حديث البيدق/ طوفان الأقصى حتى لا ننسى (91)

نورالدين علاك الاسفي
2024 / 8 / 29

" حمق / هبل "؛ بالتوالي: فَقَدَان العَقْلَ وَ التَمْيِيزَ؛ و قِلَّةُ العَقْلِ وَفَسَادُهُ؛ تعددت الدلالة على وجه؛ أما "الجنون" فزوال العَقْل أَو خلل اعتراه. مقولة اينشتاين على الذائع؛ لا تضع لهما معيارا و لا تأخذ لهما اعتبارا. و بحدها الأقصى؛ تشاكس الغباء و لا تقر الهبل عرضا و لا الحمق رأسا.
أما "الجنون" حدا بمزدوجتين من سموتريتش؛ فيوطنه على ما يراه حقيقا بالتوصيف بحكم الواقع؛ فالظرف محايث له؛ لا يضع عنه الحمل بحال؛ و حكم الراهنية شاهد عما هو ناجز بغير حسم قار.
المشهور من الغباء قرين بمنطوق القولة. لكن سموتريتش يأتي على ذكر "الجنون" بالتعيين؛ ليروم العبارة المعنى النافذ التي سيؤسس عليه ما رامه بعبارة الحسم في "خطته":

"في واقع حياتنا السياسية، يبدو أن الجنون قد حل محله".

عبارة على الصريح؛ الجنون بحق بات سيد المشهد السياسي بالكيان؛ و شهادة سموترتش؛ كواحد من اليمين الصهيوني الحاكم؛ لا تعدو بحق تكريس "الهبل" اجتهادا في الرأي و ترسيخا في الممارسة.
و هنا قوس؛ لابد من فتحه؛ الكل بات شاهدا عليه. جيش الصهاينة يشن نفس الغارات و يأتي نفس الاقتحامات ثم يذهب بعيدا بدون طائل ثم يعود ليجربها مرارا و تكرارا ولا يتقدم خطوة.
أ من غباء مستفحل لا دافع له؟
أم من جنون ذهب بالعقل فلا صحة له؟
نتنياهو حاكم الكيان؛ و عراب سموتريتش ينهض هو الآخر دليلا شاهدا؛ فيذهب مرارا و تكرارا؛ مذ انطلاق طوفان الأقصى إلى استفزاز جبهة المقاومة بمبدأ الأحداث الأمنية و الاغتيالات فترد عليه المقاومة بإجراء عسكري؛ لا يتركه يقر بما ركن إليه برسوخ؛ و يراه حقيقة بالاستمرار و قد عمل عليه عقودا لتأبيده؛ و إذا بجبهات الاسناد تأخذه على بغت من موجات ردع مطردة لم تكن في الحسبان؛ مما يزيد في منسوب الارتجاج في عقول سدنة الكيان و رعاته.
سموتريتش له رأي آخر؛ يريد أن يتنصل من حال مسطور؛ و لم لا القطع/ الحسم معه ما دام يراوح مكانه بلا حل منظور؛ فبات في حل من الارتكان إليه؛ و أضحى من "الحمق" الانتصار له؛ "فاليسار" يعدم الوسيلة لدفعه؛ و غدا سمة ملتصقة بنهجه؛ خبرها من تجارب توالي حكوماته؛ و تدبيرها "المعاق" للقضية الفلسطيني حيث :
"يواصل اليسار الإسرائيلي تكرار الحلول "البسيطة والآمنة" لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي، ونشهد مرارا وتكرارا فشل هذه الحلول وعدم جدواها".
و الحالة من إيقاظ الهمم مستنفرة؛ و المآل في الكيان فَارَّ مِنْ قَسْوَرَةٍ ؛ سيسقط عنه الغباء ظرفا حتى لا يوطن "الجنون" المستفحل حصرا؛ لذا بات معه لزاما القطع مع الحلول "البسيطة والآمنة".

"إذا لم يتم فعل أي شيء، فستستمر هذه المحاولات إلى الأبد في التحرك وإثارة الآمال الكاذبة وأحلام اليقظة."

"خطة الحسم" يراها سموتريتش كفيلة بواقعيتها المأمولة و اقتراحاتها التي باتت عند القاصي و الداني معلومة بالضرورة. لدفع ما هو نازل.

"لقد حان الوقت لقول ما يكفي، لكسر النموذج وإيجاد الطريق الصحيح للخروج من هذا المسار الذي يبدو أنه لا نهاية له."

ما يشتكي سموتريتش من محصلته الدون؛ لا يرى في نهجه مستقبلا واعدا في حل الصراع العربي الصهيوني، فهو ما برح يراوح مكانه؛ مما ينهض دليلا أن من اتخذ من نفسه "مدبرا للصراع" هو في نهاية المطاف المعيق الأول و الأخير لدواليبه. و لن يجد أي غضاضة في دفع جانبا "تجربة"ما كان إلى الأمس القريب رافعا "لفكر صهيوني علماني"؛ بحجة "الباب المسدود" الذي انتهى إليه.
و تلكم حقيقة لا ترتفع بحال؛ فمن موقعه السياسي كيمين أرثوذكسي متطرف؛ يقدم سموتريتش "خطة الحسم" كبديل؛ و بات موكولا إليه النهوض بها. و العمل على إنفاذها. لحسم حل حقيق بواقع مهزوز.
و لم يكن في وارد تفكير سموتريتش؛ أنه يوما ستكون "كافة المسارات التي اختارتها القيادة السياسية والعسكرية في إسرائيل تقود البلاد إلى منحدر زلق وقد تصل قريبا إلى نقطة اللاعودة"[1] .
إن "القضية الفلسطينية"؛ أخذت على عاتقها برهان " طوفان الأقصى" الكاسح لحسم قضيتها بلا رجعة.
----------
[1]- https://www.alhurra.com/israel/2024/08/22/تحذير-انهيار-إسرائيل-خلال-عام-استمرت-حرب-الاستنزاف
https://www.haaretz.com/opinion/2024-08-22/ty-article-opinion/.premium/israel-will-collapse-within-a-year-if-the-war-against-hamas-and-hezbollah-continues/00000191-795e-d8d0-a7bb-f9ff81000000

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي