لماذا قضية فلسطين قضية وطنية؟

شفيق العبودي
2024 / 7 / 15

كثيرون يرفعون هذا الشعار "قضية فلسطين قضية وطنية" لكن الغالبية العظمى لا تعرف معناه ولا خلفيته ولا ما يتطلبه من مهام آنية ومستقبلية، إذن دعنا نوضح ذلك باختصار شديد.
يعود رفع هذا الشعار وتبنيه إلى المؤتمر الثالث عشر للإتحاد الوطني لطلبة المغرب (أوطم) المنعقد خلال غشت 1969م، وذلك دعما للثورة الفلسطينية المسلحة عسكريا وسياسيا، وربط نضال الشعب الفلسطيني بنضال الشعب المغربي في إستراتيجية الثورة العربية. يأتي ذلك انطلاقا من النسبة الكبيرة للرأسمال الصهيوني المستثمر داخل المغرب وتحكمه في اقتصاده، وبالتالي هناك وحدة العدو لكل من الشعبين المغربي والفلسطيني أي الثالوث الإمبريالي الصهيوني الرجعي، إضافة إلى الدور الريادي للنظام السياسي بالمغرب في جل الاتفاقيات الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية بدءا من القمة العربية المنعقدة 1965م.
لكن ما حدث هو أن النظام السياسي بالمغرب نفسه ومعه التنظيمات الرجعية صاروا يرفعون هذا الشعار في خلط صارخ للأوراق. لذلك لابد من التوضيح كون استحضار هذا الشعار يجب أن نستحضر معه دعم الثورة الفلسطينية المسلحة عسكريا وسياسيا وربط نضال الشعب الفلسطيني بنضال الشعب المغربي في إستراتيجية الثورة العربية الحدث التاريخي/المؤتمر الذي سيقوم لأول مرة بصياغة مبادئ منظمة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب (أوطم) التي ستحكم مسار الحركة الطلابية وهي التقدمية والجماهيرية والاستقلالية والديمقراطية، كما تقدم المؤتمر بتحليل للأوضاع أنذاك التي لا تختلف في جوهرها عن ما هي عليه الآن وإن إختلفت في شكلها، إذ اعتبر أن الأزمة التي تعيشها البلاد هي نتيجة للتوجه اللاشعبي للنظام محددا تجليات هذه الأزمة سياسيا بالقمع المسلط على الجماهير الشعبية، اقتصاديا بالتبعية للامبريالية، واجتماعيا بتفاقم البطالة وتدهور الحالة الاجتماعية للطبقات الكادحة، كما وضع المؤتمر برنامجا نضاليا من أجل بناء "حكم وطني ديمقراطي شعبي" وقد تحدد أساسا في ثلاث نقاط:
1-النضال من أجل الديمقراطية والحريات العامة كحق الإضراب والتظاهر وحرية التعبير.
2-النضال من أجل الدفاع عن المصالح
الاجتماعية والمهنية للطبقات الكادحة
3-دعم الثورة الفلسطينية المسلحة عسكريا وسياسيا وربط نضال الشعب الفلسطيني بنضال الشعب المغربي في إستراتيجية الثورة العربية.
إذن عدم استحضار هذه المرجعية التاريخية في حقل الصراع الآن معناه تحويل القضية الفلسطينية إلى قضية إنسانية كما تسعى الامبريالية إلى ذلك بتسويقها باعتبارها مجرد قضية لاجئين ليس إلا، أو حتى دينية في أحسن الأحوال مرتبطة بالمقدسات الدينية فقط يكمن إيجاد حل لها، رغم أن المقاومة حاليا تقودها القوى الإسلامية بشتى مذاهبها في تحالف مع القوى التقدمية لكن ما يجمعهم جميعا مرحليا هو العداء للإمبريالية والسعي لتحقيق الاستقلال والسيادة على الأرض، لذلك فعندما نقول بأن قضية فلسطين قضية وطنية فإننا نعني بذلك أننا في مرحلة التحرر الوطني الذي لا يجب أن ينفصل عن معركة الصراع الطبقي على اعتبار أن الكيان الصهيوني ذو طبيعة وظيفية في يد الامبريالية العالمية وهو ما اتضح بشكل جلي خلال معركة "طوفان الأقصى" عندما انبرت كل القوى الامبريالية بالدعم العسكري والمساندة السياسية والإعلامية له وحتى مشاركته في المجازر والإبادة الجامعية التي يقوم بها ضد الشعب الفلسطيني، ناهيك عن ذلك يعتبر الكيان كقاعدة عسكرية بمنطقة الشرق الأوسط
يسمح للإمبريالية بالتحكم والسيطرة على المنطقة ومقدراتها الطبيعية وكذلك الهيمنة على الطرق التجارية التي تسهل سرقة الثروات المحلية والاستفراد بالأسواق وبالتالي يعد أكبر معرقل لتقرير مصير شعوب المنطقة، لذلك فإن معركة التحرر الوطني المنسجمة مع شعار "قضية فلسطين قضية طبقية" يجب أن ينخرط فيها كل التقدميين والوطنيين وذلك بالنضال أولا ضد الديكتاتورية والاستغلال وسرقة الثروات ومن أجل إقرار الديمقراطية والسيادة الوطنية على الثروة وتوزيعها العادل، مما يعني أنه لا يمكن أن تكون المرء مناصرا للقضية الفلسطينية ويرفع شعار القضية الوطنية وهو يدعم أو يصمت عن الاستبداد والديكتاتورية ونهب الثروات ببلده.
14 يوليوز 2024

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي