أضاءة عن مولد رسول الأسلام

يوسف يوسف
2024 / 8 / 1

هذا البحث المختصر ، هو غوص مثير ، في عمق تاريخ مولد الرسول ، وما به من تقاطعات وأساطير ، وهو أضافة متواضعة لزمن الحدث . وسيكون البحث مقسم لثلاث محاور : يوم مولد الرسول ، ومن ثم الشهر ، وأخيرا السنة .
الموضوع :
1 . يوم مولد الرسول : من موقع / مركز الأشعاع الأسلامي ، يشير أن " الرسول المصطفى ولد ، يوم الجمعة ، 17 من شهر ربيع الأول من عام الفيل ، و بعد ( 55 ) يوما من هلاك أصحاب الفيل ( عام 570 أو 571 ميلادي ) ." .
ولكن في مصدر ثان وهو موقع / موضوع ، هناك رأيا أخرا ، فيبين " أن الرسول ولد في 12 من شهر ربيع الأول ، في يوم الاثنين من عام الفيل ، سنة 571 م " . ويُعد هذا الحدث من الأحداث الثابتة في القرآن الكريم ، حيث قال تعالى : ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ / سورة الفيل ) " .
ومن مصدر أخر ، وهو موقع / طريق الأسلام ، هناك روايات اخرى ليوم مولد الرسول { قيل : وُلِد في 2 من ربيع الأول . وهذا قول ابن عبدالبر ؛ لرواية الواقدي عن أبي معشر نجيح بن عبدالرحمن المدني . وقيل : في 8 من ربيع الأول . وهذا قول ابن حزم .. ورجَّحه الحافظ أبو الخطاب ابن دِحْيَة في كتابه : ( التنوير في مولد البشير النذير ) . وبه قال أكثر أهل الحديث ومَن لديه دراية بهذا الشأن .. وقيل : في 9 من ربيع الأول . ومعتمد هذا القول على تحقيق بعض علماء الفلك . وقيل : وُلِد في 10 من ربيع الأول . وهو مرويٌّ عن الشعبي وأبي جعفر الباقر .. } ، وهناك أقوال أخرى .
* أذن هناك خلاف في روايات يوم الولادة ، ولكنهم متفقون على شهر ربيع الأول ، فمنهم من قال " ولد في 2 ، 8 ، 9 ، 10 ، 12 و 17 .. والفقهاء يرقعون تلك الفروقات ، بان الحدث مضى عليه أكثر من 14 قرنا ، وليس من توثيق في ذلك .

2 . الشهر الذي ولد به الرسول : هناك روايات كثيرة بهذا الصدد ، منها { فالعلماء اختلفوا في الشهر الذي وُلِد فيه النبي . فقيل : وُلِد في شهر رمضان . وهو قول الزبير بن بكَّار ؛ بناءً على أن أوَّل نزول الوحي كان في رمضان بلا خلاف ، وكان ذلك على رأس أربعين سنة من عمره ، فيكون مولدُه في رمضان . وقيل : وُلِد في شهر ربيع الآخر . وقيل : وُلِد في شهر رجب . وقيل : وُلِد في شهر صفر . وقيل : وُلِد في شهر ربيع الأول - وهم الجمهور .. / نقل من موقع طريق الأسلام } .

3 . السنة التي ولد بها الرسول : رجوعا الى سنة ميلاد الرسول ، التي تقول المصادر أنه ولد في عام الفيل ، ولكن وجدنا مصادر أخرى تقول غير ذلك منها ، منها ما ورد في موقع / الأسلام سؤال وجواب - منقول من " السيرة النبوية الصحيحة " (1 / 97 ) قال الدكتور أكرم ضياء العمري { والحق : أن الروايات المخالفة كلها معلولة الأسانيد ، وهي تفيد أن مولده بعد الفيل ب 10سنوات ، أو 23 سنة ، أو 40 سنة ، وقد ذهب معظم العلماء إلى القول بمولده عام الفيل .} .
أما موقع / أسلام أون لاين ، فيذهب بعيدا بخبر مولد الرسول ، حيث يبين الأتي { على أنه قيل : إن مولده بعد عام الفيل ب 10 سنين ، أو 32 سنة ، أو 30 سنة ، أو 40 سنة ، وقيل : قبل عام الفيل ب 15 سنة ، وقيل أقوال أخرى مفصلة في كتب المواليد وكلها غير معتمدة . وإن كان المشهور : أنه بعده بخمسين يوما أو أربعين } ! .
* وحول تعدد روايات مولد الرسول الغير منطقية ، يقول د . محمد الطيب النجار / من ذات الموقع السابق : { ولعل السر في هذا الخلاف أنه حينما ولد محمد ، لم يكن أحد يتوقع له مثل هذا الخطر ، ومن أجل ذلك لم تتسلط عليه الأضواء منذ فجر حياته ، فلما أذِن الله أن يبلغ الرسول دعوته بعد أربعين سنة من ميلاده : أخذ الناس يسترجعون الذكريات .. } .
* ولكن هذه الرواية تتقاطع مع ما روي في السيرة النبوية عن المعجزات التي حدثت يوم مولده ، التي لا يمكن أن تنسى من قبل المجتمع القبلي : { وفى ليلة مولده انشق إيوان كِسرى حتى سمع صوته ، وسقطت منه 14 شرفة ، وخمدت نار فارس التي كانوا يعبدونها ، ولم تخمد قبل ذلك بألف عام بل كانت تضرم ليلًا ونهارًا . وغاضت بحيرة "ساوة"وكانت بحيرة عظيمة في مملكة عراق العجم بين "همذان" و"قم" ، فأصبحت ليلة مولده ناشفة يابسة وبني في موضعها مدينة ساوة } .
* وخوارق مولد محمد ، غير مؤكدة ! ، لأنها مجرد خيال أسطوري - من صنع الفقهاء والمحدثين والمفسرين .

أضاءة :
* الموروث الأسلامي متناقض غير موثق ، كل فقيه أو مفسر ، يسرد تاريخا على هواه ، فأذا سلمنا جدلا بأن الأختلاف في يوم مولده ، ممكن التوافق عليه ! ، لأنه بالأيام ، ولكن كيف الأمر بالنسبة للشهر الذي ولد به محمد ، الذي أفاد به الفقهاء ( بين شهر رمضان ، رجب ، صفر ، ربيع الأول أو ربيع الأخر ..) ولكن الذي يثير الأنتباه هو سنة مولده ، وبالرغم من أن الأغلبية قالت عام الفيل ، ولكن البعض نفى ذلك وقال ( إن مولده بعد عام الفيل ب 10 سنين ، أو 23 سنة ، أو 30 سنة ، أو 40 سنة ، وقيل قبل عام الفيل ب 15 سنة ..) أذن مولد محمد غير متفق عليه لا في اليوم ولا في الشهر ولا في السنة. * وبالرغم من خيال وأسطرة الفقهاء حول الخوارق التي حدثت يوم مولد محمد ، ولكن لم يستطيعوا أن يحددوا يوم مولده .
* وقد رقع الفقهاء ، عدم الأتفاق على مولد محمد ، بأنه أمرا ليس ذا أهمية ، ومن موقع / أسلام ويب ، أنقل { قال محمد الغزالي في "فقه السيرة" لم يمكن المؤرخين تحديد اليوم والشهر والعام الذي ولد فيه على وجه الدقة ، وتحديد يوم الميلاد لا يرتبط به من الناحية الإسلامية شيء ذو بال ؟ فالأحفال التي تقام لهذه المناسبة تقليد دنيوي لا صلة له بالشريعة } .

خاتمة :
1 . أن كل ما ذكرت من وقائع وأحداث وشواهد في جانب ، والأشكال الأعظم ، هو : عدم حدوث " واقعة أبرهة الحبشي وهدم الكعبة " ، والتي نسبت سنة مولد محمد بها " عام الفيل " ، وأنقل في التالي ملخصا عن مقابلة للكاتب العراقي د . فاضل الربيعي - وهي منشورة على موقع (CNN) ، الذي نفى واقعة أبرهة الحبشي { أثار الربيعي ، تفاعلا بين نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي ، بعد تصريحات قال فيها : إنه لا توجد أدلة على قيام أبرهة الحبشي بغزو الكعبة وفقا لما تم تناقله تاريخيا .. الزعم أن أبرهة الحبشي غزا مكة ، لا أصل له لأنه طبقا للنقوش التي تركها أبرهة الحبشي في اليمن بما في ذلك النقوش التي تركها على سد مأرب .. كان ( الحبشي ) رجلا مسيحيا ولم يكن وثنيا ، الأمر الآخر ، أن أبرهة توفي عام 535 م وليس 570 م كما يزعم المؤرخون القدماء وأنه قد غزا الكعبة في هذا الوقت ، هناك 35 سنة فرق } .

2 . أذن وفق السند التاريخي والتحليل المنطقي للوقائع والأحداث ، أنه لا يوجد غزو للكعبة عام 570 م ، لأن الغازي / أبرهة ، كان قد توفى قبل ذلك الحدث ب 35 سنة ، وهذا الأمر جلل ، لأنه يقاطع أيضا الآية التالية من سورة الفيل ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ..) ! ويلغي مولد محمد بعام الفيل - الذي أجمع عليه الجمهور . لعدم حدوث الواقعة أصلا ! .
أخيرا أترك للقارئ العقلاني - مع هذه التناقضات والتقاطعات والأساطير، أن يقرر أي تاريخ يراه مناسبا بشأن مولد محمد .

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي