|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
محمد رضا عباس
2024 / 8 / 20
عندما تضع مجلة تايم الامريكية و احاديث نتنياهو معا ينتج عنهما النفاق والكذب . مجلة التايم معروفة بانحيازها الى جانب إسرائيل لدرجة أنها لم تغطي من معركة الطوفان الا النزر القليل , مثل صورة مع تعليق قصير او لا خبر على الاطلاق . وطبعا مع كل صورة يجب ان تؤشر ان ما يعانيه الشعب الفلسطيني هو بسبب حماس , وليس الاحتلال الظالم الجاثم على صدور الفلسطينيين طيلة 75 عاما , او ليس اعتداءات المستوطنين على مدنهم وقراهم. اما عن نتنياهو , فان هذا الرجل اصبح لا احد من قادة العالم يثق بحديثه , الا من على شاكلته.
لقد سطر نتنياهو اخر اكاذيبه في مقابلة مع مجلة التايم , تحت عنوان " بابي في حالة حرب" في عددها الأخير اب 26 2024. كان مكان المقابلة القدس بتاريخ 4 اب .
كان طول التقرير ست صفحات وهو حالة نادرة , ولو احصيت عدد الأكاذيب التي اطلقها نتنياهو وسوقت لها مجلة التايم المنافقة , لكان اكبر من عدد مرات وقوف أعضاء الكونغرس الأمريكي لخطاب نتنياهو مؤخرا فيه.
العنوان لم يكن موفقا , ويعطي انطباع بان نتنياهو مضطرا لهذه الحرب , وذلك لان مجموعة من " الإرهابيين " كانت تخطط ل " تدمير إسرائيل بالكامل ", وليس احرار من الشعب الفلسطيني الذين احتلت أراضيهم, وهم يناضلون بالسلاح من اجل انتزاع ارضهم من المحتل , وهو امر كفلته جميع القوانين الدولية وهو مقاومة المحتل حتى النصر.
كما وان المجلة , المحترمة جدا, صورت حماس وكأنها مجموعة " إرهابية " تعمل في كارتل تهريب المخدرات . و ليست منظمة تحرر فلسطينية لمع نجمها بعد ان أخفقت بقية المنظمات الفدائية الفلسطينية الأخرى . من عاش مرحلة الستينيتان والسبعينيات من القرن الماضي يعرف بعض أسماء هذه المنظمات والتي كانت تقاد من قبل بعثيين وشيوعيين ويساريين وقوميين ومستقلين .
اذا حماس ليست منظمة تحريرية ولدت في فنزويلا او الأرجنتين او كولمبيا , وانما منظمة ولدت من رحم معاناة أبناء فلسطين واهانات قوات الاحتلال , وان هذه المنظمة لا تريد تحرير العالم من هيمنة قوة عالمية , وانما كل ما تريده هو تحرير أراضها والعيش مثلما يعيش بقية البشر على أراضهم . اما بالنسبة الى مجلة التايم , فأنها لم تذكر بحرف واحد هدف حماس من حمل السلاح ولماذا حملته , وكلما قامت به المجلة هو نقل أكاذيب نتنياهو الى الشعب الأمريكي.
كما ذكرت ان أكاذيب نتنياهو كانت في هذه المقابلة اكثر من عدد مرات وقوف أعضاء من الكونغرس الأمريكي له وهو يخاطبهم . التقرير الذي رافق المقابلة صور للقارئ ان غزة بلدة تابعة للكيان الصهيوني , وان هذا الكيان يتفضل على الفلسطينيين ان يتخذوها بيتا لهم . والحقيقة ان غزة جزء من فلسطين وان إسرائيل قد هجرت بالقوة سكان فلسطين في الأراضي القريبة من غزة فأضطر المهجرون السكن فيها. وعليه كان من الطبيعي , لو كان هناك مثقال من المصداقية في تقرير التايم , لطرحت هذا السؤال لحضرت نتنياهو وهو " لماذا لم تنسحب قواتكم من المناطق العربية في فلسطين وتعيشوا بسلام دائم؟".
المجلة أعطت الفرصة لنتنياهو للتعبير عما يعتقد في حربه في غزة , ولكن المجلة لم تعطي نفس الفرصة الى احد قادة حماس ليعطي للعالم سبب الحرب في غزة و الدمار الذي حل بها . الشعب الأمريكي من الشعوب الطيبة في العالم وهو يرفض العدوانية حتى على الحيوان , ولكن خوف المجلة من غضب الشعب الأمريكي على أفعال نتنياهو هو الذي يمنعها من إعطاء فرصة لفلسطيني من قطاع غزة وهو يتحدث عن مجازر نتنياهو فيها. بالحقيقة لقد ظلم الاعلام الأمريكي , على شاكلة التايم , الشعب الأمريكي بشيطنته للفلسطينيين , الامر الذي اصبحنا ان لا نندهش بان 80% من الشعب الأمريكي يدعم الإسرائيليين , يقابله 20% من يدعم الفلسطينيين.
يعلن نتنياهو في المقابلة بانه لا يريد تدمير حماس و قدرتها على القياد , وانما يريد ان يعطي درس لكل من تسول له نفسه التعرض الى إسرائيل . بكلام اخر , ان هذا المريض لا يريد ان يعيش في سلام , وانما يريد ان يبقي منطقة الشرق الأوسط في حالة حرب و تعطيل التنمية ما دام كيانه قائما , الامر الذي قد يؤدي , حسب اعتقاده , نسيان القضية الفلسطينية ويلتهم كل انج في فلسطين وضمها الى كيانه . وهذا سر عدم التطرق في هذه المقابلة الى أي موضوع يؤشر الى قبول إسرائيل الى تقسيم الأرض بينهم وبين الفلسطينيين . نتنياهو يجب ان يعرف ان سياسة القتل الجماعي لا توصل كيانه الى العيش بسلام , فهناك افواه ستطالب بالاقتصاص من قتلة ابناءها و اباءها واخوانها . في هذه الحالة لقد صدق رئيس وزراء إسرائيل الأسبق ايهود براك " سوف تأخذ نصف جيل من اجل اصلاح الدمار الذي سببه نتنياهو في السنة السابقة".
المجلة , التايم , أعطت المبرر لقتل اعداد كبيرة من الغزاويين , لان حماس بدأت عمليتها العسكرية من مناطق مأهولة وليس لدي نتنياهو الا قتل الكبار والصغار من اجل القضاء على حماس ! وان هذا القتل كان ضروري من اجل حماية إسرائيل والعيش في ارض اجدادهم . ولهذا السبب ان اقل من 20% من الشعب الإسرائيلي يعتقد ان جيشهم ذهب بعيدا بالقتل. انهم يعطون السبب , حماس قتلت 1200 مواطن إسرائيلي فيجب ان نقتل نصف الشعب الفلسطيني ! واكثر من ذلك ان نتنياهو يذكر في المقابلة ان نسبة قتل المدنيين في القطاع هي 1:1 أي مقابل كل قتيل مدني كان هناك قتيل حمساوي , بالوقت الذي ذكرت الأمم المتحدة ان 90% من ضحايا نتنياهو في غزة هم من المدنيين.
نتنياهو يعتقد اذا لم تتوسع الحرب في المنطقة لتشمل دولا أخرى , يكون قد حقق لإسرائيل هدفين , الأول هو سحق حماس والى الابد والثاني تقوية علاقاته مع السعودية . ومع سحق حماس , يكون لإسرائيل شبكة من حلفاء في قلب العالم الإسلامي , وبذلك يكون قد حول الانهيار الأمني التي خلفتها عملية " طوفان الأقصى" لإسرائيل الى انتصارا استراتيجيا.
باعتقادي , اذا قبل ولي العهد الصداقة مع إسرائيل , فان الشعب السعودي سوف لن يقبلها . ان قادة النظام في إسرائيل لا يريدون ان يفهموا ان المجازر التي ارتكبتها في غزة وحدت العرب والمسلمين حول القضية الفلسطينية , وابعدتهم من القادة الذين قبلوا بالانبطاح . تتشكل الان في العالم العربي والإسلامي قوة جبارة ليس فقط لرفض الممارسات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني فحسب , وانما إعادة النظر بتشكيل الأمم المتحدة و قواعد النظام الغربي.
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |