عشتار الفصول:11510 للتنوير إعادة تأهيل الديانات كافة وليس لإزدراء الأديان

اسحق قومي
2024 / 9 / 1

ضِمنَ مَجموعةِ نَقدِ الأَديانِ، كَتَبَ أَحدُ أَبرزِ المُساهِمينَ واسْمُهُ كَتَبهُ بِاللُّغةِ الإِنكليزيَّةِ (eagle):
(مِن ضِمنِ الكَذِباتِ المَسيحيَّةِ هُروبُ يَسوعَ وَأُمِّهِ إِلى مِصرَ وَالتي لا يُوجَدُ أَيُّ سَندٍ تاريخيٍّ لِهذهِ الكَذبةِ إِلّا حُلمُ خَطيبِ أُمِّ يَسوعَ وَحُلمُ أَحدِ البَطارِكةِ)، فَكتَبتُ ما يلي:
Ishak Alkomi
يا سَيِّدَ صاحِبَ هذا الكَلامِ، لَيسَ هَكَذا يُمكِنُ نَقدُ الأَديانِ. أَرى أَنَّكُم تُغالِطونَ أُسُسَ البَحثِ العِلميِّ بِطَريقةٍ فَجَّةٍ، وَنَقدُ الأَديانِ لا يَعني ازدراءَ الأَديانِ. أَتَمَنّى أَن نَرتَقي في سُلوكياتِنا، وَغَيرَ هذا أَعتقِدُ أَنَّنا في وادٍ وَالحَقيقةُ في وادٍ آخَرَ. وَمَعَ هذا، أَثِقُ أَنَّ المَسؤوليةَ الكُبرى تَقَعُ عَلَينا، وَلِهذا يَجِبُ أَن نَعملَ لِلبِناءِ وَليسَ لِلهَدمِ. مَعَ أَنهارِ مودَّتي.
وَلِهذا كَتَبتُ بِرِسالةٍ إِلى هذا المَوقعِ أَقولُ فيها:
بِاسْمِ الَّذي لا فَناءَ لِمُلكِهِ وَلا إِنقضاءَ لِعَهدِهِ، إِلَهِ السَّلامِ وَمَلِكِ السَّلامِ الَّذي تَجَسَّدَ كَهَيئتِنا وَعاشَ الدُّنيا فَلا زَلَّ وَلا خَفَقَ. هُوَ الأَلِفُ وَالياءُ، البِدايةُ وَالنِّهايةُ. الَّذي قَدَّمَ نَفسَهُ فِداءً عَنّا. هُوَ لَم يَكُن خُرافةً بَل حَقيقةً، وَالسُّؤالُ: لِماذا نَثِقُ وَنُؤمِنُ بِكُلِّ ما جاءَ عَنِ الفَلاسِفَةِ وَالعُظَماءِ وَلا نُؤمِنُ بِالسَّيِّدِ يَسوعَ المَسيحِ الَّذي يُجَسِّدُ حَقيقةً أَروعَ رِسالةٍ على الإِطلاقِ؟ لَم أُؤمِنْ بِهِ لِكَوْني مُنحَدِراً مِن أُسرةٍ مَسيحيَّةٍ بَل مِن خِلالِ قِراءةٍ زادَت عَنِ الخَمسينَ عاماً وَلِكُلِّ الرَّسائِلِ وَالأَديانِ. فَلَو يا سَيِّدي جِئتَ لي بِأَعظَمَ مِن رِسالةِ السَّيِّدِ المَسيحِ أُقسِمُ سَأُؤمِنُ بِتِلكَ الرِّسالةِ وَلَكِن مِنَ المُستَحيلِ.
دَعونا مِنَ الجانِبِ اللاهوتيِّ، فَتِلكَ مَسأَلَةٌ أُخرى. إِنَّ الجانِبَ اللاهوتيَّ لا يُمكِنُ قَبولُهُ إِلّا مِن ارتَقَت بِهِ مَراتِبُ الرُّوحانيّاتِ وَفَلسفةِ الوُجودِ، وَغَيرِ ذلكَ. أَمَّا الجانِبُ الأَرضيُّ، أَعني الماديَّ، فالسَّيِّدُ يَسوعَ المَسيحَ الإِنسانُ الكامِلُ، وَلَيسَ كَما جَيَّرَها اِبنُ عربي، فَذاكَ ضَلالٌ مُبينٌ. لِهذا، الإِنسانُ الكامِلُ لَيسَ بِحَديثِنا بَل أَثبَتَ ذَلكَ مَجموعةٌ مِنَ العُلَماءِ وَالثُّقاةِ. وَإِذا كُنتَ يا أَخي تَجهَلُ العُلومَ، عَلَيكَ عَدمُ الإِزدِراءِ بِها، وَهكذا إِذا كُنتَ لِغايَةٍ في نَفسِ يَعقوبَ تُريدُ أَن تَخلِطَ الأُمورَ وَالأَديانَ وَالقَتَلةَ مَعَ مُلوكِ السَّلامِ، فَهذا أَيضاً مِن شَأنِكَ وَتَتحمَّلُ مَسؤوليتَهُ، وَلَكِن أَن تَخلِطَ بَينَ النُّورِ وَالظُّلْمَةِ، فَهذا هُوَ الجَهلُ وَالحَماقَةُ وَالخُبثُ وَالرِّياءُ.
أَرجوكُم، لَدَينا مَشروعٌ تَنويريٌّ يَقومُ على أَكتافِ مَن يُؤمِنونَ بِالإِنسانيةِ جَمعاءَ وَلا يَزدَرونَ أَيَّ دينٍ مِنَ الأَديانِ أَو أَيَّةَ أَفكارٍ كانت، إِنَّما يَتَناقَشونَ وَيَتَحاوَرونَ لِإيجادِ قَواسِمَ مُشتَرَكَةٍ.
تَقومُ على المَوضوعيَّةِ وَالعِلمِيَّةِ.
وَأُريدُ أَن أُلفِتَ انتِباهَ بَعضِ الأَخواتِ وَالإِخوةِ. إِذا لَم يَكُن هُناكَ مِن أَثَرٍ أَركيولوجيٍّ قَد ظَهَرَ عَلى أَثَرِ الحَفريّاتِ لِيُثبِتَ القَضيةَ الفُلانيَّةَ، فَهذا لا يَعني على الإِطلاقِ بِأَنَّ تِلكَ القَضيةَ غَيرُ مَوجودَةٍ تاريخيّاً.
فَهُناكَ مَلايينُ المَسائِلِ لا يُوجَدُ لَها أُسُسٌ لَدى عِلمِ الآثارِ بَل هِيَ مُوَثَّقةٌ في سِجِلاتٍ عِدَّةٍ، وَهذهِ الوَثائِقُ التَّاريخيَّةُ هِيَ الَّتي تَقَعُ عَلَيها الدِّراساتُ الأَكاديميَّةُ الرَّصينَةُ وَقِراءَةُ الوَثيقةِ لَها قَوانينُها وَأُسُسُها. كَما هُناكَ أَمراً في عِلمِ التاريخِ وَهُوَ التَّواتُرُ. فَلَيسَ يا إِخوتي (كُلُّ مَن قَرَأَ الكِتابَ فَهيمٌ)، إِذا كُنتَ جاهِلاً في أَمرٍ مِنَ الأُمورِ عَلَيَّ أَن أَجتَهِدَ على نَفسي وَأَتَعَلَّمَ العُلومَ الخاصَّةَ بِمَيولي.
وَلِكَي تَصيرَ طَيّاراً يا سَيِّدي، عَلَيكَ أَن تُحَقِّقَ عِدَّةَ اِمتِحاناتٍ، وَهكذا الطَّبيبُ وَالمُعَلِّمُ. إِنَّ الحَماقَةَ الكُبرى هِيَ أَن أَدَّعي ما لَيسَ فيَّ وَأُغايرَ العالَمَ لِأُثبِتَ ذاتي، فَهذا مَرضٌ عُضالٌ عَلَينا تَجنُّبُهُ وَالبَتُّ فيه.
أَعودُ لِلقَولِ: أَنا مَعَ مَشروعِ إِعادَةِ تَأهيلِ جَميعِ الأَديانِ على ضَوءِ التَّقدُّمِ وَالتَّطوُّرِ في كُلِّ المَجالاتِ، وَرَغمَ هذا، فَعَلى قَدرٍ مِن مَعرِفَتي المُتواضِعةِ، وَالَّتي دَرَستُ فيها عِلمَ النَّفسِ لِمُدَّةِ ثَماني سَنَواتٍ في مَعهدي المُعلِّمينَ وَالمُدَرِّسينَ بِالحَسَكةِ، وَعِشقي لِهذهِ العُلومِ وَلِلفَلسفَةِ الَّتي نَسيتُها في ثانوياتِ الجَزيرةِ السُّوريَّةِ، وَمُعاقَرَتي الدَّائِمةِ لِلبُحوثِ الفَلسفِيَّةِ وَالدِّينيَّةِ، فَإِنِّي أَجِدُ مِنَ الضَّرورَةِ بِمَكانٍ أَن نُعيدَ قِراءَةَ الأَديانِ وَغَربَلَتَها أَمامَ النَّقدِ الرَّصينِ، وَلَكِن يَبقى التَّديُّنُ حاجَةً رُوحِيَّةً وَضَرورِيَّةً، وَلَكِن لَيسَ مِنَ العَدلِ أَن نَخلِطَ مَا بَينَ ما يَقولُ: (أَحِبُّوا أَعداءَكُم، بارِكوا لاعِنِيكُم) وَبَينَ (مَن يَقولُ العَينَ بِالعَينِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ)، فَتِلكَ مُصيبَةٌ وَعَدمُ وُجودِ تَكافُؤٍ بَينَهُما، وَلا أُريدُ الدُّخولَ فيما لا يَعنيني، إِنَّما عَلَينا أَلّا نَزدَري أَيَّ دينٍ كان، وَعَلَينا اِحتِرامُها، وَلَكِن أَيضاً عَلَينا التَّأكيدُ على أَن نَعملَ جَميعاً لِإخضاعِ التُّراثِ الدِّينيِّ بِرمَّتِهِ تَحتَ مِجهَرِ النَّقدِ العِلميِّ وَالمَوضوعيِّ.
مَرَّةً ثانيَةً.
الإِنسانُ العامِلُ في حُقولِ الخَيرِ وَالحَقِّ وَالجَمالِ لَيسَ كَذاكَ القاتِلَ، وَالقَتلُ أَنواعٌ وَأَجناسٌ، وَأَشَدُّهُ فَتكاً عِندما نُسَخِّرُ ضَمائِرَنا لِتَدميرِ الأَروعِ وَالأَجمَلِ وَالأَنقى وَالأَسمى وَنَخلِطُهُ مَعَ الظُّلْمَةِ وَالقَتلِ.
أَعتَذِرُ إِذا كَتَبتُ هذا، وَلَكِن ثِقوا تَماماً أَنَّ جَميعَنا لَنا قَلبٌ وَعَقلٌ وَمَشاعِرُ وَضَمائِرُ، وَلَكِن أَفضَلُنا ذاكَ الَّذي لا يَكتُبُ أَمراً مِن أَجلِ إِزعاجِ الآخَرينَ.
أُحِبُّكُم جَميعَكُم لِأَنَّكُم إِخوَتي، وَأُقَدِّرُكُم جَميعاً لِأَنَّكُم بَشَرٌ، وَعَلَينا أَن نَرتَقي إِلى مَرتَبَةِ البَشَرِيَّةِ أَوِ الإِنسانيَّةِ.أَخوكم المُدرِّسُ، الشَّاعِرُ، وَالأَديبُ، وَالباحِثُ السُّوريُّ إِسحاقُ قَومي.
أَلمانيَا، في 1/9/2024م.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي