جيل الطيبين

فوز حمزة
2024 / 7 / 29

رفعتْ رأسها من على كتاب الرياضيات لتقول لي:
- عمة أريد أسألج سؤال باعتبارج من جيل الطيبين ..
التفتُ إليها وعلامات استغراب بانتْ بوضوح على وجهي.. تماسكتُ ثم ابتسمتُ وقلت لها:
- حبيبتي شنو تقصدين بجيل الطيبين؟.
بثقة وإصرار ردّتْ:
- عمتو قصدي إنتوا إللي اجاوزتوا الأربعين!.
وهنا راودني بعض الأمل وخفف من وطئة ما سمعته قبل قليل؛ فابنة أخي ما تزال تراني أربعينية، فقلت بحماس اعتراني فجأة جراء الفرحة:
- گولي بت أخوية العزيزة ، شنو سؤالج؟.
- ردت أسألج عمتو، إنتي لما جنتي بالمدرسة...
وهنا كأنها تذكرت شيئا فقالت:
- صدك عمة إنتي خلصتي علمي لو أدبي؟.
أجبت بفخر:
- أدبي!
الخيبة كانت واضحة في نظرة عينيها.. فقالت:
- ياهو إللي أسأله من جيل الطيبين يطلع مخلص أدبي، حتى بابا.!
- شنو سؤالج حبيبتي گولي..
كانت محاولة مني لجر الحديث لمنطقة أكثر أمانًا بالنسبة لي.
- عمة لما جنتي بالمدرسة وعدكم أستاذ ميعرف يشرح .. شنو تسوون؟.
في الحقيقة صدمني سؤالها وحرت في معرفة الرد، لكن كان عليّ إيجاد الجواب المناسب .. فقلت:
- ليش أكو مدرس ميعرف يشرح؟!.
- طبعا عمتو أكو .. مثلا مدرس الفيزية مالتنه .. كلششششي ميفتهم ولا طگة.. ومدرسة العربي مسويها نفسها عبقرينو وهي جاية للمدرسة بس تستعرض ملابسها وذهبها...
قاطعتها:
- عمة لازم تحترمين المدرّسين .. ميصير تحجين عليهم بهاي الطريقة...
بثقة لم أكن املكها حينما كنت في مثل عمرها .. صرخت:
- عمتو هذا الشيء كان بوقتكم .. هسه المدرّسين كلهم مابيهم خير حتى قبل أيام وحدة من الطالبات من شعبة الخامس جيم تعاركت ويه مدرسة الإسلامية وضربتها ونزعتها ربطتها بس المديرة طردت الطالبة وطلبت منها متجي للدوام إلّا مع ولي أمرها...
- كنت اصغي لابنة أخي غير مصدقة ما تقول إلّا إنها لم تبالِ بما اعتراني وواصلت الحديث:
- بس ثاني يوم أجت أم الطالبة وياها كم أمرية وانتظروا المديرة لما طلعت من المدرسة وگتلوا المديرة گتلة أخت الجذب!.
خطر على بالي أن أعرف نوع الگتلة التي هي أخت الجذب .. لكن حماس ابنة أخي لم يترك لي وقتًا للسؤال .. فقالت وهي تستعد للوقوف:
- عمة أني صورت العرگة بتلفوني ولو هي انتشرت ع التيك توك بس ميخالف .. راح أصعد أجيب التلفون حتى أشوفج اشلون المديرة لما وگعت بالگاع وتمرغلت بالتراب تمرغل وما خلصها منهن إلّا الحارس والشرطة! .
خرجت ابنة أخي من الغرفة وتركتني أفكر لِمَ اسمونا جيل الطيبين وحمدت الله كثيرًا لأنني منهم!.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي