|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
فوز حمزة
2024 / 8 / 6
فتحتْ خزانة ملابسها الشّتوية، وقفتْ تتأمل ما عُلّق فيها ثم أخرجت المعطف الأحمر الذي يحبه متذكرة قوله: في هذه المعطف تبدين كسيدة قادمة من كوكب عطارد، وحينما سألته، لماذا عطارد بالتحديد،أجاب مبتسمًا: لا أدري، ليغرقا بعد ذلك في الضحك.
وهي تمرر يدها تتلمسه، شعرتْ بوجود شيء ما في أحد جيوبه، كان الظّرف ما يزال مُغلقًا حينما أخرجته. قلبته بين يديها لتجد أن تاريخ الرسالة يشير إلى مضي ستة أشهر، أي قبل رحيله عن الحياة بأيام بعد صراع مع مرض خبيث لم يمهله الكثير.
جلستْ على حافة سريرها قبل أن تفتح الرسالة لتجد سطرًا واحد مكتوب بخط يده الجميل:
هل ما زلتِ تحبين رجل قلبه تعطل عن الحياة؟!.
احتضنتْ الرسالة، قرّبتها من فمها مغمضة العينين، تمنت لو يعود من رحلته الأبدية لتسأله:
كيف يتعطل قلب رجل عيناه ترنو نحو السماء، يُبصرما وراء النوافذ، بينما أصابعه تكتب سيمفونية لمساء العاشقين؟!.
تذكرتْ كيف كان يراقصها تحت المطر، يحملها بعيدًا فوق غيمة وردية مصنوعة من حلوى التفاح ليتواريا بعدها خلف شجرة التين،عابثًا بأسرارأنوثتها ليغفو فوق صدرها بينما عبقها يندس معه تحت بشرة حلْم!.
استدارتْ نحو مؤلفاته والمجلات التي كان يكتب فيها، فتساءلتْ:
هل يتعطل قلب رجل قلمه ينبض بالحياة وثمة بطلة من بطلاته تنتظره في العتمة عند آخر مقعد ليمارس معها ما يفعله عاشقان في قطارات منتصف الليل!.
ابتسمت وهي تردد هذه العبارة لأنها آخر ما كتبه في روايته الأخيرة وقد دوّن إهداءه:
إلى مَنْ أدمنتْ السّهر معي تسترق السّمع لوشاية النّجوم ..
إلى المرأة التي اختبأتْ بين رأس قلمي وأول السّطور ..
إلى زوجتي!.
رغِبتْ في سماع الأغنية التي يعشقها ( عيون القلب ) وحينما وصلت لمقطع: " أنا رمشي مذاق النوم وهو عيونو تشبع نوم "
أحضرتْ قلمًا لتكتب على ظهر الرّسالة:
كلي ثقة أن قلبكَ وإن تعطلت الحياة فيه لن يتعطل عن الحب!
نظرتْ إلى أسفل الرسالة وقد كتب الحرف الأول من اسمه واسمها ( و .. س )
ابتسمتْ طاوية الرّسالة لتعيدها إلى جيب معطفها بينما دمعة ناعمة هطلت فوق خدها بتنهيدة عميقة سحبت معها الروح!.
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |