الصوت العربي في تشكيل إطار حقوق الإنسان مساهمات في صياغة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان

خليل إبراهيم كاظم الحمداني
2024 / 7 / 20

الصوت العربي في تشكيل إطار حقوق الإنسان
مساهمات في صياغة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وبينما كان العالم يسعى إلى إعادة تعريف جوهر الكرامة الإنسانية، ولدت وثيقة حاولت ان تضع تاريخاً جديداً وهي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. ورغم أن العالم العربي يُنظر إليه غالباً من خلال عدسة غربية، إلا أنه لعب دوراً حاسماً في تشكيل حجر الزاوية هذه في القانون الدولي لحقوق الإنسان.
المشاركة العربية: صوت من أجل التنوع
- بينما شرعت الأمم المتحدة في المهمة الطموحة المتمثلة في صياغة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، تقدمت الدول العربية إلى الأمام، حريصة على ضمان سماع وجهات نظرها. ولم تكن هذه المشاركة رمزية فحسب؛ لقد كان بيانًا قويًا للوحدة في عالم لا يزال يتصارع مع آثار الاستعمار.
- جلب المندوبون العرب معهم نسيجًا غنيًا من التقاليد الثقافية والدينية والفلسفية. وكان وجودهم على طاولة الصياغة يضمن أن الإعلان لن يكون مجرد انعكاس للمثل الغربية، بل وثيقة عالمية حقا.
المفاوضات والمناقشات: البصمة العربية
- خلال الفترة الحاسمة لصياغة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، كان الممثلون العرب مشاركين نشطين في المناقشات والمفاوضات المكثفة. وكانت مساهماتهم ذات أهمية خاصة في عدة مجالات:
‌أ) النسبية الثقافية: طالب المندوبون العرب بحماس بالاعتراف بالاختلافات الثقافية في تفسير حقوق الإنسان. وشددوا على أنه رغم كون بعض الحقوق عالمية بالفعل، إلا أن تطبيقها ينبغي أن يراعي السياقات الثقافية المتنوعة.
‌ب) الحرية الدينية: انطلاقاً من تقاليد التسامح الإسلامية، لعب المفاوضون العرب دوراً رئيسياً في صياغة المادة 18، التي تحمي حرية الفكر والضمير والدين.
‌ج) حقوق الأسرة: كان للمدخلات العربية دور فعال في التأكيد على أهمية الأسرة باعتبارها وحدة أساسية في المجتمع، وهو ما ينعكس في المادة 16 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
‌د) السيادة وتقرير المصير: في أعقاب إنهاء الاستعمار، دعا الممثلون العرب بقوة إلى إدراج مبادئ تحمي السيادة الوطنية والحق في تقرير المصير.
‌ه) حرية الدين: كانت هناك نقاشات مكثفة حول صياغة المادة المتعلقة بحرية الدين، مع مساهمات مهمة من الدول العربية.
‌و) حقوق المرأة: شاركت الدول العربية في النقاشات حول المساواة بين الجنسين وحقوق المرأة.
‌ز) الحق في التعليم: كان للدول العربية دور في التأكيد على أهمية الحق في التعليم.
أثر المساهمات العربية
- وكان تأثير وجهات النظر العربية على الوثيقة النهائية عميقا. وساعدت مساهماتهم في إنشاء إعلان كان عالميًا حقًا في نظرته، حيث كان يربط بين الفلسفات الشرقية والغربية. إن تركيز الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، إلى جانب الحقوق المدنية والسياسية، يدين بالكثير لإصرار المندوبين العرب وغيرهم من المندوبين غير الغربيين.
- علاوة على ذلك، ساعدت المساهمات العربية في تحدي فكرة أن حقوق الإنسان هي مفهوم غربي بحت. لقد أثبتوا أن الرغبة في الكرامة والحرية والعدالة تتجاوز الحدود الجغرافية والثقافية.
1. مشاركة الدول العربية:
شاركت مصر ولبنان وسوريا والعراق والسعودية بفعالية في المناقشات والتصويت على الإعلان كأعضاء في الأمم المتحدة آنذاك.
1. العراق:
- كان العراق عضوًا نشطًا في المناقشات التي أدت إلى صياغة الإعلان.
- شارك ممثلو العراق بفعالية في جلسات لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة.
- قدم العراق مقترحات ومداخلات حول مواد مختلفة في الإعلان، خاصة فيما يتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية. حيث قدم مداخلات مهمة حول الحق في العمل والضمان الاجتماعي.
- دافع عن أهمية المساواة وعدم التمييز. زساهم في النقاشات حول حقوق المرأة والأسرة.
- صوت العراق لصالح اعتماد الإعلان في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
2. السعودية:
- كانت المملكة العربية السعودية حاضرة بقوة في المناقشات.
- قدمت السعودية وجهة نظر مهمة فيما يتعلق بالتوفيق بين المبادئ العالمية لحقوق الإنسان والقيم الإسلامية.
- أثارت السعودية نقاطًا مهمة حول قضايا مثل حرية تغيير الدين والزواج بين الأديان.
- امتنعت السعودية عن التصويت، مع تحفظات على بعض المواد، خاصة تلك المتعلقة بحرية تغيير الدين.
3. مصر:
- كان لمصر دور بارز في المناقشات، بقيادة محمود عزمي باشا.
- قدمت مصر مقترحات حول الحق في التعليم والثقافة.
- دافعت عن أهمية تضمين الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في الإعلان.
- ساهمت في صياغة المادة 18 المتعلقة بحرية الفكر والضمير والدين.
- صوتت مصر لصالح اعتماد الإعلان في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
-
4. لبنان:
- كان للدكتور شارل مالك دور محوري في اللجنة الصياغية.
- ساهم مالك بشكل كبير في صياغة ديباجة الإعلان.
5. سوريا:
- شاركت سوريا بنشاط في المناقشات، خاصة حول قضايا الاستعمار وحق تقرير المصير.
- قدمت مقترحات لتعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
6. مواقف مشتركة:
- عمل كل من مصر والعراق والسعودية مع دول عربية وإسلامية أخرى لتقديم وجهة نظر متماسكة حول بعض القضايا.
- ساهموا في النقاشات حول صياغة المواد المتعلقة بالأسرة والزواج وحرية الدين.
2. مساهمات الأفراد العرب:
- الدكتور شارل مالك (لبنان): لعب دورًا محوريًا في صياغة الإعلان كعضو في لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة. ساهم بشكل كبير في صياغة المواد المتعلقة بحرية الفكر والضمير والدين. - دافع عن أهمية الحريات الفردية وحقوق الأقليات. وكان مؤثراً في صياغة المواد المتعلقة بالحق في الحياة والحرية والأمان الشخصي.
- عمر لطفي (مصر): شارك في المناقشات حول حقوق الإنسان كممثل لمصر في الأمم المتحدة.
- كان للمندوب السعودي جميل بارودي دور بارز في النقاشات، حيث قدم عدة مداخلات ومقترحات.
3. التأثير الفكري:
- ساهمت الأفكار العربية والإسلامية في تشكيل بعض مفاهيم حقوق الإنسان العالمية، خاصة فيما يتعلق بالكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية.
4. التحديات والخلافات:
- كانت هناك بعض الخلافات بين الدول العربية حول بعض القضايا، خاصة فيما يتعلق بالتوازن بين القيم العالمية والخصوصيات الثقافية.
- برزت تحديات في التوفيق بين بعض مواد الإعلان والتفسيرات التقليدية للشريعة الإسلامية.
5. إرث الإدماج
- إن مشاركة الدول العربية في صياغة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هي بمثابة تذكير قوي بأهمية الأصوات المتنوعة في تشكيل المعايير العالمية. وهو يؤكد حقيقة أن حقوق الإنسان ليست حكرا على أي ثقافة أو حضارة بعينها، بل إنها طموح مشترك للبشرية جمعاء.
- وبينما نفكر في هذا التعاون التاريخي، نتذكر الحاجة المستمرة إلى حوار شامل في مواجهة التحديات العالمية. تظل روح التعاون التي اتسمت بها صياغة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بمثابة منارة أمل في عالمنا الذي يزداد ترابطًا.
إنها شهادة على ما يمكن تحقيقه عندما تجتمع الأصوات المتنوعة سعياً لتحقيق هدف مشترك - كرامة وقيمة كل إنسان

ـــــــــــــــــــــــــ
( استفادت هذه الورقة من كتاب (The Universal Declaration of Human Rights : origins, drafting, and intent
By Morsink, Johannes - Philadelphia : University of Pennsylvania Press1999

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي