|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
أمين بن سعيد
2024 / 8 / 25
اليهودية ليست "مجرد دين" أو "أي دين"، فهي "أصل الأصول" في كل ما يحكمنا اليوم في عالمنا الإسلامي، ومن فوقه العالم الغربي ذو الخلفية المسيحية. وكونها بتلك الأهمية لا يعني ذلك أنها تستحق، بل أهميتها أتتْ حصرا مما حصل في التاريخ الذي لم يكن لها فيها أي تأثير، ذلك التاريخ الذي بدأ بتبني قسطنطين للمسيحية كديانة للإمبراطورية الرومانية، ثم تبني محمد لأنبياء اليهود فقط ليجد له مرجعية بين عرب قريش... تواصل سلطة الرومان ونجاح الحركة المحمدية جعلا من اليهودية أصلا في العقائد والثقافة، وللأتباع قيمة ومرجعية برغم الرفض الجزئي لا الكلي لعقائدهم ونصوصهم من المسيحية والإسلام.
خرافة الشعب المختار، ليست إذن عبرانية بل مسيحية إسلامية... في تلك الأزمنة الغابرة، وقبلها، وبعدها، كان للأديان شأن عظيم؛ بها فُسّر الوجود، وتكونت المجموعات البشرية واستمرت. كل الشعوب صنعت أديانا وآلهة، منها من نجح في الاستمرارية، فقُهرت شعوب أخرى وفُرضت عليها عقائد وآلهة المنتصِرين، ومنها من فشل واندثر ومعه الأتباع الذين إما أبيدوا وإما تحولوا إلى عقائد وثقافات من حكمهم.
النقطة الجوهرية الثانية لفهم سلطة وتجبر اللوبي اليهودي في الغرب اليوم، لا تأتي منه ومن عبقرية أفراده كما يُزعم ويعتقد الذميون من الغوييم، بل كما في النقطة الأولى حصرا من المسيحية والإسلام! العالم اليوم يعيش تحت سلطة رأس المال المالي، رأس المال يعني نهبك وأكل جلدك، أما رأس المال المالي فيعني أكل لحمك وحتى عظمك لن يسلم، أي البارازيتسم في أبشع تجلياته. وهذا المالي المذكور فيه قلة بروتستانت لكن أغلبه يهود! فمن أين جاءتهم هذه السلطة يا ترى؟ هل عباقرة إلى هذا الحد فنذعن كما الذميون ونقول إنهم حقا شعب مختار؟ الجواب بسيط جدا، وعندما نفكر بحرية بعيدا عن الإرهاب اليهودي المفروض على أحرار الغرب، نقول إن الأصل في تحريم الكاثوليكية والإسلام للربا! عندما تمنع شعبك مثلا من ممارسة مهنة الطب، وتأتي بغرباء يهتمون بكل شيء في مجال الصحة، هل نجاحهم دليل على نبوغهم أم على غبائك وسذاجتك؟ ثم، بعد قرون، يبدأ شعبك في ممارسة الطب، فهل غريب أن يكون من مارسوا الطب لقرون يتفوقون عليه؟
النقطة الجوهرية الثالثة في العبقرية اليهودية المزعومة، أيضا لم يصنعها اليهود، بل الحلفاء أيام الحرب العالمية الثانية، والمقصود خرافة الهولوكوست! التي صنعها السوفيات بمزاعم تضحك الثكلى عن معسكرات الإبادة الخرافية، ولحقهم الأمريكان والإنكليز، والهدف معلوم مع عدو مشترك وجبت شيطنته إلى أبعد حد حتى يُخرج من الإنسانية أصلا فيتحقق الدعم المنتظر من كل الشعوب. خرافة الهولوكوست التي بها يحكم اللوبي اليهودي الغرب، حجر أساس في السياسة والثقافة الغربية منذ نهاية الحرب. والتلقين ديني بكل ما في الكلمة من معاني، حيثُ يُفرض تدريس الهولوكوست في المدارس، ويحج الجميع إلى المعسكرات النازية. الهولوكوست خرافة تجهل حقيقتها أغلب نخبنا، فتجهل بالتالي وبالضرورة طبيعة عمل الإنتلجنسيا اليهودية في الغرب! تلك الأنتلجنسيا التي نراها اليوم على رأس كل التيارات الفكرية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، والهدف المراقبة ومنع أي ثورة حقيقية من التبلور، والسلاح الفتاك دائما هو الهولوكوست وتهمة معاداة السامية! ما حدث في الانتخابات الأوروبية مؤخرا، وخصوصا الفرنسية، يعطينا دليلا قطعيا على تغول اللوبي اليهودي وبدون أي وجه حق، حيث بقدرة قادر يتحول ميلونشون إلى معادي للسامية بعد دعمه للفلسطينيين، وتتحول مارين إلى وجهة للتصويت يُدعى لها ليلا نهارا على الإعلام المملوك في أغلبه لأوليغارك كلهم صهاينة. تجبر اللوبي اليهودي في الغرب، يقابله شعوب لا تزال تعيش في العصور العنترية السيفية الحصانية، شعوب تقودها قيادات أغلبها تجهل حقائق التاريخ بما أنها تبنتْ العروبة والإسلام كمنظومة رئيسية ووحيدة تنطلق منها. بمعنى إسرائيل التي لن تستطيع الحياة لأسبوع وحدها، يقابلها دول لم تدخل التاريخ أصلا، وهنا أيضا ومرة أخرى أقول، لا عبقرية لليهود ولدولتهم، بل قوتهم وسيطرتهم جاءت من غباء وتخلف شعوب العروبة!
التاريخ صنعته النخب، والشعوب كانت ولا تزال وستظل أبدا مفعولا فيها وتابعة كقطعان غنم، والتشبيه ليس تجنيا أو تحقيرا بل هو الحقيقة كما هي. التمعن في تلك النخب يطرح سؤالا منطقيا على عقولنا: لا شك أن تلك النخب عملت على مصالحها، لكن هل جنت منها الشعوب شيئا؟ الجواب ليس "نعم" أو "لا" مطلقا لو كنا موضوعيين، فالثورة البورجوازية مثلا جنت منها الشعوب الغربية على الأقل بدء التحرر من سلطة الفكر الميتافيزيقي، والعبودية تحت سلطة الماورائيات أشنع من أي عبودية أخرى مهما كانت مرجعيتها. والثورة المحمدية -وبرغم كل المظالم والمآسي التي وقعت بسببها عبر تاريخها- أدخلت بدو القرن السابع للتاريخ وصنعت منهم "أمة": محمد كان عربيا والعرب "على الأقل" استفادوا بشيء من دعوته. سؤالي المباشر بعد الذي قيل: الأقلية اليهودية المتمكنة في الغرب، والتي يقدم كل منها نفسه أنه "فرنسي" و "أمريكي" و "ألماني" و "إنكليزي"، بماذا استفاد منها الشعب الفرنسي والأمريكي والألماني والإنكليزي في قضية محددة: فلسطين؟ هل حقا خسارة عالم فيه أكثر من مليار ونصف مستهلك هو خيار الوطنيين الغربيين الذين من المفروض وكأي وطني يفكر في مصلحة وطنه؟ أم هو حكم المستعمِر والخونة أعوانه على شعوب مقهورة مغيبة آن لها أن تتحرر فنتحرر معها؟
كلمة شخصية عن هجرة أدمغتنا إلى الغرب: لم أفكر يوما في الهجرة ومغادرة بلدي، أولا: لحسٍّ وطني سيأتي وقت الكلام عليه، ثانيا: لأني لن أستطيع الكلام، وسأعيش إما ذليلا وإما مسجونا منبوذا من جهلة يُقدسون مستعمِرهم... قلتُ في نفسي، على الأقل أبقى في بلدي المتخلف أرقى مليار مرة من بلد غيره يُدّعى له بالحريات وهو تحت أبشع محاكم تفتيش! مع ملاحظة أن محاكم التفتيش القديمة، على الأقل قام بها أهل البلد الذين كانا يمثلون أغلبية شعبهم، أما محاكم التفتيش الحالية فيقودها مستعمِرون لأوطان يدّعون كذبا نسبتهم إليها والحقيقة أنهم مجرد أعوان لسلطة أجنبية لو كان يوجد ذرة عدل في هذا العالم لقُضي عليها منذ قرون!
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |