النفس في الذات الانسانية / سلطة الضمير (1)

عمر قاسم أسعد
2024 / 7 / 22

اقنوم الضميرفي الذات الانسانية يمثل مجموعة من المبادئ والقواعد والأسس الأخلاقية التي تتحكم في أعمال الذات وكل ما يتعلق بأفكاره وخبراته وتجاربه، وكما يشمل الضمير الإحساس الداخلي بكل ما هو صحيح أو خاطئ في سلوك الذات واستجاباتها للمثيرات من حولها ، وهو ما يدفع الذات للقيام بالعمل الصحيح، كما أنه يشكل إحساس أخلاقي داخلي عند الإنسان . ويحدد الضمير درجة نزاهة وأمانة الإنسان، وشعوره بالسلام الداخلي . ويتشكل اقنوم الضمير لدى الذات الإنسانية من خلال العرف والقيم والعادات والتقاليد والتعاليم الدينية ، كما ويتأثر بكل ما يحيط به من خلال بيئته من جوانب سياسية واقتصادية وثقافية ، وبكل تأكيد فإن الضمير هو المقياس لدرجة نزاهة الذات من عدمها وهو بمثابة السلطة العليا في الذات من خلال العمل على تقييم ما يصدر عن الذات من فعل أو قول أو سلوك ، وبعد إجراء عملية التقييم يتم وضع ما يصدر عن الذات في خانة الخير أو الشر ، الصواب أو الخطأ ، العدل أو الظلم . ... الخ
ربما يشكل اتجاه الضمير مشاعر الحزن والألم والندم عندما يتجه سلوك الذات ــ من خلال أقانيمها ــ الى سلوك سلبي يتناقض مع القيم والعرف والعادات والتقاليد والدين . ... الخ ( منظومة القيم الأخلاقية ) وربما يشكل أيضا مشاعر الفرح والسرور والرضا إذا كانت السلوكات تتوافق مع ( منظومة القيم الأخلاقية ) . على أن اقنوم الضمير يمر بعدة حالات وليس شرطا أن يكون الضمير حاضرا في نفس لحظة القيام بأي فعل أو قول أو سلوك ، ــ وهي مسألة نسبية تتفاوت من ذات إلى أخرى حسب قرب أو بعد الذات من منظومة القيم الأخلاقية ــ
كثير من الأشخاص يمارسون سلوكات يومية تتسم بالشر والسلبية والضرر ... الخ بل تكاد ممارستهم لهذه السلوكات سمة تميزهم عن غيرهم وبالتالي تعارفوا على نمط معين لممارسة هذه السلوكات وأصبحت جزء من طريقة حياتهم ، ربما يكون اقنوم الضمير في أوج نشاطه في اللحظات الأولى لممارسة أي سلوك سلبي ، ربما يمتلك السلطة العليا ويصدر قرارا بوقف هذه التصرفات التي من شأنها الضرر بالذات والضرر بالمحيط من خلال عملية التأثر والتأثير ، ربما تستجيب باقي الاقانيم لقرار الضمير مما يؤدي لشعور الذات بالحزن والألم والندم لممارسة سلوك منافي لمنظومة القيم ، وتعود الذات لطبيعتها من خلال نبذ السلوكات السلبية واستبدالها بسلوكات ايجابية تعزز سلطة الضمير لمحاسبة الذات . ربما يقوم اقنوم الضمير بإصدار قرار نبذ للسلوكات لدى الذات ــ على الرغم من امتلاك الضمير للسلطة العليا في الذات الانسانية ــ إلا انه ليس لديه القدرة على تنفيذ قرار السلطة فهنا تكون بعض اقانيم الذات اقوى من اقنوم الضمير وترفض الانصياع لسلطة الضمير من خلال استمراريتها على ممارسة قول او فعل او سلوكات خارج إطار منظومة القيم ، وكلما مر الوقت كلما خفت سلطة الضمير لتحل محلها سلطة بعض الأقانيم .
السرقة . سلوك سلبي يرفضه المجتمع لأنه يتنافى مع منظومة القيم ، وعلى الرغم من المعرفة التامة من قبل جميع افراد المجتمع أن السرقة هي اجراء سلوك سلبي يلحق الضرر بالأخرين من خلال سلب ما هو ملك لهم بدون وجه حق ، إلا أن في المجتمع كثيرمن السارقين ( اللصوص ) فإذا كان اقنوم الضمير يمتلك السلطة العليا في الذات الانسانية إلا أنه ليس له القدرة على تنفيذ قرار هذه السلطة بمنع ممارسة سلوك السرقة لأن هناك أقنوم أو أكثر عمل على تمييع سلطة اقنوم الضمير من خلال أشغال الذات بمواضيع هامشية أخرى للتغطية على ممارسة سلوك السرقة وبالتالي ومع مرور الوقت بدأت عملية الاعتياد على سلوك السرقة تتمكن من الذات وتراجعت سلطة الضمير ألى ما وراء السلوك والذي مع مرور الوقت أصبح سمة من سمات الذات ونمط حياة تمارسه الذات بمعزل عن أقنوم الضمير الذي سيحاول في كل مرة الظهور وتشكيل مشاعر الحزن والألم والندم إلا انه لن يفلح لأن محاولاته أصبحت تسير بصورة نمطية تعودت عليها الذات بشكل تقليدي دون أدنى محاولة لوقفة جادة أمام هذا السلوك السلبي ، ولن يتم التخلص من هذا السلوك إلى من خلال سلطة المجتمع التي تمارس القانون الرادع وهو بمثابة ( الضمير ) العام للمجتمع من خلال الحكم على الذات بنوع ما من العقاب اللفظي أو الجسدي ــ حسب سلم عقوبات المنظومة الاخلاقية ) .

حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت