من ذاكرة التاريخ : تحرير مدينة الموصل – الجزء الخامس

محمد رضا عباس
2024 / 8 / 27

في الجزء الرابع من هذه السلسلة ذكرنا ان القوات العراقية استطاعت تحرير اربع قرى من قرى مدينة الموصل يوم 24 اذار 2016 , وكان من المعتقد ان العملية العسكرية سوف لن تتوقف حتى تحرير كامل مدينة الموصل , ولكن العمليات توقفت لأسباب كشفت عنها صحيفة الواشنطن بوست الامريكية , ان المعركة مرهونة بتحسن وضع الفرقة المدرعة التاسعة التابعة للجيش العراقي و توفير المعدات الثقيلة .
وبغية منع أهالي الموصل سماع تفاصيل وصول القوات المسلحة العراقية الى حدود الموصل , قام التنظيم بفرض قيود على مشاهدة السكان للتلفزيون , والذي اصبح المصدر الوحيد للأخبار بعد ان تراجعت خدمات الانترنيت و التلفون . حسب وكالة رويترز والتي استطلعت اراء بعض المسؤولين وبعض اهل الموصل , فان هدف وضع القيود على مشاهدة التلفزيون هو عزل السكان و مقاتلي التنظيم عن أي اخبار عن تقدم القوات العراقية و التقليل من فرص اندلاع انتفاضة شعبية ضدهم , الى جانب تفادي انهيار الروح المعنوية بين عناصر التنظيم . وذكرت وكالة رويترز من انها اتصلت بخمسة من سكان الموصل عن طريق الهاتف والانترنيت وقالوا للوكالة ان التنظيم قد صادر أجهزة استقبال القنوات الفضائية من بعض المقاهي والأسواق. وذكر تاجر ان تنظيم داعش منع بيع وشراء أجهزة استقبال وبث القنوات الفضائية لأنها حرام ومصدر للفسق والفجور. واستعمل التنظيم طرق قاسية ضد سكان المدينة للتخلي من أجهزة استقبال القنوات الفضائية الخاصة بهم. وقال أحد السكان انه سلم جهازه حتى يتم الافراج عن أخيه الذي اعتقل بسبب التدخين. وقالت ارملة مسنة ان الدولة الإسلامية صادرت جهازها كشرط لإمدادها بإعانة مالية , وقال ثلاثة من السكان ان التنظيم هدد بإيقاف مولدات الكهرباء التي يستخدمها 80% من السكان اذا لم يسلموا أجهزتهم.
لم يدم انتظار الموصليين على تحرير محافظتهم طويلا , فقد اعلن المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة العميد يحيى رسول في حديث للسومرية نيوز في 15 تشرين الأول 2016 انه " تم الانتهاء من جميع التحضيرات الخاصة في عملية تحرير مدينة الموصل , لاسيما فيما يخص العدة والعدد والتسليح والتجهيز والدعم الجوي ", وأضاف المتحدث " نحن ننتظر القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي لإعلان بدء العمليات وتحديد ساعة الصفر , وستكون القوات المسلحة العراقية والقطعات المشتركة على أهبة الاستعداد للانقضاض على عناصر التنظيم الإرهابي في الموصل".
وبعد يوم واحد , اعلن رئيس مجلس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة بدء عمليات تحرير نينوى في فجر يوم 17 تشرين الأول 2016 وقد اعطى لعمليات التحرير اسم " قادمون يا نينوى " .
القائد العام للقوات المسلحة لم يعلن عن ساعة الصفر قبل إجراءات تفاهمات سياسية مع الفرقاء السياسيين في البلاد , فكان عليه اخذ تعهدات من السيد مسعود بارزاني بعدم ضم المناطق المحررة من نينوى الى الإقليم , وكان عليه اختيار القيادات العسكرية لكل جبهة , اقناع الرافضون للحشد الشعبي بقبول مشاركته في عمليات تحرير نينوى , وكان علية اتخاذ قرار بمشاركة حشد الموصل التابع الى اثيل النجيفي في عمليات التحرير , وكان عليه التعامل مع مطاليب الكتل السنية التي كانت تدعو الى الكشف عن مصير بعض المخطوفين خلال معارك تحرير جرف الصخر والصقلاوية , و التغيير الديمغرافي كما يدعون في جرف الصخر , وكان عليه التعامل مع اخبار منع الحزب الديمقراطي الكردستاني عودة العرب الى مناطقهم المحررة , وكان عليه اتخاذ قرار حول مصير تواجد القوات التركية في معسكر بعشيقة وكيفية تجنب أي احتكاك مع القوات المسلحة العراقية المشاركة في تحرير المحافظة , وكان عليه التعامل مع مطالبة بعض النواب بتقسيم محافظة نينوى الى ستة او ثمان محافظات , وكان عليه التعامل مع بعض العرب الهاربين الى أربيل والذين كانوا يطالبون عرب المدن المحررة بطرد الحشد الشعبي بقوة السلاح , وكان عليه التعامل مع ممثلة المكون الايزيدي , السيدة فيان دخيل والتي كانت تطالب بمحافظة مستقلة للايزيدين والذين ذاق "الويلات " على يد العرب , وكان عليه اقناع التيار الصدري من إيقاف تظاهراتهم الأسبوعية والتي كانت تطالب بالإصلاح والقضاء على الفساد .
السيد العبادي قد حقق نجاحا باهرا في اقناع جميع الكتل السياسية بوضع خلافاتهم جانبا , ولو موقتا , ووقوفهم خلف معركة الموصل . فقد صرح رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني ان هناك تنسيقا كاملا مع بغداد والتحالف الدولي بشان معركة استعادة الموصل , معتبرا ان نجاح معركة الموصل " ستكون بداية لعلاقات جديدة بين أربيل وبغداد" . وقال رئيس البرلمان السيد سليم الجبوري ان معركة الموصل فرصة لتوحيد العراقيين و تجاوز الخلافات السياسية التي تهدد الوحدة الوطنية , وحذر السيد الجبوري من استغلال ظرف معركة الموصل او بعدها , لتنفيذ اهداف غير المصلحة الوطنية . وبدوره اكد رئيس الجمهورية فؤاد معصوم ان " تحرير الموصل وكل الأراضي العراقية من سيطرة داعش الإرهابية بات وشيكا و هزيمته حتمية ", مشددا على ان حماية المدنيين و سكان المدينة " هي المهمة الأساسية الأولى والعاجلة لقواتنا المسلحة ولكل العراقيين". كما دعا زعيم ائتلاف متحدون للإصلاح السيد أسامة النجيفي الى الوحدة والتعاون داعيا القوات العراقية الى " الضرب بيد من حديد على رؤوس الدواعش واحتضان أبناء نينوى و تجنبهم اية مخاطر يمكن ان ترافق معركة التحرير" , كما ووصف زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر عملية الموصل بانها " معركة الحق مع الباطل " , وقال في بيان صحفيا " لا نريد لحرب تحرير الموصل ان تكون بنظر الاخرين حرب طائفية بين طائفتين او ما شابه , بل هي حرب حق مع الباطل ولا نريد معونة أي دولة أخرى" .

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي