|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
محمد رضا عباس
2024 / 8 / 4
هذه الكلمات ليست للجيل الحاضر والذي شهد بأم عينه التنمر الصهيوني ضد كل القواعد الإنسانية يقابله سكوت و ذلة من قبل النظم العربية والإسلامية وحتى العالمية . اصبح الكيان الصهيوني مرعب لساسة العالم , ولا احد يستطع الوقوف امامه , فهو يخرق القيم والقواعد الإنسانية تحت حماية مطلقة من قبل الغرب بكل ما اتى من قوة .
هذه الكلمات الى الأجيال القادمة والذين وبالتأكيد سيندهشون كيف ان دولة صغيرة تخرق جميع الأعراف والقيم الإنسانية ولا من عربي او مسلم يقف امامها ؟ وكيف وصل الحال ان يسجن من يحمل العلم الفلسطيني في بعض الدول العربية ؟ وان يخرج مواطنين عرب ينددون بحماس ولا يغضبون على قتل اكثر من 40 الف مواطن من غزة , اغلبهم من الأطفال و النساء ؟
لقد وصل الامر بالكيان الصهيوني و قادته الأمنيين ملاحقة و قتل زعماء قادة المقاومة وهم في بيوتهم في أعمالهم في دول يزورونها غير عابئين بالقوانين الدولية , بل اصبحوا يلاحقون ويقتلون كل من يشك فيه انه مناصر للقضية الفلسطينية . في يوم واحد قام الكيان الصهيوني اغتال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران , فؤاد شكر , قائد في حزب الله في الضاحية الجنوبية من لبنان , قتل عدد من افراد الحشد الشعبي في محافظة الحلة في العراق , وهجوم جوي على الحديدة في اليمن . لقد خرجت تنديدات من هنا وهناك خجولة لغرض اسكات شعوبهم الغاضبة من تصرفات إسرائيل الغير معقولة .
كيف وصل العرب الى هذا التردي , لا حول ولا قوة لهم في رد العدوان الإسرائيلي ؟ هذا ما سيسال عنه اجيالنا القادمة ولابد من توضيح الخبر لهم , وهذا ما سأحاول الإجابة على اسالتهم و بنقاط حسب تسلسلها الزمني .
1 . كل البلدان العربية حصلت على استقلاها من المستعمر و بأوقات متفاوتة . ولكن نفس المستعمر منح لليهود حق تأسيس دولتهم على الأراضي الفلسطينية . وهكذا ولدت الدولة العبرية عام 1948 على جماجم الالاف من أبناء الشعب الفلسطيني .
2. ومنذ عام 1948 والعرب يرفضون هذه الدولة الجديدة ويدعون الى تحرير فلسطين وارجاع اللاجئين الفلسطينيين الى أماكنهم , حتى انفرد الرئيس المصري محمد أنور السادات عام 1979 على توقيع اتفاقية كامب ديفيد مع الكيان الصهيوني.
3. بعد الاتفاقية انقسم العرب بين مؤيد ورافض لها . هذا الانقسام بقى حيا يرزق حتى انفجار ثورات الربيع العربي عام 2011.
4. احتل العراق دولة الكويت عام 1990 , وبذلك قضى العراق على معاهدة الدفاع العربي المشترك وفرق العرب الى يومنا هذا , وعلى ضوء الاحتلال العراقي للكويت , قامت الولايات المتحدة الامريكية و حلفائها بتحرير الكويت من سيطرت القوات المسلحة العراقية , بعد تدمير عظيم أصاب القوات العراقية في العدة والعدد , تبعها حصار اقتصادي عالمي قاتل ضد أبناء العراق دمر اقتصادهم ونقلهم من دولة ذات متوسط الدخل الى دولة فقيرة .
5. ثورات الربيع العربي قضت على جميع قادة الدول العربية الرافضة للتطبيع مع إسرائيل , ورافق انتقال السلطة للقادة الجدد اضطرابات امنية غير متوقعة , حيث ان التغيير جلب حرب داخلية في اليمن والسودان و ليبيا , وعدم استقرار سياسي طويل الأمد في تونس ومصر العربية , الامر الذي جعل القضية الفلسطينية ليست على قائمة اهتمامات هذه الدول . لقد انشغلوا بترتيب بيوتهم .
6. بعد احتلال العراق من قبل الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها عام 2003 , بدعوة منع صدام حسين من تطوير برنامج سلاح الدمار الشامل , دخل داعش العراق باسم الإعلان عن " دولة الإسلام ", واحتل حوالي ثلث ارض العراق في صيف عام 2014 .ودخل داعش سوريا عام2012 وانتشر سريعا في معظم المدن ذات الأغلبية السنية . داعش انهك قوى كلا البلدين واخرجهما عمليا من أي مواجهة مع إسرائيل . أمريكا أصبحت لاعبا مهم في العراق , فيما أصبحت أمريكا وروسيا و ايران وتركيا لاعبين مهمين في سوريا , واصبح كلا الجيشين العربيين , العراقي والسوري خرج قدرة المواجهة.
7. ومع الفوضى السياسية والأمنية في معظم الدول العربية الرافضة للتطبيع , انحدرت أهمية القضية الفلسطينية عند العرب , واصبح قبول الكيان الصهيوني ثقافة لبعضهم , وفي نفس الوقت حل العداء لإيران محل العداء الاسرائيل . الاعلام العربي والصهيوني نجح نجاحا باهرا بتحويل وجهة العداء الى ايران . ايران أصبحت اخطر من إسرائيل على العرب , حسب ما يصفه انصار التطبيع , واصبح بعض العرب لا يخجلون بالحديث عن الخطر الإيراني على العرب وبكل حرية , على الرغم من إهانة الصهاينة المستمرة للعرب والمسلمين كل يوم.
8. وعلى الرغم من انفتاح بعض العرب على الكيان الصهيوني والتعاون معه تحت الطاولة , ولكن هذا التعاون اصبح اكثر انكشافا خلال معركة " طوفان الأقصى " في تشرين الأول 2023 . خلال معركة " طوفان الأقصى" خرج شيوخ دين وساسة ينددون بمنظمة حماس الفلسطينية و يدعون للسلام مع إسرائيل وطرد الفلسطينيين من أراضيهم . نعم خرجت أصوات من دول عربية وعلى وسائل التواصل الاجتماعي يطالبون الانتقام من الفلسطينيين بسبب حروبهم التي لا تنتهي مع " دولة إسرائيل" . لقد خرج رجل دين يطالب الفلسطينيين بمغادرة فلسطين و العيش في مكان اخر اتباعا لسنة الرسول عندما ترك مكة المكرمة وسكن المدينة المنورة . هذا الشيخ قال بالحرف الواحد ان فلسطين ليست اقدس من مكة والصلاة في المدينة المنورة ليست اقل رحمة وقدسية من الصلاة في الكعبة المشرفة . وشيخ اخر يندد بالمقاومة بسبب تعاونها مع ايران ويدافع عن الكيان الصهيوني بحجة ان " ديننا قد احل لنا نكاح نسائهم واكل ذبائحهم ولم يحل لنا نكاح بنات ايران واكل ذبائحهم " . وشيخ اخر , خرج ليقول لا يجوز التعاون مع " الشيعة " حتى وان استولت إسرائيل على الأرض العربية من النيل الى الفرات!
9. لقد وصل الامر لبعض العرب الاحتفال باستشهاد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية بضربة جوية إسرائيلية على محل اقامته في طهران , وقتل فؤاد شكر القيادي في حزب الله في لبنان . لقد اعتبروا قتل هنية سوف ينهي الاقتتال اليومي ويسهل الطريق لسلام دائم في الشرق الأوسط . واصبح جريمة يعاقب عليها القانون على كل من يرفع علم فلسطين او يحمل شعار التحرير في بعض الدول العربية .
10. لقد خرج الاستعمار من المنطقة العربية من الباب , ولكنه دخل المنطقة مرة ثانية من الشباك , وذلك الشباك هي دولة إسرائيل . لقد توصل المستعمر الى استنتاج بان بقاءه على ارض لا تعود له غير مقبول أخلاقيا وقانونيا , فوجد ضالته باستخدام إسرائيل كقاعدة متقدمة لضرب أي حركة وطنية في العالم العربي او أي خط عقلاني للتنمية الاقتصادية المستقلة عن الغرب . الغرب يريد النفط ويريد الهيمنة فوجد من إسرائيل أداة لتحقيق أهدافه . ولهذا السبب يرسل الغرب بوارجه وحاملات طائراته الى المنطقة العربية لحماية الكيان الصهيوني مع كل معركة عربية معهم . واكثر من ذلك , لقد استشهد الملايين من العرب سابقا من اجل الاستقلال والحرية , اما الاستعمار الحديث في المنطقة فقد اصبح مرحب به من بعض العرب , لان ايران و حسب ما يد عون , اخطر من إسرائيل عليهم , خطر على الدين والأرض , بينما خطر اليهود على الارض فقط , ويمكن تعويض خسارة الأرض بنكاح اليهوديات , حيث انها سنة محمد , حسب ما جاء في تسجيل صوتي لرجل دين سعودي .
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |