|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
أمين بن سعيد
2024 / 7 / 24
نعم، فتحت ملاك الباب تلك اللحظة دون أن يدري أحد منا، برغم أني ظننتُ أنه أغلق إلى الأبد! قالت ملاك لإيمان "سأنتظركِ"، ذلك ما سمعته... لكنها خطتْ خطوات نحو الباب ثم عادتْ، لتحضن إيمان من خلفها، فتضع يدها اليمنى على يد إيمان اليمنى، ثم تأخذ يد إيمان اليسرى بيدها اليسرى، فتحملها قريبا من وجهها الذي وضعته على كتف إيمان الأيسر، توشوش في أذنها، تقبل يدها اليسرى، ثم... تغادر. وما إن فعلتْ، حتى وضعتْ إيمان يديها على وجهها وبكتْ... وأنا أنظر وأتابع مصعوقا وقد أظهرتا أخيرا حقيقتهما، فكّرتُ في المغادرة مباشرة بعدما غطتْ إيمان وجهها بيديها، لكني قلتُ لن أخسر شيئا بعد كل الذي رأيتُ... الخروف مات وشبع موتا، ماذا سيغير من الأمر إن شووه أو طبخوه أو ألقوه للكلاب حتى!
- اعذرني، لم أتمالك نفسي...
- واو! حتى ماغي لم أر عندها شيئا شبيها...
- ماغي؟
- ماغ رايان...
- لا أعرفها
- مقارنة بما رأيتُ، ستكون هاوية أمامكِ...
- وماذا رأيتَ؟
- صبري عنده حدود
- أولا إياكَ أن تعيد ما فعلته سابقا! إياكَ أن تغادر!
- قلتُ لك أن ذلك العهد ولى...
- لا أظن ذلك... لنتكلم ولنقل كل شيء... ماذا رأيتَ؟
- لم أرَ شيئا... ماذا قالت لكِ؟
- قالت: "لا تنسي أبدا أني اخترتكِ أنتِ، أحبكِ"
- جميل! والمطلوب مني الآن؟
- رأيكَ فيما شاهدتَ وسمعتَ؟
- تأكيد آخر أنكما لعبتما لعبة قذرة معي منذ البداية، ووقعتُ في الفخ!
- لنتبع منطقك، وانسَ ملاك الآن، ركز معي فقط... إذن أنا كان هدفي السخرية منك؟ هكذا تعتقد، وحتى هذه اللحظة يمكن أن نضعها مع كل ما سبقها؟
- نعم
- طيب، اشرح لي كيف أسخر منكَ وأفعل ما فعلتُ في القاعة؟ هل كنتُ محتاجة لذلك؟ وهل كان ذلك أمرا هينا عندكَ؟
- منذ الثانية عشرة رأيت بنات تتعرى معي، ليس ذلك غريبا ولا استثنائيا عندي، أما كونكِ قمتِ به فعادي جدا أن تبحث أي مثلية على أول مرة مع أي كان، تختار شخصا ما وتجرب معه، وعلى كل حال الشخص لا يعني لها شيئا...
- وفي الكلية أمام كل البشر؟ ماذا كان ذلك؟ الخبر وصل لبابا لمعلوماتك، هل كنتُ في حاجة لذلك لو كان هدفي فقط أن أسخر منكَ؟
- ...
- تكلم... في القاعة كنا وحدنا، سأتبع منطقك برغم أني أريد ضربك بالقارورة التي أمامي! لكن سأتبع منطقك! وأمام كل الناس؟
- الذي أنا متأكد منه أني كنت كالميت وعندما سمعتُ صوتك شعرتُ كأني عدتُ للحياة من جديد، أستطيع أن أجزم بذلك، أما موقفكِ فلا أعلم!
- لم أتمالك نفسي وبكيتُ، لأني كل لحظة أكتشف أهميتها في حياتي، ولا أريد حياة ليست موجودة فيها! فهل عندكَ اعتراض على ذلك؟
- لا قيمة لاعتراضي من عدمه، ومن أنا أصلا لأعترض؟
- أنتَ... أنتَ... أنتَ...!
- لا بأس تستطيعين شتمي مثلما تريدين... فقط ابتعدي عن القوارير والكؤوس والسكاكين...
- عندما غادرتَ، ظلت ملاك واقفة عند الباب...
- ...
- فوقفت وراءها، وطلبتُ منها أن أُقبِّلها، فرفضتْ...
- عيب عليها!
- في البدء ثم قَبلتْ، لكني لم أستطعْ، ولم تستطعْ...
- بالعزيمة والإصرار ننجح فيما فشلنا فيه أول مرة...
- أتكلم في موضوع هو الأهم في حياتي كلها، وليس سهلا بالمرة الكلام فيه، وأنت تسخر؟!
- المشكلة أني لا أراه هاما بالنسبة لي، ولا أعلم لماذا تتكلمين عن أموركِ الشخصية أصلا؟
- كيف لا تراه مهما وأنا أقول لك أني لستُ من تظن؟!
- إعلان حب منها منذ قليل، ثم إعلان منكِ، وكله بلسانكِ... مسألة القُبل ستأتي في وقتها...
- لا أعرف كيف سأشرح لك! لكن... لنفرض أني مثلية... لنفرض ذلك... ما مشكلتكَ أنتَ؟
- مشكلتي أنكِ سخرتِ مني وصدقتُ أنكِ تحبينني!
- ولو تأكدتَ أني لم أسخر منكَ؟
- كيف وأنتِ تحبينها؟
- لنقل أني أحبكما معا، ليس نفس الشيء، لكن لنقل ذلك...
- المثلية لا يمكن أن تحب رجلا، مثلي أنا تماما وربما أكثر، ولا يمكن أن أحب رجلا!
- لنتكلم عن محمد... تخيل أنك تراه أكثر من صديق مقرب، أحب من كل شخص تعرفه حتى من أفراد عائلتك
- عادي، ما المشكلة في ذلك؟
- افرض أنك تحب فتاة ما، وكلما كنت معها، تفتقد محمد وتريده أن يكون معك، لدرجة أن ذلك يعكر علاقتك بها...
- لا يمكن أن يحصل ذلك معي
- افرض أنه حصل... هل سترى محمد صديقا، أخا، أقرب الناس إليك، أم هو شيء آخر؟
- لا أريد تخيل ذلك... الأمر مقرف بالنسبة لي
- ولماذا مقرف؟
- لأني لا أحب إلا النساء!
- جيد، سميته "حبا"!
- لم أقل ذلك...
- قل عنه ما شئت وسمّه مثلما شئت... أنا سمّيته "حبا"، وملاك سمّته "حبا"...
- الذي رأيته منذ قليل ليس ما تتحدثين عنه، ولو قارنته بما حدث معك في الكلية لن أجد أي فرق!
- كنتُ أريد تقبيلكَ لكني لم أستطع، ملاك لا رغبة عندي في تقبيلها...
- الآن... غدا ستأتي وسيكون نفس الشيء...
- لن تأتِ أبدا
- ولماذا؟
- لأني لستُ مثلية ولم أشعر لحظة واحدة طيلة حياتي برغبة تجاه النساء
- الكلام عن ملاك وليس عن النساء
- أكثر من نصف عمري أعرفها، ولم أشعر بأي رغبة نحوها، لا قبل، لا الآن، ولا بعد ألف سنة!
- لكنك قلت أنك تحبينها!
- نعم وحبي لها لا علاقة له بكل ما هو حسي...
- حب عذري إذن!
- لا، الحب العذري فيه شيء من الرغبة لكنها تكبح، نحن لا رغبة أصلا بيننا! فهمتَ؟!!
- ...
- هناك شيء آخر وهو الأهم، سيجعل الحجر يفهم
- ...
- لنواصل مع محمد، تخيل أنك وهو تحبان نفس المرأة...
- ثم؟
- تغار منه في الأول، لكنك بعد ذلك تقبل، وشيئا فشيئا يسعدك ذلك...
- يستحيل أن أقبل، ولن يسعدني ذلك، وغصبا عنها ستختار، وإن لم تخترني سأقبل لكني لن أسعد بذلك
- تجيبك أنها لا تستطيع الاختيار وتريدكما معا؟
- أنسحب وحدي
- لن تستطيع
- أستطيع، ومهما كان ألمي سيمرّ!
- ماذا تسمي الذي تشعر به نحو محمد، لو قبلتَ، ولم تسعد إلا بحضوره؟
- قلت لك أن ذلك لا يمكن أن يحدث معي...
- حدث معي، ومع ملاك... سأذهب إلى الحمام، وفي أثناء ذلك فكّر... عندما أعود، أريد أن أسمع منكَ شيئا واحدا!
- ما هو؟
- ستعرفه إذا فهمتَ...
- وإذا لم أفهم؟
- ستفهم!
لم تبطئ... برغم أنها قالت بعد ذلك، أنها بقت وقتا طويلا في الحمام، لتترك لي الوقت...
- نعم، تكلم...
- لا أعلم من أين أبدأ...
- ...
- نعم، منذ أن كنت طفلا رأيت أجسادا جميلة أمامي، لكن الذي حصل معكِ كان شيئا آخر...
- ...
- قبل، لم يكن عندي إلا الرغبة... معكِ حصل شيئان غريبان، كان عندي شيء آخر مع الرغبة، و... توقفتُ... ليس لأني أهنتكِ مثلما قلتِ لكن لأني خفتُ أن أخسركِ، كل شيء حدث بسرعة وخفتُ أن تندمي بعد مرور لحظة الرغبة... عشتُ الكثير وتعلمت الكثير برغم صغري، ومما تعلمتُ أن الحياة قصيرة وأن فرصها لا يهدرها إلا الأغبياء ولست منهم... من المفروض أني لا يمكن بأي حال أن أتوقف وقتها لكني فعلتُ، ولم أندم على ذلك. عنتْ لي الكثير تلك المرة، ولا أزال أعيش كل لحظة منها في عقلي، ولم أقبل ألا تكوني صادقة فيها، لأني رأيت وشعرتُ بكل ما فعلتِ... أن يكون كل ذلك منكِ مسرحا، فذلك يعني أنكِ لستِ بشرا أصلا بل وحش تجسد في جسد جميل، لكني رأيتُ وشعرتُ ببشر! وإذا نجح ذلك البشر في خداعي فذلك يعني أني غبي وأني أحببت وحشا وليس تلك التي أردت تقبيلها منذ أول لحظة وقفتْ فيها أمامي تصرخ في وجهي... لست ضعيفا وأرفض الهزيمة لكني أقبلها لو هزمني من يستحق، ولست غبيا لأقبل مجرد الفكرة أن يُضحك عليّ ويُسخر مني، ولو حدث ذلك من شخص بعيد ربما لن يؤثر كثيرا، لكن من قريب التأثير أعظم، وإذا كان ذلك من التي أحب تكون النتيجة دمارا شاملا! قلت في البدء أن علاقة قوية مع ملاك تسعدني، لكن ما إن فهمتُ أنها غير ذلك رفضت، ليس للعلاقة في ذاتها، لكن لاستحالة صدقكِ في كل ما حدث معي وأنتِ تحبين غيري وبالتالي أكون مخدوعا! تلك مشكلتي، أن أكون مخدوعا وليس علاقتكِ بها في ذاتها... كنت صادقا معكِ، معكما، منذ أول لحظة، لم انظر لكِ لحظة واحدة وحدكِ، منذ أول إثنين إلى الآن، كل ما أقوله ينطبق على ملاك ولست في حاجة إلى تذكيرك به، فوجدت أنكِ كذبتِ علي ومنذ أول لحظة... وعقلي لم يقبل ذلك! لأنه يستحيل أن يقبل عقلي أنكِ عندما حضنتني أمام الجميع وتكلمتِ، كل ذلك كان كذبا! لستِ مجرد جنس بالنسبة لي، أنتِ أكثر بكثير من ذلك، وأول مرة يحصل ذلك معي... أقول لك شيئا لا تعرفينه عني، شيء يخدع كل نساء الأرض... أعطني امرأة جميلة، سأمارس معها الجنس يوميا مرات عديدة ولسنوات دون أن أمل: لا يعني ذلك أني أحبها، ذلك يعني أني شخص ذكي يعيش حياة جنسية إلى أقصى درجاتها، بل ربما كنت أحتقر تلك المرأة وكانت عندي كمجرد عاهرة أو شيئا جنسيا لا غير، من يدخن علبتي سجائر أو ثلاثة في اليوم هل "يحب" سجائره؟ التدخين إدمان، الجنس قد يكون هوسا أو مرضا وحضوره لا علاقة له بالحب... قبل تلك اللحظة معكِ، كنت ذكيا أو مريضا أو مهووسا لا أعلم بالضبط وربما كنت الثلاثة معا، لكن ما علمته منذ تلك اللحظة أنكِ غير كل من عرفتُ، وأن شيئا جديدا التحق بقائمتي... وذلك الشيء غلب على كل شيء غيره... لا تخافي إن قلتُ لك أني مهووس بكِ، لكن هوسا آخر غلب ذلك الهوس: لست أحمقا ليُضحك عليّ! اجمعي بين هوس يصل درجة تمني الموت وأنتِ عارية بين يدي، وبين آخر سيحرقكِ بالنار ويبقى ينظر إليكِ حتى تتحولين إلى رماد فيصنع منه سجائر يدخنها... وهنا، مجرد كلام أو تشبيه لتفهمي، نعم قد أكون عنيفا مع الذكور، لكن يستحيل أن يحصل ذرة من ذلك مع النساء، ولست نادما على ضرب ذلك الأحمق الذي أساء لجامبو، بل وفكرتُ في ضربه خارج الكلية!... تقولين أنكِ تحبينني؟ ربما، لكن ثقي أن حبكِ هذا لن يكون شيئا غير قطرة في بحر حبي لكِ... لكني لا أزال لا أفهم، كيف تحبينها دون رغبة؟ قد تقارنين نفسكِ بي، أحبكما برغبة ولا فرق عندي، وإن كنتُ أشعر أنكِ أقرب إلى فهمي منها، وربما وجودكِ الآن دليل على ذلك، وقد غادرتْ. قلتِ لي مرة مستغربة كيف يحب شخص ما شخصين في نفس الوقت، الأمر ليس غريبا عليّ أن تحبي شخصين في نفس الوقت، الذي لا يقبله عقلي أمران... الأول كيف تحبينها دون رغبة؟ الثاني وهو نتيجة للأول إذا كنت تحبينها مثلما أفهم فأنت حتما مثلية والمثلية لا يمكن أن تحب رجلا، النتيجة تكون ببساطة أن كل ما حصل معي كذب ومسرح وذلك أيضا لا يمكن أن أقبله... انتهيت... تريدين اعتذاري؟ أريد أن أفهم قبل ذلك...
لم تجبني، لكنها نظرت لي... شعرت بقدمها تمس فخذي، تتحرك ببطء حتى وصلت... مكانا محظورا... وجعلت تحرك قدمها دون أن تتوقف...
- قلت أن المثلية مثلك أنت وربما أكثر؟
- نـــ ــــعم...
- هل ستفعل ما أفعله أنا الآن مع رجل؟
- ...
- طيب، أنا الآن أمثل عليك؟ لنقل ذلك... لكن تستطيع التأكد من عدم كذبي...
- ...
- تريد أن تعرف كيف؟
- ...
- افعل نفس الشيء... مثلي...
- توقفي...
- افعل ذلك... انزع حذاءك... والجورب أيضا...
- الناس!
- لا أحد سيفطن لما يحدث تحت الطاولة... أنتظر وصول ساقك، هل انطلقتْ؟
- توقفي!
- أشعر بشيء تحت قدمي، وبه أستطيع أن أحكم عليكَ، لن تستطيع ذلك مع من لا ترغب فيها، ربما تكون لا تحبها لكنك لن تشعر بشيء لو لم تكن ترغب فيها... نفس الشيء عندي، فافعل!
- ...
- افعل ذلك من أجلي... سأسحب ساقي عنك...
- فعلتُ
- انظر في عينيّ وأجبني... كيف سمحتُ لكَ ولماذا؟
- أريد أن نغادر هذا المكان
- أنا أيضا، لكن سؤالي مازال قائما... نعم أريد أن أغادر معك، لكن لماذا؟
- ...
- تستطيع أن تعتذر الآن... وسأعطيك الصيغة... أعتذر لأني كنتُ أحمقا!
- ...
- الاعتراف بالحقيقة فضيلة... لن يجرح ذلك كرامتك... قل...
- قد تؤثر رغبتي فيكِ الآن على قراري...
- لم تؤثر على قرارك عندما كنا أكثر بكثير مما نحن فيه الآن... لا تبعد قدمك! قل...
- أحبكِ...
- اعتذارك مقبول... الآن نغادر.
قلت لها "أحبكِ" ولم أقل "أريدكِ"، الأولى تعني الحب والثانية الجنس. وبرغم تزامنهما، إلا أن خروج الأولى من فمي كان درسا تعلمتُ منه الكثير، وعهدا قطعته على نفسي دون أن أدري.
في بداية تلك السنة، كنت كوحش ضار لا يشبع، بل ربما تفنّن واستمتع بالقتل حتى لو لم يكن جائعا. طاقتي الجنسية كانت جبارة، مفاعلا نوويا، ولم يكن لها أي محظورات أو ضوابط. مزايا إيمان ومثلها ملاك، كانت كثيرة، لكن ماذا عن مزايا ومقومات من جعلهما تسقطان من قمة برجيهما العاجي إلى الأرض؟ ومعا؟ وذلك كان وحشا آخر، لا يرحم، وكلما تحرك دمّر كل شيء في طريقه، كانت علاقته وثيقة بالجنس وبطاقته الجبارة... قلمتْ إيمان من مخالبه الكثير، لكنه ما إن غابت حتى حضر من جديد... لم يفعل الشيء الكثير، لأنه اصطدم بجبل شامخ لا تهزه الوحوش: ملاك!
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |