الكتابة إلى الذات

اسماعيل شاكر الرفاعي
2024 / 9 / 2

https://www.google.com/search?q=قناة+فرانس+24&rlz=1CDGOYI_enUS1113US1113&oq=قناة+فرانس+8#fpstate=ive&vld=cid:500472a1,vid:VuYzy8IuT0Y,st:
1 )
كيف سيكون شكل ومضمون الرسائل الموجهة إلى الذات ، إذا ما قرر احدنا الكتابة اليها ، وليس الى الآخر ؟
2 )
تقوم تقنية الكتابة إلى الذات : على تفكيك الفرد لمكونات ثقافته التي ورثها ، ولم يبذل جهداً في إنتاجها ، فيقوده التفكيك الى الزمن الذي تشكلت فيه عناصر ثقافته عند مستوى معرفي معين : اصبح هو القاعدة التي انطلقت منها مصادر ثقافته الحالية . انها رحلة واعية مقصودة ، لا بد منها : إذا أراد الفرد التعرف على نسبة مشاركته في صناعة ذاته . هل ثمة نسبة للفرد في صناعة ذاته ، أم انه صناعة تمت في ورشة الوراثة بالكامل ؟
3 )
يذهب الفرد في هذه الرحلة إلى الماضي : لا رحلة تعبّد، وإنما رحلة استكشاف ، وعادة ما تتزود رحلات الاستكشاف الآثارية بآخر معطيات عصرها العلمية : المنهجية ، والتكنولوجية . ولو لم يذهب علم الآثار بمثل هذه المعطيات إلى الماضي لما أماط اللثام فيه عن وجود حضاري متقدم ، ولقال رواده ما كان يقوله جميع قادة دول الحضارة الزراعية من خلفاء وملوك وأمراء وفقهاء : ان التلال المتناثرة في جنوب العراق ووسطه ، هي آثار عقوبة سماوية ، أراد لها الله ان تظل عبرة شاخصة عبر الزمان ، وليست آثاراً حضارية . لم تتمكن الحضارة الزراعية - لانتفاء الأسباب الدافعة إلى الابتكار - من ابداع تكنولوجيا التنقيب ، وفك طلاسم الكتابة المسمارية والهيروغرافية وقياس أعمار اللقى الآثارية ، التي هي من مهمات الحضارة الصناعية اللاحقة التي ستدفعها آليات اشتغال اقتصادها الرأسمالي - وليس الزراعي - إلى الكشف عما تضمه باطن الارض : من آثار وأيضاً ما يوجد داخلها من ثروات طبيعية . فبمعطيات عصرنا العلمية خرج إلى الوجود : علم الآثار ، ونجح المؤرخ الحديث في اعادة كتابة الماضي عن طريق تزويد العلم له بمنهجية التحقيق التي من خلالها يتم الكشف عن الوثيقة المادية التي أصبحت الشاهد المعتمد في تأكيد حقائق الماضي . وليس السند واعتماد الذاكرة …
4 )
وبتوفر المنهجية العلمية سينجح الفرد الساعي الى اكتشاف الزمن الذي تبلورت فيه عناصر ثقافته التي تتحكم بسلوكه ومواقفه الحالية ، فهو ليس عبثاً يقف في خط الدفاع عن قانون تزويج الفتاة في عمر التاسعة قبل ان يتكامل نموها العقلي والادراكي . ستمنحه رحلة الذهاب إلى الماضي الاستكشافية فرصة اكتشاف النسبة المؤية التي ساهم فيها بصناعة ذاته - وفي ضوء هذه النسبة سيكتشف الفرد : ما إذا كان ينتمي لمعارف عصره ام لمعارف الماضي قبل 1400 سنة …
5 )
تدور المفاهيم الثقافية للحضارة الزراعية حول الطبيعة وحول القوة القادرة على ترويضها ، لما للطبيعة من تأثير حاسم على إنتاجية الاقتصاد الزراعي ، وحضي هذان المفهومان بالاهتمام الكبير في ثقافة الحضارات الزراعية ، وأصبحا هما الدرس الفلسفي والفقهي الأرقى في اروقة الأكاديميات والكنائس والجوامع . كان التصور الفلسفي لتلك القوة القاهرة انها : المحرك الاول الذي تتحرك بحركته جميع الموجودات ، ولكن تلك القوة في تصور الكنيس والكنيسة والجامع : انها خالقة ولها صفة القدرة الشاملة : فإذا أرادت شيئاً فانما تقول له كُن فيكون . فالقوة الخالقة والطبيعة المرَوَضة من قبلها هما اول مفاهيم الحضارات الزراعية اللذان تم اشتقاق جميع مفاهيم : الحكم والعدالة والحق والعقوبات منهما . يتوارى الإنسان - في الحضارة الزراعية - خلف هذين المفهومين : كمخلوق صغير ، فاقد للقوة ، غير فاعل ، مكبل تماماً منذ ولادته بقدر : رسم له طريقه ، ووضع له فيها افعاله ومواقفه ، فهو مسيّر وغير مسؤول عن قراراته وتصرفاته في الحياة …
6 )
لكن الإنسان المذعور الصغير الخائف الجاهل بكل شيء ، في تصور مفاهيم الحضارة الزراعية عنه : تحوّل في مفاهيم الحضارة الصناعية إلى كائن فاعل يرسم بنفسه ملامح وسمات مستقبله : وأصبح البرنامج الماورائي الذي تدور من حوله كل مفاهيم الحضارة الزراعية أي : مفهوم السيطرة على الطبيعة ، هو برنامج مجتمعه العلمي ودولته ، وبالتالي برنامجه الشخصي ، لكن من غير : رشوة ، اذ ان الحضارة الزراعية دفعت موهوبيها من المفكرين والساسة إلى التفكير طويلاً في امر كيفية قيادة الطبيعة والتقليل من آثار ظواهرها السلبية على الإنسان وعلى اقتصاده الزراعي ، فما وجد هؤلاء المفكرون حلاً اكثر منطقية من وجود خالق لها ، فهو وحده القادر على إصدار الأوامر لها بلجم ظواهرها العنيفة من الاستمرار في ايذاء الإنسان . وان يعلن الإنسان بالمقابل : توبته وطاعته للآلهة ، وتقديم النذور اليها ، والطلب منها : مساعدته في السيطرة على الطبيعة بتهدئة براكينها وفيضاناتها وعواصفها وأمراضها ، وان توقف جفافها وزحف الصحارى على الاراضي الزراعية …
7 )
- [x] وبهذا يكون التفكيك نوعاً من الاختراع ، لأنه سيعيد بناء الشخصية وفقاً لمبدأ حرية الاختيار ، وليس وفقاً للتقليد القديم الذي يستلم الشخص بموجبه مكونات ثقافته جاهزة بالوراثة من محيطه الخارجي . ذلك ان الفرد الذي قرر الدخول بحوار ذاتي مع قناعاته ومعتقداته : لا يعود ابداً - إلى ما كانت عليه شخصيته : سواء رفض موروثه الثقافي او قبل به وأقره . فثمة ظلال من الشك تظل تحوم حول شخصيته مصدرها الخارج المحيط : الذي لا يتسامح أبداً مع الشخصية التي رفعت بوجهه سؤال : الشك والريبة . سيعاملها المحيط بجفوة ، ويسعى إلى الوصول بها إلى حافة النبذ والتهميش ، وربما الجنون …

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي