مقال قد ينفعك : لماذا حان الوقت بان نعامل السكر معاملة التدخين ؟

محمد رضا عباس
2024 / 7 / 28

وانا اتحدث عن العراق والذي هجرته , بحزن بالغ , منذ خمسون عام , أتذكر جيدا ان المطبخ العراقي كان يستعمل الخضروات واللحوم الطازجة (Fresh) . الوالدة , رحمها الله , كانت تخرج صباحا لشراء ما تحتاج طبخة اليوم من لحوم و خضروات من السوق القريب من بيتنا , ويتم اعداد الطعام بدون إضافة سكر , عدا اللهم في حالة طهي طبخة " الطرشانه " عبارة عن فواكه مجففه ( يدخل فيها المشمش المجفف و العنجاص المجفف) او اكلة " شجر اسكله " وهي اكلة مادتها الرئيسية اليقطين الشتوي . كلا الاكلتين يحبها الكبار ويكرهها الصغار.
كان البيت لا يحتاج تكديس اللحوم والخضروات او الأغذية المجمدة لعدم وجود الثلاجات الحديثة وعدم وجود اطعمة مجمدة تباع في الاسواق. الجوعان له خيارين : ام تناول الطعام في البيت او في المطعم .
الأطعمة و الاشربة الجاهزة أصبحت مبتذلة في الأسواق العراقية حسب ما لاحظته في زيارتي الأخيرة للبلد . المعلبات والعصائر , النستلة بكل أنواعها , المشروبات الغازية , والحلويات بأشكالها , قد ملئت رفوف السوبر ماركت و محلات العطارة . لقد سرق السوبر ماركت وظيفة الزوجة في البيت .
ليس لدي مشكلة عدم صرف الزوجة وقتا طويلا في المطبخ , عكس حال امهاتنا في الماضي , حيث كانت غرفة نوم الوالدة عمليا المطبخ وليست غرفة النوم. ولكن على الزوجة والرجل ان يعرفوا ان كل شيء ناكله يؤثر على هورمونات اجسادنا , كيمياء الدماغ, نظام المناعة , نمو الخلايا الصغيرة , والقائمة لا تنتهي. ولكوننا من المستهلكين للطعام على اقل وجبتين في اليوم الواحد , فمن حقنا ان نعرف القيمة الغذائية لأكلنا وكيفية تأثيره على صحتنا العامة , وخاصة عندما يحتوي غذائنا على كميات معينه من السكر.
موضوع تناول السكر اصبح من المواضيع الحيوية التي يصرف عليها أطباء الصحة العامة , التغذية , و الذكاء الإنساني وقتا طويلا من اجل حماية الملايين من البشر .
على سبيل المثال تنصح ادارة الغذاء و الدواء الامريكية تناول السكر بكمية اقل من 50 غراما في اليوم الواحد , ولكن استهلاك المواطن الأمريكي يقترب من ثلث باوند في اليوم الواحد, اكثر بثلاث مرات من الحد المسموح به . ولتوضيح الصورة اكثر , فان المواطن الأمريكي اصبح يستهلك بالمعدل 100 باوند من السكر في العام الواحد . ولهذا السبب فان 50% من الكهول في أمريكا يعانون من مرض السكر. والمصيبة , ان اغلب من يتناول الأغذية الغنية بالسكر بدون الانتباه الى مخاطرها .
احد الباحثين وجد , ان 74% من الأغذية المعلبة في الأسواق الامريكية تحتوي على السكر , بما فيها الأطعمة الصحية مثل صلصلة السلطة , كول سلو , الفاصوليا المعلبة , و اللبن حيث ان بعض الالبان تحتوي على كمية من سكر اكثر من المشروبات الغازية .
المشكلة ان تعاطي الأطعمة الغنية بالسكر يؤدي الى الإدمان عليها تماما مثل الإدمان على الكوكائين , ولكن بثمان مرات , ولهذا السبب فان المستهلك لقطعة من الحلوى , بسرعة سيسال عن الثانية .
الدول الصناعية فرضت على الشركات المصنعة للأطعمة والمشروبات وضع جدول للمواد التي يحتويها انتاجهم , ولكن هذا الجدول غير كافي . بعض المهتمين بالرعاية الصحية يطالبون بوضع تحذير على جميع المشروبات والأغذية التي تحتوي على سكر بكمية تتجاوز الحد المسموح , تماما مثل التحذير من التدخين والذي تجده على كل علبة سكائر . ترفض شركات صنع الأغذية في أمريكا من وضع تحذير من استهلاك السكر , ولكن دول كثيرة بدأت بوضع التحذيرات سواء على الأطعمة او المشروبات .
ولتبيان أهمية هذا التحذير , فان الباحثين يضربون مثلا بين نسبة المدخنين في الماضي والحاضر . في عام 1969 طالبت الحكومة الامريكية من شركات صنع السكائر وضع تحذير عن مخاطر التدخين على كل علبة سكائر . حاليا نسبة المدخنين هي 11% مقارنة مع 50% قبل التحذير . ارتفع معدل العمر ما يقارب 11 سنة بسبب انخفاض نسبة المدخنين .
لا أطالب اكثر من مطالبة المختصين بعلم التغذية وهو تشجيع المواطنين على عدم اكل السكر بإفراط . و على الحكومات في منطقتنا العربية العمل على تثقيف المواطن على مخاطر تناول السكر , لاسيما في المدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية , وسيكون انجاز عظيم لكل دولة لو طالبت الشركات المصنعة للمشروبات والأغذية التي تحتوي على كميات من السكر , وضع علامة او تحذير يقول " تناول السكر بإفراط يؤدي الى امراضا خطيرة".

ملاحظة : الأرقام اخذت من
It’s time to treat sugar like cigarettes,

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي