برنامج أرواق ثقافية

فوز حمزة
2024 / 8 / 13

الحوار مع عمر الحسن ..
عمر الحسن: أهلاً أستاذة فوز.
فوز حمزة : أهلاً بك أستاذ عمر
نبدأ بالبطاقة الشخصية لفوز حمزة.
- أنا فوز حمزة .. متزوجة .. خريجة كلية الفنون الجميلة .. قسم إخراج مسرحي .. جامعة بغداد .. كنت مقيمة في بلغاريا، والآن أنا مقيمة في ألمانيا.
- تحدثتي عن الغربة في كتاباتك المفعمة بالأحاسيس والمشاعر .. كيف يتعامل الإنسان مع الغربة خصوصًا إذا كان شاعرًا أو كاتبًا؟
- أعتقد أن الغربة شعور ذاتي أكثر من كونها شعورًا نابعًا من المكان أو البيئة. بالنسبة لي ولأنني كثيرة السفر والتنقل، لم تعد الغربة تعني لي الكثير أو لنقل لم يعد لها أي تأثير مباشر علىّ، أو أستطيع القول أنني حولت هذا الشعور إلى شيء إيجابي إذ استثمرت البيئة الجديدة و الناس الذين أقابلهم وعادات تلك المجتمعات التي عشت فيها ومزجت كل ذلك مع ذكرياتي في الوطن فخرجت على شكل نصوص وقصائد ، فلم أعد أشعر بحجم الغربة أو قساوتها التي يتحدث عنها الآخرون.
- هذا الحديث يقودني إلى شيء آخر .. القارئ لما تنتجين من كتابات يدرك أن العراق بثقافته ما يزال يعيش بداخل فوز حمزة.
- أكيد ، هذا الشيء لا يحتاج إلى جدال، أنا ولدت وتربيت في بغداد فأكيد ذكرياتي فيها محفورة عميقًا داخل ذاكرتي، ثم هو وطني الذي لا أستطيع تجاهله في كتاباتي، لكن ما يحدث عندي هو صهر للماضي والحاضر، ليخرج في النهاية أنتاج جميل من الكتابات والنصوص.
- ونحن نتحدث عن الإنتاج الأدبي، سنتحدث عن الوشاح الأحمر والذي هو عبارة عن عشرين قصة قصيرة، حدثيني أكثر عن هذا الكتاب.
- الوشاح الأحمر هو مجموعتي الأولى وقد صدر عام 2015 عن دار ضفاف للنشر والتوزيع في بغداد وقد ضم عشرون قصة قصيرة وهو مولودي البكر الذي فرحت فيه جدًا وأعتقد أنني كنت موفقة فيه إلى حد ما.
- الواضح أن عناوين فوز حمزة ملفتة للنظر مثل ( مذكرات زوجة ميتة .. مذكرات امرأة في سلة المهملات .. أمي وذلك العشيق .. صباح كهرماني .. كيف تختارين العناوين؟
- العنوانات التي اختارها عادة ما تكون لإحدى قصص ، فأقوم بعمل غربلة ومن ثم أختار العنوان الذي يصلح أن يمثل المجموعة، فأكيد يجب أن أختار العنوان الذي يكون ملفتا وصادمًا ، فأنا أشبه العنوان بباب المنزل ، فإذا كان هذا الباب مبهرًا وجميلًا فأكيد سيولد ذلك فضولاً لدى الآخر لدخول المنزل وهذا ما ضبط ما يحدث للقارئ حينما يهم بقراءة أي كتاب عنوانه ملفتاً.
- ونحن نتحدث عن العناوين، تذكرت قول الكاتب أرنست همنغواي حينما قال: أن العنوان هو من يختار القصة.
- أكيد، بالنسبة لي أنا أختار العنوان على ضوء الفكرة أو الحدث وأحيانًا عبارة أكتبها داخل النص تصبح هي العنوان مع أنني قرأت لكاتب آخر يقول ليس ضروريًا أن يكون العنوان قريبًا من النص ، لكني مع فكرة أن يكون العنوان من داخل النص مختصرًا للحدث.
- هذا يقودني لسؤال مهم، العراق تأثر بتيارات كثيرة مثل الأدب الروسي أو اللاتيني أو الأنجليزي، بمن تأثرت فوز حمزة؟
- في الحقيقة، في بداياتي قرأت الأدب الإنجليزي ، الأميركي وأميركا الجنوبية وقبل سنوات بدأت بقراءة الأدب الياباني والصيني والهندي وهي الأداب الشرقية التي تضيف سحرًا وإثارة على الكتابات وأيضاً توسع أفق الكاتب وتمنحه خيالاً من نوع جديد، لكني أقول أن على الكاتب أن لا يتأثر بتيار معين، على الكاتب أن يصنع من نفسه بوتقة لصهر كل هذه الثقافات ليصنع من نفسه بصمة جديدة وإلّا سيصبح نسخة مكررة من أي كاتب يقلده، وهذا وهو بالضبط الفرق بين المبدع وغير المبدع، فالمبدع هو من يأتي بالشيء الجديد للقارئ.
- لنتحدث عن جائزتك الأولى التي حصلتي عليها من مهرجان همسة عام 2018 في القاهرة، ماذا عنى لك الفوز بهذه الجائزة؟
- أكيد خبر حصولي على الجائزة الأولى قد أفرحني جدًا خاصة أنني لم أكن أتوقع ذلك وهناك مفارقات حصلت عند مشاركتي في المسابقة، فقد أرسلت القصة حالما انتهيت من كتابتها حتى دون أن أنقحها أو أراجعها لأنني لم أعلم بالمسابقة إلّا في الأيام الأخيرة حينما أشارت لي صديقة بالمشاركة. طبعا الحصول على جائزة من مهرجان كبير قد عنى لي الكثير وايضاً قد أعطاني الثقة بنفسي وبما أكتب وأشعرني أنني على الطريق الصواب.

دعينا نتحدث عن دراستك للإخراج المسرحي، ماذا أضاف للكتابة والشعر لدى فوز حمزة؟
- بالتأكيد دراستي للإخراج أضافت الكثير الكثير وهذا تجده حينما تقرأ كتاباتي قبل الدراسة وبعدها ستجد الفارق كبيرًا سيما أن دراسة الإخراج مرتبطة بقراءة المسرحيات وتحليلها وتحليل الشخصيات وهذا في النهاية يصب لمصلحة الكتابة، في النهاية لا غنى للأديب عن الدراسة والعلم ليكتسب الخبرة والمهارة.
- أي عنوان تفضل أن تختار فوز حمزة، الكاتبة أم الشاعرة ؟
- أكيد الكاتبة.
- تفضلين الكاتبة بالرغم من أن لديك إصدارات شعرية.
- ليست لدي إصدارات شعرية، لكن لدي كتابات في قصيدة النثر والقصيدة العمودية ، لكن أنا حتى وإن كتبت قصيدة فأنا لا أعرف من أي بحر هي إلّا إذا استعنت بأصدقائي من الشعراء، لكن القصة حاضرة عندي على الدوام وأستطيع في نصف ساعة أن أكتب قصة، لكن الأمر ليس كذلك مع القصيدة إذ ربما أحتاج ليومين أو أكثر لأكتب قصيدة.
- كتبتِ خمس مجموعات، أي مجموعة أقرب إلى قلبك؟
- في الحقيقة لا أعتقد بوجود هكذا شيء لأن قصصي جميعها تمثلني أنا، لكن أستطيع القول أن كل مجموعة تكون أفضل من سابقتها لأنني تلافيت الأخطاء الموجودة في المجموعة التي تسبقها بفعل تراكم الخبرات والقراءات، لكنها في النهاية تظل جميعها كتاباتي التي أحبها.
- كيف تختارين مواضيع الحكايات والقصص، هل هناك طقوس لذلك؟
- ذكرت هذا الموضوع في إحدى نصوصي ، فقلت قد نجد القصص منثورة على الأرصفة أو عند إشارة المرور كما حدث معي ذات مرة، أو ربما التقط حكاية من حديث بين سيدتين، أحيانًا كثيرة سطر في كتاب يلهمني لكتابة قصة وفي إحدى المرات حولت قصيدة إلى قصة، لكن المهم أن يكون الحدث صالحًا ليكون قصة.
- بما أنك عشتِ في عوالم مختلفة ، وفي ظل العولمة في هذا الزمن، هل تعتقدين أن هذا الشيء قد أثر على الكتابة؟
- كل شيء في الحياة يمكن أن يصبح مؤثرًا في الكتابة لأن الأدب عالم واسع وفضفاض وبالنسبة لي استطعت أن استثمر وجودي في دول عربية وأوروبية إلى نصوص أعتقد كنت موفقة فيها.
- هل تجدين أن الكتابات النسوية العراقية اليوم تحتل الصدارة بالنسبة للكتابات النسوية في الوطن العربي؟
- لا أستطيع الإجابة بشكل دقيق، لكن أستطيع القول أن الحركة النسوية الأدبية في العراق في نشاط مستمر وهذا ما لاحظته من خلال قراءاتي ، وجدت هناك كتابات تتسم بالجمال والإبهار ، في النهاية أستطيع القول أن المرأة العراقية ومن خلال ما تعرضت له من ظروف اقتصادية وأمنية واجتماعية قد تتصدر المشهد الأدبي العربي بهذا الشأن.
- كيف تتعاملين مع النقد؟
- أتعامل معه بكل رحابة صدر إذا كان النقد بناءً وغير مغرض، فالكاتب في النهاية إنسان قد يخطئ فيأتي الناقد ليشير لهذا الأخطاء من أجل أن يتلافاها في المستقبل، فأنا على سبيل المثال يزعجني وجود خطأ في نص جميل، أشبه ذلك كأنك تسير في شارع نظيف وتجد وردة ساقطة على الأرض، أكيد أن ذلك يشوه المنظر لهذا تجدني لا أتضايق من أي نقد يوجه لي وبهذه المناسبة أشكر كل ناقد مد يد العون لي.
- كيف تتعامل فوز مع العالم الافتراضي، بعض الكتاب بعيدون عن هذا العالم ويقولون ربما التطور الحاصل في العالم الألكتروني قد أثر على عالم الأدب؟
- أكيد، فأنا أشبه العالم الأفتراضي بالمقهى، وهذا المقهى يضم أناس ثقافاتهم مختلفة لهذا لا يعول على أرائهم، لكن وأنا واحدة من الناس التي استفادت من هذه الميزة حينما بدأت أنشر كتاباتي من خلال الفيس، لكن في النهاية لن يبقى إلا المبدعون، فالإبداع كنبع الماء الصافي مهما أغترفت منه فسيظل معطاءً متجددًا.
- الكاتب لديه نوع من الغيرة الأدبية، هل هناك عمل تمنت فوز حمزة لو أنها كتبته؟
- صدقني لا يراودني هذا الشعور، لأنني مؤمنة أن كل نص جميل يوسع من مساحة النور على الأرض، قد أغبط الكاتب على مخيلته ومشاعره، لكني أبدًا لا أصاب بالغيرة من ذلك، الكاتب في النهاية يقدم عصارة أفكاره للقراء وهذه العصارة تكلفه جهدًا نفسيًا ومالياً فكيف أحسده ليقدم لي المتعة والجمال من خلال كتاباته.
- ما جديدك القادم؟
- انتهيت من كتابة رواية عنوانها ( رياح خائنة ) وستصدر نهاية الشهر التاسع عن دار الصحيفة العربية للطباعة والنشر لصاحبها عبد الرضا الحميد وبعدها عندي مجموعتي القصصية السادسة والتي سترى النور في العام القادم.
- لو قدر لفوز حمزة أن تختار أمنية واحدة، فماذا ستختار؟
- لدي أمنية واحدة وهي أن تظل مخيلتي واسعة وتمدني بالأفكار لاستمر في كتابة القصص أما باقي الأشياء فهي متاحة لي.
- كلمة أخيرة .
- اتوجه بالشكر لكم وأرجو أن لا أكون قد أثقلت عليكم وعلى المستمعين في هذا اللقاء ..

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي