![]() |
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
![]() |
خيارات وادوات |
عطا درغام
2024 / 8 / 1
وهو من تأليف حمدي أبو جُليل،ويتناول الكتاب القاهرة من خلال أربعة محاور: المحور الأول القاهرة الفاطمية بشوارعها ومناطقها :( خان الخليلي- الخرنفش- بورسعيد- الأزهر- الدرب الأحمر- أبواب القاهرة- شارع أمير الجيوش- حارات القاهرة الفاطمية- أحمد بن طولون- صلاح الدين الأيوبي).
والقاهرة الخديوية وتحتوي علي : ( الجمهورية "إبراهيم باشا "- عائشة التيمورية- الشيخ ريحان- رمسيس- عبد العزيز- عدلي- عز العرب "المبتديان" - نوبار- التحرير- الرويعي- العشماوي- عبد الخالق ثروت- منصور- الجيش- رشدي- قصر النيل- عبد السلام عارف- كلوت بك- عابدين- صبري أبو علم- محمد محمود- باب اللوق- شريف- قصر العيني- هدي شعراوي- باب اللوق- الفجالة- نجيب الريحاني- شامبليون- أمين سامي- أحمد عرابي- جواد حسني- زكريا أحمد- عماد الدين- الجلاء- العباسية - طلعت حرب- )
ومصر القديمة وتشمل: ( السد البراني- الصليبة- مارجرجس- مجري العيون- صلاح سالم- حسن الأنور)
وجزر وامتدادات وتشمل ( المنيل- الهلباوي- شبرا- جامعة القاهرة- سليم الأول- ابن سندر- مراد وشارل ديجول- السودان- جسر السويس- جامعة الدول العربية)
ويتحدث الكاتب عن تجربته في فكرة الكتاب، وكيف وجد نفسه مضطرًا ليس فقط للتجول في الشوارع علي مهل، ولكن لتسجيل أبرز ملامح سكانها ومنشآتها والبحث في مراحلها التاريخية.
وكيف جاءت الفكرة في البداية عن طريق سيد عز الدين مدير مكتب جريدة الاتحاد بالقاهرة، وقامت علي محاولة رصد وتأمل الشارع وتتبع حاله عبر المراحل التاريخية المختلفة بمعني محاولة الإلمام بحاضر الشارع وماضيه مع تعريف بسيرة صاحبه والأدق أصحابه،ولكن الملامح الحالية أو الواقعية للشعارع ظلت في الأساس حتي وصلت إلي شارع شريف بالقاهرة الخديوية أو الأوربية.
ويحدثنا عن أعجوبة ضاعفت من أهمية التنقيب في تواريخ الشوارع إلي جانب نقل ملامحها الحالية. ففي هذا الشارع الذي كان يسبح في مخلفات وروائع مدابغ القاهرة حتي فترة قريبة ، هناك قصر مبني علي طراز العمارة الإسلامية المطعمة بلمسات من عمارة عصر النهضة الأوربي، وواجهته علي شارع شريف تتنازعها ثلاث لافتات ضخمة كل واحدة منها تنسبه ببنط بارز إلي مرحلة تاريخية مختلفة : الأولي: تعلن أن القصر أثر تاريخي بني بالقاهرة منذ أكثر من مائة عام ويتبع مباشرة هيئة الآثار المصرية،والثانية إلي جانبها تصرخ بأنه أحد مقرات بنك الإسكندرية،أما الثالثة وهي الأكثر واقعية حيث هناك من يحرسها ويدافع عنها- فتعلن بهدوء وثقة القابض علي الحقيقة أنه أي القصر"بازار" أو محل تجاري تملكه وتديره سيدة اشترته بحر مالها من تاجر يهودي من أولئك الذين فروا من مصر أيام الفترة الناصرية، ومن ناحية أخري فإن جدران القصر وعمارته بشكل عام تحمل آثارا تؤكد تفرق دمه بين المراحل التاريخية المختلفة،مرحلة بنائه كأبرز قصور الأجانب في القاهرة الخديوية تبقي منها واجهته،ومرحلة تحويله لمحل تجاري علي يدي التاجر اليهودي في بدايات القرن العشرين تتجلي في ذلك النفق الذي شق في مدخله أو ردهته ومرحلة تأميمه وإخضاعه لوطأة الاستخدام الحكومي بعد ثورة 1952 تحفظها تلك الخطوط العشوائية التي شوهت واجهته،وأخيرًا مرحلة التنازع عليها تجسدها لافتة المحل التجاري ومحتوياته وسيدة في الخمسين تؤكد ملكيته وتشكو سطو الحكومة عليه لكل عابر سبيل.
ويشير بفضل تعاقب وربما تصارع هذه المراحل علي القصر غير الكاتب من خطته وراح يبحث عن فصول قصة أي شارع منذ بدايتها حتي اللحظة الراهنة، وبمرور الوقت اكتشف أن الشوارع( كمباني وسكان ومناطق وأساليب حياة) هي المجهر الأنسب لقراءة مدي تغير الأمم وتطورها وأحيانصا انقلابها وتفككها. ففيها تنشأ القصور وتباع وتؤمم ثم تنهار وتهدم وفيها تسير المواكب الظافرة والمذعورة، وفيها تنصب التماثيل ،وتقلع علي خلفية من حكايات الطغاة والصالحين،وفيها شاب يتطلع لمستقبله وكهل يحدق في السماء في انتظار نهاية مناسبة.
ويتحدث عن تجربته في تناول شارع بورسعيد، فهو خليط من مدارس معمارية متباينة .يجمع بين إسلامية واجهة السيدة زينب وإنجليزية خلفية دار الهلال، وينتهي بمطلع غمرة وهو أطول شوارع القاهرتين القديمة والحديثة، وكما أنه الحد الفاصل بين مدينتين وثقافتين شوارعهما شكلت المادة الأساسية لهذا الكتاب.
فرغم أنه محبط إلي حد ما بالنسبة لراغبي التجول في شوارع القاهرة؛ حيث إنه مجرد شريان مروري مزدحم ومحاط بخليط عشوائي من مختلف أنواع وأشكال المدارس المعمارية ؛ إلا أنه يجمع علي ضفتيه مركزي القاهرة الحالية.فعلي ضفته اليمني- لو اجتزته من ناحية السيدة زينب- تقع القاهرة الفاطمية التي أسسها القائد جوهر الصقلي ووسعها أمير الجيوش بدر الجمالي،وعلي ضفته اليسري خطط الخديو إسماعيل شوارع وقصور القاهرة الأوربية،كما أن الفسطاط أو مصر القديمة أو أصل العمارة العربية الإسلامية في مصر وإفريقيا، تمتد علي أطرافه الجنوبية، مما أهله لمكانة قصبة القاهرة بشقيها القديم والحديث.
هذا علي مستوي الموقع أو الجغرافياـ أما علي مستوي التاريخ ؛ فإن مرور الخليج المصري منه كشريان ملاحي حفره الرومان وقيل الفراعنة،وأعاد حفره عمرو بن العاص، وظل يتدفق علي أرضه حتي ردم في النصف الأخير من القرن التاسع عشر- وفر لشارع بورسعيد تاريخًا طويلًا جعل سيرته تتواتر في قصص العديد من شوارع القاهرة.
شارع بورسعيد كان يُعرف باسم"الخليج المصري"، وأطلق عليه اسم المدينة الساحلية بعد العدوان الثلاثي علي مصر، ليؤكد علي ملمح مفاده أن تغيير أسماء الشوارع يعود في الغالب لأسباب سياسية، كما أن الشوارع المرشحة دائمًا للإطاحة بأسمائها هي المتاخمة أو القريبة من مراكز الحكم والسلطة.فاما اتخاذ الإطاحة بأصحابها القدامي وسيلة لتغيير أو حتي تدمير كل ما يخص العهود السابقة كما فعلت ثورة يوليه 52- في شوارع مثل إبراهيم باشا وفاروق وفؤاد والملكة حيث أطلقت عليها أسماء تخص توجهاتها مثل الجمهورية والجيش و26 يولية ورمسيس.
وأما اتخاذ أسماء الشوارع وسيلة للتقرب من قوي أجنبية مثل شارع عبد العزيز الذي لاطف باسمه الخديو إسماعيل السلطان العثماني لدي تشريفه الديار المصرية، وشارع أمريكا اللاتينية وميدان سيمون بوليفار اللذين تقرب بهما رجال ثورة يوليو من حكومات دول أمريكا اللاتينية.
وهنا يمكن ملاحظة أن الشوارع الممنوحة لقوي سياسية خارجية عادة ما تكون عرضة للتغيير لو تكدرت علاقات الحكومة المصرية بأصحابها مثلما حدث مع الشارع الذي أطيح باسم الملك عبد العزيز من علي عرشه بعدما ساءت العلاقة بين الرئيس عبد الناصر والنظام السعودي أيام حرب اليمن، ثم نصب عليه مرة أخري بعدما عادت المياه إلي مجاريها بين الدولتين.
ومن ناحية أخري ؛ فإن الشوارع الشعبية البعيدة عن مركز الحكم والجاه والمال والفخامة المعمارية تبدو أكثر استقرارًا وهدوءًا،وتصالحًا مع أسمائها الأولي وهي غالبًا ما تحصر في أسماء الحرف والأسواق والمشايخ والأشخاص العاديين مثل التجار وأحيانًا أسماء الحيوانات مثل شوارع ساحة الحمير وظهر الجمال وضلع السمكة والمناخ وغيرها.
والغريب أن من يغيِّرون أسماء الشوارع لأسباب سياسية عادة ما يتركون أسماء الشوارع الشعبية علي حالتها الأولي، رغم أنه لو اعتبرنا أسماء الشوارع وسيلة لتخليد الشخصيات والأحداث والمواقع السياسية علي المستوي الشعبي ؛ فإن الشوارع الشعبية البعيدة عن مراكز الحكم هي الجديرة بذلك، ففيها الجماهير العريضة الكفيلة بتخليد أي شيء وربما يدلل ابتعاد رجال السياسة وأحداثها عن الشوارع الشعبية علي أنها حتي الآن تعيش بمعزل عما يدور في أروقة السياسة والسياسيين، ولا يشغل سكانها بشكل حقيقي سوي حرفهم ودوابهم ومعتقداتهم.
وإذا كان فقراء الشوارع الشعبية استقروا والأدق أرغموا علي الاستقرار في حواريهم وأزقتهم الضيقة بعيدًا عن مراكز الحكم؛ فإن أبناء الطبقات الغنية اختاروا عبر تاريخ القاهرة مجاورة قلاع الحكم والسلطة، ففي كل مرحلة تاريخية تختار الطبقة الغنية رفعة تعرف بها وتختبيء فيها بعيدًا عن الفقراء ، وتجعل مجرد الاقتراب منها بمثابة الأحلام التي يصعب تحقيقها بالنسبة لعامة الناس مثل منطقة جاردن سيتي التي كانت أرضًا عامرة بقصور الأسرة المالكة،ومن شايعها من المصريين والأجانب ومحرمة علي عامة أبناء الشعب المصري.وفي معظم الأحوال والتواريخ تكون تلك الرقعة ملاصقة او متاخمة لمراكز الحكم.
الطبقة الغنية في كل عصر تتحصن بحي معين في القاهرة كما تحافظ علي تقاليد تعرف بالعريقة، غير أنها علي المستوي الداخلي في حالة من الحيوية الدائمة، فهي تلفظ علي الأقل علي المستوي المعنوي- كل من يفرط في أي من شروطها، كما تستقبل مرحبة كل من ساعدته الظروف في التمكن من إنجاز شروطها التي كانت تبدأ بالعرق أو الأصل ، ولا تنتهي بتراكم الأموال والعقارات.وإن كان حي الزمالك في الفترة الأخيرة – منذ السبعينيات – تهاون كثيرًا في شروط الانضمام إلي سكانه وحصرها في شرط واحد هو الفلوس، الطبقة الأرستقراطية الآن علي استعداد لضم أي كومة من الفلوس بغض النظر عن أصل أو ثقافة أو أخلاق حاملها
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |