث لن يتحقق الّا إذا امتلكت الامة القدرة على الابتكار والاختراع ، وعلى تصنيع ما نبتكره
6 )
. تقوم آلية الابتكار على تكييف المبتكر لما يتخيله من آلات او مكائن او محركات : بما يصبوا اليه أبناء رهطه من حلول تكنولوجية لما يواجهونه من تحديات : بحيث اصبحَ. انتظار الحل التكنولوجي ( وليس انتظار البرابرة ) ، هو هم الناس الكبير الذي يجب اكتشافه
7 )
- [x] يعي العراقيون اليوم اكثر من أي وقت مضى أهمية صناعة مناخ علمي يمنح المخترعين والعلماء ثقة عالية بمنجزاتهم ، ويقدرها حق قدرها معنوياً ومادياً ، فتكون حماستهم كبيرة إلى الاشتغال علمياً على كيفية الوصول إلى حل لمعاناة مجتمعهم السنوية المتكررة مع الطاقة والكهرباء والتصحر وعواصف التراب : فهل سيدفع ( المناخ العلمي العراقي ) الموهوبين من اعضائه إلى اختراع التكنولوجيا التي تستجيب لهذه التحديات ، أم ان المناخ العلمي الذي يساعد على الاختراع لم يتكوّن في العراق بعد
8 )
من المنجل إلى الطائرة مروراً بالكتابة ، يُسمى الابتكار ابتكاراً : إذا تجاوزت فوائد استعماله نشاط الفرد الذي اخترعه ، وشملت منفعته طبقات وفئات اجتماعية واسعة
9 )
وكذلك الكتابة في اشكالها الأولى : المسمارية او الهيروغليفية كانت تمثل الإستجابة التكنولوجية للتحدي الذي واجه الفئات الاجتماعية الجديدة التي ساعد فائض الانتاج الزراعي ( الذي اصبح يفوق حاجة منتجيه ) : على تفرغها ، والتي سيطلق عليها المؤرخون لاحقاً : السلطات السياسية . فمن صفوف هذه السلطات خرجت فكرة الكتابة لحاجة هذه السلطات ‏إلى إيجاد خطاب مزدوج : يسعى إلى تبرير وجودها اللامنتج ، واقناع المنتجين بشرعية ما تتخذه من قرارات وهي تدير الشأن العام في جوانبه الروحية والاقتصادية والعسكرية . فالكتابة منذ البدء وحتى توسعها الهائل بعد الثورة الإلكترونية وبروز منصات التواصل الاجتماعي والأمكنة الافتراضية : ذات دلالة حوارية موجهة إلى الآخر ، ولم تكن رسالتها موجهة إلى الذات …
0 1 )
لكن ما الحاجة الماسة التي تدفع الكتّاب الى تبني فكرة
كتابة رسائل إلى الذات ، إذا كانت الكتابة منذ اختراعها ألأول قبل آلاف السنين : قد توجهت لخطاب الآخر ، ( ولم يكن تصوير الأشياء الذي ابتدأت به ، ورمزت من خلاله لجملة من الأفكار التجارية والزراعية والدينية : قادراً على إرسال إشارات عن قلق الذات وتساؤلاتها وهواجسها ) ؟

يتبع

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي