بمناسبة يوم النخلة العراقية في14 آب أغسطس

تيسير عبدالجبار الآلوسي
2024 / 8 / 7

قبل سنوات انطلقت مبادرة لاعتماد يوم كرنفالي للنخلة العراقية وقد تم الاحتفال بعدد من المحافظات كان بينها على سبيل المثال لا الحصر الاحتفال رسميا وشعبيا في محافظة القادسية - الديوانية وحضر الاحتفال نواب من البرلمان وممثلو الحكومة المحلية مع جمع غفير من أبناء المحافظة.. وبقي هذا اليوم محدودا بحدود الاحتفال المحلي به بينما الأدعى أن تتبناه وزارة الزراعة بمستوى الحكومة الاتحادية وتعتمده يوما وطنيا لأهميته وخطورة معانيه وما يقدمه من نتائج وثمار لصالح الوطن والناس.. ونحن نتطلع في هذا العام أن تنهض وزارة الزراعة بتبني يوم النخلة العراقية والشروع باستراتيجية تتناسب وأهمية الشجرة المباركة في حياة الشعب ومستقبل خياراته النوعية.. ولدينا الثقة بالجيمع هناك بأن تراجع التغطيات التي حدثت بالخصوص لتمضي به إلى أمام
***

النخلة العراقية وكرنفالها السنوي

ربما كانت بلاد ما بين النهرين أو العراق القديم هي أول أرض تزرع النخلة؛ وكان ذلك منذ أكثر من 4000 أربعة آلاف عام أو حتى لثلاثة آلاف عام قبل الميلاد. ولطالما اتسم العراق بغابات النخيل حتى وُصِف بأرض السواد نسبة لتعالق سعف نخيله وخضرته الداكنة حتى يكتسي لونه ولقبه..

وتعددت أنواع تلك الشجرة وثمارها حتى كانت بحو بأكثر من 625 نوعاً وهو ما يفوق أي تنوع يملكه بلد آخر في العالم. ولقد كان العراق يوماً البلد الأول بعدد أشجار نخيله بملايينها التي تجاوزت الاثنتين والثلاثين مليون نخلة بكثير. لكن الحروب ومهاجمة أمراض بعينها أودت بملايين نخيل البلاد حتى تدنى العدد إلى ستة ملايين نخلة مثمرة!

لكن في العام المنصرم تقول بعض الإحصاءات بأن العراق حل أولا بالإنتاج ورابعا بعدد أشجار نخيله وهو ما يحتاج لدقة إحصائية للتأكد من تلك الأرقام ومن منتجها..

تتوزع النخلة العراقية بين 13 محافظة هي: البصرة، ميسان، واسـط، ذي قار، المثنى، القادسية، النجف، كربلاء، بابل، الأنبار، ديالى، صلاح الدين، وبغداد العاصمة.

تحتاج النخلة لكمية مياه غير قليلة عند بدء الزراعة بخاصة في فصل الصيف أو الجفاف مع ضرورة تجنيبها الآفات الحشرية التي تهدد كل أجزائها ما يتسبب بكثير من الحالات بأضرار جسيمة تتمثل في ضعف النخلة ومن ثمَّ انخفاض إنتاجيتها التي تصل عراقيا لما يقارب ال70كغم للنخلة الواحدة.

تعيش النخلة العراقية حوالي 200 عام، مهي تثمر بعد 3-8 أعوام، لتبلغ أقصى طاقة انتاج لها بعد عشرة أعوام، وتواصل العطاء لأكثر من قرن من الزمان. والنخلة تتحمل نسبة ملوحة لا تتحملها أشجار الفاكهة مثل التفاح مثلما تتحمل العطش والجفاف ولو بصورة نسبية..

يبدأ تلقيح النخيل في مطلع كل عام في الربيع بشهر آذار مارس وينضج الثمر بين أكتوبر ونوفمبر ولا ننسى هنا أن المثل العراقي يتحدث عن شهر آب أغسطس؛ أن ثاني عشرة في آب تكثر الأرطاب… فيبدأ الناس بالحصول عليها..

في بساتين النخيل يتم زراعة الحمضيات بظلالها ومن تلك الشجرة التي قدستها بعض الشعوب نجد العشرات والمئات من الأسماء لأجزائها ومفرداتها وأنماط ثمارها واثرها في الحياة..

وإذا كان سيُعرف العراق من بعض أشجاره المخصوصة فإنه يُعرف بنخلته العراقية وثمارها بأبرز أصنافها وأنواعها.

كما أن العراق في محيط دولي بات يبحث عن مصادر عيش وغذاء يستند إليه بعد ما عصفت الأزمات عميقة الغور بوجه عالمنا المعاصر..

ألا يدعو هذا العراقيين لكي يتخذوا قرارا برعاية شجرة مباركة في ثمارها وفي كل مساهمة تدخل فيها في حيوات الناس ليس بالغذاء حسب بل وفي أدوائهم وتفرعات وتشعبات اقتصادهم..!؟

لقد حاولت عراقيات وحاول عراقيون معا وسويا لتسليط الضوء على النخلة العراقية من أجل التعويض عما لحق بها من آثار الحروب الكارثية التي لم تكتف بقطف أرواح البشر بل امتدت بكوارثها إلى أشجار النخيل الذي مازال يئن بما أوقع على الذاكرة المنهكة بكل أحمال تلك الحروب وجرائمها دع عنك انتشار الأمراض التي استهلكت النخلة..

الأنكى أن تجريف بساتين النخيل في البصرة أم النخلة وبساتينها وفي محافظات عديدة أخرى جرى على قدم وساق لمصلحة تخريب بيئي وتدمير مصدر ثروة وطنية أخطر من النفط نفسه!

لذا جاءت محاولة تسليط الضوء بعمل يوم وطني في البلاد باسم يوم النخلة العراقية ليكون مناسبة جد استثنائية بأداء مهمة ذات أولوية في حيواتنا ومسيرة التنمية ومعالجة قضية إشكالية ليست بيئية حسب بل وقضية تدخل في الفصل بين الموت والحياة عندما لن يجد العالم ما يسد الرمق بظل الأزمات والظروف المستجدة وما تهدد البشرية والحياة برمتها..

إن يوم النخلة العراقية ليست مناسبة عابرة أو حدثا يمكن المرور عليه مرور الكرام في أجهزة الإعلام ولكنه يوم يتطلب منا التوقف عنده وتدارس معنى الاحتفال به واستثماره في قراءة مشهد ما جرى ويجري والتعرف إلى الإحصاءات الرسمية المعتمدة بصدقيتها وسلامتها كيما نواصل استراتيجية تضع النخلة العراقية بمكان ومكانة مثلما المحاصيل الاستراتيجية ومكانتها وأهميتها لأي شعب من شعوب الأرض..

ويوم نلتقي مبدئيا في الرابع عشر (14) من آب أغسطس يمكنا أن نتساءل ونُسائل وزارة الزراعة ومؤسسات النخلة العراقية وبينها مختبر البصرة والناصرية وما يمتلكان من قدرات جد متواضعة ولماذا هما يجابهان الظروف الصعبة وكيف يمكن النهوض بهما وبمهمة أداء معالجاتهما في التعامل مع موضوعهاما النخلة ومقتضيات التقدم بها.. سواء بالعدد أم بالإنتاجية ومعدها..

علما أننا للتو كنا سنشير إلى أن معدل إنتاج الشجرة الواحدة الذي بالكاد بلغ السبعين كغم هو إنتاجية لا ترقى لمستوى نخلة تصل بإنتاجيتها إلى 350 كغم! فكيف نعالج تلك الإشكالية أو المشكلة وكيف نعود بالنخلة إلى حيث عصرها الذهبي؟ وكيف تكون الأجيال الجديدة من بساتين النخيل خالية من أمراض تهاجمها تدرّ ثمارها صحية غنية؟؟؟

لمن سيحاول التحدث عن مبادرة يوم النخلة العراقية نذكر أن من بين أولى نسخها كان احتفالية بها في الديوانية بحضر رسمي وشعبي لكنه يتطلع لاحتفاليات بكل محافظات النخيل وبساتينه واحتفالية وطنية تضعنا أمام مسؤولياتنا تجاه تلك القضية الوطنية بحجم أثرها ومنتجها وضرورة التفاعل معها..

فهل سنشهد احتفالية هذا العام بحق باهتمام رسمي حكومي وشعبي أم تمر المبادرة مجددا والنخلة العراقية مكسورة الجناح مهيضته!!!؟؟؟؟

الثقة بالمخلصات والمخصلين قوية ولابد لنا من احتفالية تليق بيوم النخلة العراقية وملتقانا في 14 آب أغسطس في الوطن وطن النخيل مذ أول إطلالة للبشرية وحضارتها

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي