|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
أحمد فاروق عباس
2024 / 7 / 15
تعرض امس الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب لمحاولة اغتيال ...
والسؤال هو : لماذا يتعرض ترامب للاغتيال اصلا ؟!
أليس في امريكا ديمقراطية ؟!
أليس هناك رئيس جديد كل اربع سنوات ، فلماذا يتعرض الرئيس للقتل من اساسه ، والرئيس ليس مخلدا في السلطة ؟!
ولماذا يتعرض للاغتيال والشعب هو من يختار ــ أو هكذا هو المفروض ــ رئيسه ولا يفرض عليه ...
واذا كان الامر تمثيلية كما يقول البعض ... فلماذا يلجأون الي هذه الاساليب ، وفي مجتمع سياسي يفترض انه مجتمع مفتوح ؟!
والسؤال الثاني :
لماذا يتم قتل القاتل في كل محاولات اغتيال؟!
حدث ذلك مع جون كيندي ذات يوم منذ ٦١ سنة، وحدث ذلك يوم امس مع دونالد ترامب ...
اي انه مطلوب اخفاء الحقيقة في كل محاولات اغتيال الرؤساء ، فيتم قتل القاتل في كل مرة لكي يموت سره معه ...
يقتضي ذلك القاء نظرة سريعة علي من يحكم امريكا في الحقيقة وفي الواقع ...
طبقة الرأسماليين ــ بأجنحتها المختلفة كشركات البترول وشركات السلاح والجناح المالي من الراسمالية الأمريكية ــ هي من تحكم امريكا في الحقيقة ...
هي من تملك السلطة ، وهي من تضع في قبضتها جهاز الدولة الأمريكية، وهي من تملك الإعلام والتعليم ، وهي من تملك القوات المسلحة الأمريكية وتحدد لها وظيفتها كحارس للرأسمالية الأمريكية في الداخل والخارج ...
وهي من تشتري السياسيين وتنفق علي حملاتهم السياسية ــ سواء مرشحي الكونجرس او حكام الولايات او مرشحي الرئاسة ــ وبملكيتها وتحكمها في وسائل الاعلام فبيدها تقديم هذا المرشح وتأخير ذاك ، وتلميع هذا السياسي واطفاء ذاك ...
اي باختصار هي من تضع رجالها في المكان الذي تريده ، وهي بعد ذلك لا تتركهم وشأنهم ، فتضع حولهم مئات من رجالها في المناصب الرئيسية في كل ادارة ، ومع ذلك لا تكتفي بكل ذلك، فتمسك عليهم بعض الزلات او نقاط الضعف التي تستخدم ضد الرؤساء اذا حادوا عن الطريق المرسوم ، مثلما حدث مع بيل كلينتون مثلا ...
او اطلاق الصحافة والتلفزيون ضده مثلما حدث مع ريتشارد نيكسون ، او تزوير الانتخابات مثلما حدث في انتخابات جورج بوش الابن وأل جور عام ٢٠٠٠، وانتخابات ترامب وبايدن عام ٢٠٢٠.
واذا فشل كل ذلك فيتم اللجوء ــ ببساطة ــ الي قتل الرئيس، او ــ علي الأقل ــ محاولة اغتياله ، لإيصال رسائل معينة مثلما حدث مع ريجان في الثمانينات ، ومثلما حدث مع ترامب أمس ...
وبالنسبة للاغتيالات والقتل فقد حدث ذلك اكثر من مرة في التاريخ الأمريكي ، فأندرو جاكسون وابراهام لنكولن كلاهما وقف أمام اصحاب النفوذ من العائلات الرأسمالية القوية ، وقد تعرض جاكسون لعدة محاولات اغتيال ونجا منها ، في حين تمكنوا من قتل واغتيال الرئيس ابراهام لينكولن ، واتهم في قتله من قيل انه رجل مجنون !!
وهو الرجل المجنون التقليدي الذي يظهر دائماً في مثل هذه الحالات ليقتل الرؤساء المطلوب اختفاءهم ...
وتم قتل جون كيندي عام ١٩٦٣ اثناء موكبه في مدينة دالاس، ولم يعرف ــ يقينا وحتي اليوم ــ من قتل الرئيس الامريكي ولأي سبب .. والأغرب انه تم قتل والتخلص من قاتله ثم التخلص من الشاهد الوحيد !!
وقيل ان المافيا قتلته ، وقيل ان المخابرات المركزية الأمريكية هي من قتلته ، وقيل ان اسرائيل هي من قتلته ، وقيل ان بعض اجنحة طبقة رأس المال الأمريكي هي من قتلته ، فقد اصدر كيندي مرسوما عام ١٩٦٣ يسمح بإصدار الاوراق النقدية يتجاوز نظام الاحتياطي الفيدرالي ...
والاحتياطي الفيدرالي هو مجموعة بنوك خاصة ــ عددها ١٢ ولكن اقواها واكثرها نفوذا بنك نيويورك ــ يسيطر عليها كبار الرأسماليين في امريكا ، ويتحكمون في اصدار النقود في عموم الدولة الأمريكية وفي العالم ...
ولم تشأ السلطة في امريكا ان ترشد او تشير الي قاتله ، وتركت كل التهم معلقة ...
اي تفرق دم كيندي بين القبائل ... ولعل ذلك كان هو المطلوب ...
وتم اغتيال اخيه روبرت كيندي المرشح المتوقع فوزه في انتخابات ١٩٦٨، وقتل ايضا ــ كالعادة ــ قاتله !!
ان احوال وترتيبات السلطة في الولايات المتحدة تقتضي نظرة اعمق عما يتم تداوله في الخطاب الرائج والدعائي ، والذي يتحدث عن الديموقراطية وحقوق الانسان وتداول السلطة ... الي اخره ...
يستلزم الامر فهم حقيقة من يحكم امريكا، والاجنحة المتصارعة داخل الرأسمالية الأمريكية ذاتها ، وفهم طبيعة علاقتها بجهاز الدولة ، لأنه اذا قدر للقوة الأمريكية ان تتراجع وللجبروت الامريكي ان ينزوي فسوف يكون بدايته ونهايته من هذه النقطة بالذات .. اي نقطة ترتيبات وأحوال السلطة في امريكا وليس في غيرها ...
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |