لقد نطق السيد علي السيستاني فمتى ينطق الاخرين؟

محمد رضا عباس
2024 / 8 / 13

تعود الاعلام العربي الهجوم على زعيم الحوزة الدينية في النجف الاشرف السيد على السيستاني , بانه رجل قابع في سراديب النجف , غامضا , خائفا , منطويا , لا يهمه شؤون الإسلام والمسلمين , مشغولا بجمع الخمس , بل لا ينطق حتى اللغة العربية !
والحقيقة , ان عدم ظهور السيد السيستاني على شاشات التلفزيون او التحدث بالسياسة , حالة لا يختلف عنها بقية مراجع النجف الاشرف العظام من عدم التدخل في الشؤون السياسية الا في الحالات القصوى . انهم قليلو الحديث ولكن اقوالهم تأتي كموج البحر الهائج. ومن يريد ان يعرف عنهم لا يحتاج الا الى مراجعة ما يكتب عنهم في الكتب المعتبرة . فعندما اطلق السيد السيستاني فتوى " الجهاد الكفائي " لوقف زحف تنظيم داعش نحو بغداد وحماية النجف الاشرف وكربلاء من تخريب داعش, هب الملايين من الشعب العراقي استجابة للدعوة , البعض خرج بسلاحه الشخصي لعدم قدرة وزارة الدفاع آنذاك تسليح جميع الملبيين للنداء .
لقد اتخذ المذهب الشيعي موقف مع الحكام وهو عدم التقرب اليهم تطبيقا للحديث المنسوب الى الامام علي بن ابي طالب " اذا رأيت الحاكم على باب العالم فنعم العالم ونعم الحاكم , واذا رأيت العالم على باب الحاكم فبئس العالم و بئس الحاكم". وقد اثبت التاريخ صحة ما جاء بهذا الكلام . حيث ان جرائم وقعت على يد قادة مسلمين في فتوحاتهم ومعاركهم لا يقبل بها الله و لا الإنسانية , ولكن بررها علماء دين تقربا للحاكم , وكيف ينسى التاريخ ما احدثه القائد الاموي مسلم بن عقبة المري في مدينة رسول الله في واقعة الحرة .
وقعت معركة الحرة عام 63 هجرية بين الثائرين من اهل المدينة على حكم يزيد بن معاوية بقيادة عبد الله بن حنظلة " غسيل الملائكة" وجيش الشام المبعوث من قبل يزيد بن معاوية بن ابي سفيان بقيادة مسلم بن عقبة المري . طالت المعركة ثلاث أيام , وقد وصفها المؤرخ العربي المسعودي بما اقترفه جيش الشام في المدينة من مصائب خلال ثلاث أيام " ابشع الجرائم واخزاها فقد اعتدوا على الاعراض والأموال وقتل الشيوخ والأطفال, وشقوا بطون النساء الحوامل و قتلوا ما في بطونهن". وقد احصى المؤرخون خسائر اهل المدينة في المعركة , فكانت " اكثر من 4000 قتيل , وقيل 11700 او 10700 , ومنهم 700 شخص من حفاظ القران و 80 صحابيا من أصحاب رسول الله بعضهم من اهل بدر , وقد قتل عبد الله بن حنظلة وأولاده في هذه المعركة". وقد سمى المؤرخون قائد جند الشام بن عقبة " بالمسرف" او مسرف بن عقبة , لإسرافه في قتل اهل المدينة.
و بعد ثلاث أيام من غزوه للمدينة وفي طريقه إلى مكة , ورد عنه أنه قال: "اللهم، إنه لم يكن قوم أحبَّ إليّ أن أقاتلهم من قوم خلعوا أمير المؤمنين، ونصبوا له الحرب. اللهم فكما أقررتَ عيني من أهل المدينة فأبقني حتى تقرّ عيني من ابن الزبير". وقال حين الاحتضار:"اللهم إن عذبتني بعد طاعتي لخليفتك يزيد بن معاوية وقتل أهل الحرة فإني إذاً لشقي". ثم خرجت نفسه ودفن بين المدينة ومكة.
هذا وروي عن علي بن ابي طالب انه خطب فقال في خطبته " قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم:"المدينة حرم ما بين عير إلى ثور فمن أحدث فيه حدثاً أو آوى محدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً" .‏
ومنذ واقعة الحرة , وعلماء البلاط من رجال الدين يتحركون وفق إرادة الخليفة او الأمير او الملك او الرئيس ويميلون حيث مال ويبررون ميلهم الى احاديث ما انزل الله بها من سلطان . وهذا سبب سكوت المؤسسات الإسلامية في عصر ذبح اهل غزة وعلى الكاميرات . هذه المؤسسات سكتت عن جرائم الكيان الصهيوني ضد أبناء غزة والتي شيبت الأطفال , لان من يمولهم قد سكت عن الجرائم ضدهم , ولو تحدث لتحدثوا وهذا مصداق كلام امير المؤمنين علي بن ابي طالب أعلاه.
ولكن السيد علي السيستاني لم يسكت عن الجرائم الصهيونية ضد أبناء غزة لأنه لم يطرق باب الحكام المنبطحين . فقد جاء في بيانه الأخير على اثر المجزرة الأخيرة ضد المصلين في غزة والذي ذهب ضحيتها اكثر من 125 شهيدا , بانها جريمة تضاف الى سلسلة الجرائم المستمرة , وان اغتيال القادة تعرض " الامن والسلم " العالمي الى الخطر , محذرا من ان نتائج اعتداءاتهم المتكررة قد تؤدي الى حرب كارثية , مطالبا العالم بالوقوف ضد العدو الصهيوني وتقديم مزيد من العون الى اهل غزة , ووقوف العالم لمواجهة هذا العدو الغاشم. (محمد صادق الهاشمي)
يا ليت رجال الدين الذين يدافعون عن قادة العرب المنبطحين قراءة هذا الحديث النبوي المنقول عن أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: (سيكونُ أمراءُ يغْشاهم غَوَاشٍ، أو حَواشٍ من النّاس يَظلمون ويكذِبون، فمن أعانهم على ظُلمهم وصدَّقهم بِكَذبهم، فليس منّي ولا أنا مِنه، ومن لم يُصدِّقهم بِكذبهم، ولم يُعنهم على ظُلمهم، فأنا منه وهو مِنّي).

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي