كرنفال الشتائم الوطني!!

عامر موسى الشيخ
2024 / 9 / 4

يشهد فضاء التواصل الاجتماعي العراقي منذ شهرين، وإلى لحظة كتابة هذه السطور، كرنفالًا كبيرًا من الشتائم والتخوين والتسقيط والقطيعة والمقاطعة والنبذ والهمز واللمز. وصل هذا الكرنفال إلى مديات بعيدة جدًا، متجاوزًا حدود الأخلاقيات العامة.
بدأ هذا الكرنفال عندما أبدى الشاعر عمر السراي رأيًا في تجربة الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد، فقامت الدنيا ولم تقعد، ولما تزال الدنيا مستمرة في هذه الحالة من الوقوف !. اشتعلت الأجواء مرة أخرى عندما قدم الشاعر حسين القاصد رأيًا عن واحدة من أغنيات كاظم الساهر، ورأيا آخر عن قصيدة من قصائد الجواهري، مما أدى إلى تصاعد الخلافات بشكل حاد.
اشتد الكرنفال مرّة أخرى وبلغ ذروته عند مناقشة تعديل قانون الأحوال الشخصية، حيث أظهر العراقيون فجأة شخصية الفقيه والمشرع القانوني والمدني المدافع عن حقوق الشريحة التي يشملها التعديل. إلا أن هذا النقاش لم يكن سوى جزء من كرنفال آخر يُضاف إلى سلسلة الكرنفالات المستمرة.
لم يتوقف هذا الكرنفال عند هذا الحد، بل انتقل إلى جدال حاد حول مسلسل "الجنة والنار" الذي أُنتج خارج حدود العاصمة. أثار هذا المسلسل نقاشات حامية بين الناس، الذين استعرضوا خزّان الشتائم والتخوين الذي لديهم، مستخدمين ألفاظًا خشنة في تعبيراتهم.
ورغم انحدار مستوى الحوار والتعليقات المسيئة، إلا أنني أرى في وسط هذه المعمعة والجلبة والصراخ شيئًا جماليًا بسيطًا وصغيرًا وهو : إن العراقيين يتخاصمون حول شاعر، ومطرب، وعمل فني! وقضية دينية مدنية تخص أحوالهم الشخصية. يبدو أنهم قد نسوا أو تناسوا ما تعانيه بلادهم من أخطار ومستقبل مجهول.
هل شبع العراقيون إلى حد أن يصبح شغلهم الشاغل هو تجارب الشعراء والفنانين؟
ولم تهدأ الدنيا حتى عادت إلى حالة عدم الاستقرار عندما أفصحت الدكتورة والفنانة عواطف نعيم أن شكسبير زارها في المنام معاتبًا! وهكذا، انبرى البعض للسخرية والتهكم والدفاع عن صاحب "عطيل" و"ماكبث" و"هاملت". لكنني أتساءل: هل هؤلاء يعرفون ما تعنيه كلمات السيدة نعيم، أو حتى هل يعرفون هوية وجنسية وأصول شكسبير؟ أم أن الكلام بالنسبة لهم مجرد هواية؟ أشك أن بعضهم سمعوا باسم شكسبير لأول مرة من خلال السيدة عواطف نعيم!.
وفي هذا الكرنفال المستمر، انشغل الناس أيضا بالحديث عن دولة الكويت وقصة سماحها للعراقيين بالدخول إلى أراضيها. حتى الذين لا يعرفون عدد لاعبي كرة القدم ، دخلوا في هذا النقاش، مقترحين على حكومتي البلدين ملاحظات وتوجيهات حول ما يجب فعله.
أسهم هذا الكرنفال في تغطية أحداث عراقية كبيرة مرت خلال الشهرين الماضيين. على سبيل المثال، أين وصل الأمر بقضية "سرقة القرن"؟ وما هو موقفنا مما يجري على الحدود العراقية التركية؟ وهل لاحظ العراقيون ما تعرض له خريجو المجموعات الطبية يوم أمس؟
هل نهدأ أم نستمر في هذا الكرنفال؟
إشارة: لفهم مصطلح "الكرنفال"، يمكن مراجعة مفهومه عند الناقد الروسي ميخائيل باختين، الذي يصفه بأنه "المجموع الكلي لمختلف أشكال الطقوس الاحتفالية العامة". وقد طبق باختين هذا المفهوم على الأعمال الروائية لربليه ودوستويفسكي.

حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت