عشْتَار الفُصُول: 11513 . لُبْنَانُ لَمْ يَعُدْ يَتَحَمَّلُ حَتَّى المُحَاصَصَةَ الطَّائِفِيَّةَ.

اسحق قومي
2024 / 9 / 4

رَأْيٌ غَيْرُ مُلْزِمٍ وَلَكِنِّي أُدَافِعُ عَنْهُ.
دَعْنِي أَقُولُ: مِنْ أَخْطَرِ التَّنَاقُضَاتِ بَيْنَ المُكَوِّنَاتِ القُطْرِيَّةِ هُوَ التَّنَاقُضُ الدِّينِيُّ وَالمَذْهَبِيُّ وَالتَّنَاقُضُ النَّابِعُ عَنْ هَذَيْنِ التَّنَاقُضَيْنِ مَضَافاً إِلَيْهِمَا التَّنَاقُضُ السِّيَاسِيُّ وَالمَصَالِحُ الَّتِي تُحَرِّكُ هَذَا المُكَوِّنَ أَوْ ذَاكَ.
سيما أنه لَا يُوجَدُ حَتَّى الآنَ مِنْ جُهُودٍ مُخْلِصَةٍ وَحَثِيثَةٍ لِإِقَامَةِ حِوَارٍ مُتَكَافِئٍ وَمُفِيدٍ وَفَعَّالٍ بَيْنَ المَسِيحِيَّةِ وَالإِسْلَامِ وَبَقِيَّةِ المَذَاهِبِ فِي الشَّرْقِ عَلَى أَسَاسِ الحِرْصِ وَالحَقِّ وَالمُسَاوَاةِ وَالعَدْلِ لِلْجَمِيعِ وخاصة في لبنان.
وَهُنَا الإِشْكَالُ: فَإِذَا كَانَتِ المُحَاصَصَةُ الطَّائِفِيَّةُ لَمْ تَعُدْ تُحَقِّقُ مَا نَأْمُلُهُ مِنَ الدُّسْتُورِ، وَلَوْ فِي المُسَاوَاةِ وَالعَدَالَةِ وَالحُرِّيَّةِ وَالكَرَامَةِ وَحَقِّ العَيْشِ، فَإِنَّ الأَمْرَ يَنْتَقِلُ مِنْ مُنَاهَضَةٍ إِلَى بَدَايَةِ رَسْمِ مَعَالِمَ مَعَارِكِ دَمَوِيَّةٍ بَيْنَ تِلْكَ المُكَوِّنَاتِ، وَخَاصَّةً فِي لُبْنَانَ، لأَنَّ هُنَاكَ القَوِيَّ وَهُنَاكَ الضَّعِيفَ، وَالدُّوَلُ العُظْمَى دَوْمًا مَعَ مَصَالِحِهَا وَمَعَ الأَقْوِيَاءِ، وَعِنْدَهَا عَلَى الضَّعِيفِ أَنْ يَقْرَأَ المُتَغَيِّرَاتِ إِمَّا قِرَاءَةً سِيَاسِيَّةً أَوْ قِرَاءَةً طُوبَاوِيَّةً.
وَالآنَ دَعُونَا نَكْتُبُ عَنْ شَيْءٍ مِنَ السِّيَاسَةِ غَيْرِ المُعَقَّدَةِ بِمُصْطَلَحَاتِهَا الخَنْفَشَارِيَّةِ، وَكُلُّ هَذَا ضِمْنَ قِرَاءَاتِي اليَوْمِيَّةِ المُتَنَوِّعَةِ.
فِي يَوْمِ الأَحَدِ الأَوَّلِ مِنْ أَيْلُولَ، اسْتَمَعْتُ لِخِطَابٍ أَلْقَاهُ الدُّكْتُورُ سَمِيرُ جَعْجَعَ فِي هَذَا العَامِ 2024م.
وَبِغَضِّ النَّظَرِ عَنْ مَنْ أَنَا؟ وَمَنْ هُمُ القُوَّاتُ اللُّبْنَانِيَّةُ؟ وَمَاذَا كَانَتْ تُمَثِّلُ بِالنِّسْبَةِ لِلسِّيَاسَةِ السُّورِيَّةِ خِلَالَ خَمْسِينَ عَامًا وَأَكْثَرَ؟
إِلَّا أَنَّنِي أُوصِفُ الحَالَةَ وَالمَأْزِقَ الَّذِي وَصَلَ فِيهِ اللُّبْنَانِيُّونَ قَاطِبَةً.
وَأَخُصُّ مِنْهُمُ القُوَّاتَ اللُّبْنَانِيَّةَ الَّتِي تَرْفُضُ أَنْ تَنْقَادَ لِأَيِّ قَرَارٍ غَيْرِ القَرَارِ الوَطَنِيِّ اللُّبْنَانِيِّ.
الدُّكْتُورُ سَمِيرُ جَعْجَعَ سِيَاسِيٌّ وَمُتَحَدِّثٌ وَتَيَّارٌ عَاصِفٌ مِنَ المَعْرِفَةِ وَالمَنْطِقِ وَقِرَاءَةِ المَحَطَّاتِ عَلَى اخْتِلَافِ تَوَجُّهَاتِهَا وَرُوَّادِهَا.
الدُّكْتُورُ سَمِيرُ جَعْجَعَ لَيْسَ كَمَا يَقُولُ عَنْهُ أَعْدَاؤُهُ،
وَإِنَّمَا هَكَذَا قَرَأْتُهُ (قِرَاءَةَ الاسْتِمَاعِ وَالمُشَاهَدَةِ) رَجُلًا صَقَلَتْهُ التَّجَارِبُ وَعَاصَرَ النَّوَائِبَ وَهُوَ يَصِيحُ: "الغَدُ لَنَا".
أَمَّا أَنْتَ أَيُّهَا العَزِيزُ الآخَرُ، إِنْ رَأَيْتَهُ غَيْرَ هَذَا، فَهَذَا شَأْنُكَ، وَلَا تُصَادِرْ عَلَيَّ قِرَاءَتِي؛ لأَنِّي لَا أُصَادِرُ عَلَيْكَ مَا تَسْتَحْسِنُهُ.
وَاعْلَمْ أَنَّنَا فِي الشَّرْقِ وَمِنْ هَاجَرْنَا لِلْغَرْبِ دَوْمًا تَهْمُنَا لِبَعْضِنَا جَاهِزَةٌ وَقِصَصًا نُبْدِعُهَا بِالفِطْرَةِ عَنْ مَنْ يُخَالِفُنَا. هَذَا أَمْرٌ أَضْحَى لِلأَعْمَى بَدِيهِيَّةً وَوِجْدَانَ الغَالِبِيَّةِ العُظْمَى.
أَجَلْ، هَذَا دَيْدَنُ المُشْرِقِيِّينَ أَغْلَبُهُمْ الَّذِينَ لَا يَقْبَلُونَ أَصْلًا بِالرَّأْيِ الآخَرِ، وَيَعْتَبِرُونَ رَأْيَهُمْ أَنَّهُ المُقَدَّسُ وَغَيْرُ القَابِلِ لِلمُنَاقَشَةِ وَلَا لِلْخَطَأِ.
بَيْنَمَا آرَاءُ الآخَرِينَ، وَخَاصَّةً مَنْ يُخَالِفُونَهُمْ فِي الدِّينِ وَالمَذْهَبِ وَالعَقِيدَةِ السِّيَاسِيَّةِ، فَهُمْ عِبَارَةٌ عَنْ خَوَنَةٍ وَعُمَلَاءَ مَأْجُورِينَ لِإِسْرَائِيلَ وَغَيْرِهَا.
هُمْ يَحِقُّ لَهُمْ أَنْ يَتَصَرَّفُوا بِحَسَبِ أَجِنْدَةِ أَسْيَادِهِمْ، يَحِقُّ لَهُمْ أَنْ يُكَفِّرُوا وَيُزَلْزِلُوا مَنْ لَيْسَ مَعَهُمْ وَمَعَ مَشَارِيعِهِمْ، وَهُمْ خَوَنَةٌ بِالْأَسَاسِ. وَهَذَا مُؤَكَّدٌ لَدَيْنَا بِوَثَائِقَ عِدَّةٍ مِنْ لِوَاءِ إِسْكَنْدَرُونَةَ إِلَى ... إِلَى ... إِلَى ...
بَاعُوا الأَوْطَانَ وَقَتَلُوا وَشَرَّدُوا العِبَادَ بِحَسَبِ سُنِّيَّتِهِمْ أَوْ شِيعِيَّتِهِمْ أَوْ مَسِيحِيَّتِهِمْ أَوْ يَازِيدِيَّتِهِمْ، وَحَدِّثْ وَلَا حَرَجَ.
وَرَغْمَ هَذَا، عَلَيْكَ أَنْ تُغْلِقَ فَمَكَ وَلَا تَتَحَدَّثَ إِلَّا بِمَا يَقُولُهُ المُعَلِّمُ وَالمُرْشِدُ وَالإِلَهُ الوَاحِدُ الأَحَدُ الجَالِسُ هُنَاكَ عَلَى الكُرْسِيِّ.
وَالحَقِيقَةُ لَيْسَ هُنَاكَ مِنْ كُرْسِيٍّ وَحِيدٍ، بَلْ هُنَاكَ آلَافُ الكَرَاسِي، فَإِلَى مَنْ سَتَلْجَأُ أَيُّهَا الوَغْدُ الَّذِي لَمْ يَظَلَّ مِنْ وُجُودِكَ سِوَى الخَيَالِ؟
اسْتَمَعْتُ إِلَى الدُّكْتُورِ رَئِيسِ القُوَّاتِ اللُّبْنَانِيَّةِ الَّذِي كُنْتُ أَتَمَنَّى أَنْ يُوجَدَ عَشَرَةُ رُؤَسَاءِ دُوَلٍ مَشْرِقِيَّةٍ مِثْلَهُ وَكَمَا مُسْتَوَاهُ وَحِسِّهِ الوَطَنِيِّ وَالقَوْمِيِّ.
وَلَكِنْ جَاءَتِ الصَّوَارِيخُ العَابِرَةُ لِلْقَارَّاتِ مِنْ شُيُوخٍ وَشَخْصِيَّاتٍ لُبْنَانِيَّةٍ وَسُورِيَّةٍ تُخَالِفُهُ، لَا بَلْ تُخَوِّنُهُ، وَكَأَنَّهُمْ هُمْ لَيْسُوا بِخَوَنَةٍ وَلَمْ يَقُومُوا بِعَمَلٍ يُسَمَّى بِالخِيَانَةِ الوَطَنِيَّةِ.
وَالحَقِيقَةُ: يَحِقُّ لَهُمْ أَنْ يُنَاصِرُوا وَيَحِقُّ لَهُمْ أَنْ يَتَوَاصَلُوا مَعَ مَنْ يَشَاؤُونَ وَيَعْقِدُوا المُعَاهَدَاتِ حَتَّى تِلْكَ الَّتِي لَا يُوَافِقُ عَلَيْهَا شُرَكَاؤُهُمْ فِي الوَطَنِ، وَلَكِنَّهُمْ سَائِرُونَ وَيَعْتَبِرُونَ مَا يَقُومُونَ بِهِ مِنْ حَقِّهِمْ؛ لأَنَّهُمْ هُمُ الأَعْلَوْنَ وَرَأْيُهُمْ هُوَ المُقَدَّسُ الأَوْحَدُ.
أَجَلْ، لِهَذَا أَرَى أَنَّ لُبْنَانَ لَمْ يَعُدْ يَحْتَمِلُ حَتَّى المُحَاصَصَةَ الطَّائِفِيَّةَ.
وَالدُّسْتُورُ اللُّبْنَانِيُّ فِي طَرِيقِهِ لِلمُصَادَرَةِ إِنْ أَنْفَلَقَ الحَقُّ أَمْ أَبَى.
هَذَا وَاقِعٌ نقوم بتوَصِّيفُهُ وَلَسْنَا مَعَ أَعْدَاءِ الحَقِّ وَالخَيْرِ وَالمُسَاوَاةِ وَالعَدَالَةِ.
وَكُلُّ اللُّبْنَانِيِّينَ وَالمُشْرِقِيِّينَ بِالنِّسْبَةِ لَنَا هُمْ وَاحِدٌ إِلَّا مَنْ خَرَجَ عَنْ رُؤْيَةِ الحَقِّ وَالحَقِيقَةِ.
وَإِذَا مَا طَرَحْنَا مَنْهَاجًا لِلْخَلَاصِ مِنْ هَذِهِ الدَّوَّامَةِ التَّخْوِينِيَّةِ وَالحُرُوبِ القَادِمَةِ عَلَى لُبْنَانَ وَغَيْرِ لُبْنَانَ، فَإِنَّنَا أَمَامَ اسْتِحْقَاقٍ أَرَاهُ مُتَمَثِّلًا بِالقُبُولِ لِقِرَاءَاتٍ جَدِيدَةٍ لِلتَّقْسِيمَاتِ الإِدَارِيَّةِ فِي الشَّرْقِ بِشَكْلٍ عَامٍّ.
وَهَذَا يَبْقَى مَشْرُوعًا حَتَّى تَقْتَنِعَ جَمِيعُ المُكَوِّنَاتِ بِأَنَّ وُجُودَهَا الفِعْلِيَّ وَحَقَّهَا مَرْهُونٌ بِالأَقْوِيَاءِ مِنَ الشُّرَكَاءِ؛ لِهَذَا إِنَّ مَنْ يَرْسُمُ مَشْرُوعَ طَرِيقٍ لِوَطَنِهِ لَيْسَ بِجَرِيمَةٍ وَلَا هُوَ بِمُجْرِمٍ، بَلْ إِنَّ المُجْرِمَ مَنْ هُوَ فِي وَطَنٍ وَلَاؤُهُ لِوَطَنٍ آخَرَ أَوْ جَمَاعَةٍ أُخْرَى.
الجَرِيمَةُ إِنْ لَمْ نَقْرَأِ الحَقَائِقَ وَنُوَصِّفْ لَهَا مَشَارِيعَ وَطَنِيَّةً صَادِقَةً وَخَالِيَةً مِنَ الشَّوَائِبِ.
إِنَّ مَنْ يَتَغَنَّوْنَ بِحُبِّ الوَطَنِ وَالإِخْلَاصِ هُمْ كُثُرٌ، وَلَكِنَّ الحَقِيقَةَ هُمْ أَوَّلُ مَنْ بَاعَ أَجْزَاءً مِنَ الوَطَنِ تَحْتَ مُبَرِّرَاتٍ عِدَّةٍ.إِلَى هُنَا وَنَكْتَفِي، وَإِلَى مَقَالٍ آخَرَ.
إِسْحَق قَوْمِي.
4/9/2024م

حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت