|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
محمد رضا عباس
2024 / 7 / 15
قبل أيام استمعت الى خطبة رجل دين سعودي , لم أتذكر اسمه , وهو ينصح أبو عبيده , الناطق باسم المقاومة في غزة , بان يحارب بالسنة النبوية و ينذره من التعاون مع حزب الله في لبنان وانصار الله في اليمن , وهذا من حقه , بعد ان اختلط هذه الأيام الدين بالسياسة , وتحول رجل الدين الى موظف حكومي , ولهذا السبب نرى ان رجل الدين اصبح لا يتبع القران والسنة النبوية وانما ما يملى عليه الحاكم . على سبيل المثال , خرج بعد أسابيع من عملية " طوفان الأقصى" عدد من رجال الدين من الامارات العربية ينصحون المؤمنين بعدم دعم المقاومة في غزة , السبب هو ان هناك "شقين سياسي وديني " يمنعان من دعم المقاومة في الغزة . السياسي هو ترك امر فلسطين لذو الامر , والديني هو أيضا ترك الامر الى ولاة الامر . اكو مثل عند العراقيين يقول " تريد غزال خذ ارنب .. اتريد ارنب خذ ارنب", أي الموجود هو واحد وليس لك الخيار غيره . الغريب ان كلمة " الشقين " ترددت على افواه هؤلاء رجال الدين ليس بوقت واحد . أي عندما طرحوا كلمة " شقين" لم يطرحوها في مناسبة وهم مجتمعون وانما اطلق كل واحد منهم هذه العبارة " شقين" في مناسبات منفرد , مما يدعونا الى الشك الى ان هؤلاء الشيوخ قد وصلتهم التعليمات من السماء او من الأرض , من المؤسسة الدينية او الأمنية بان يقولوا كما تقول التعليمات . والغريب أيضا , ان هؤلاء الرجال من الجهل والغباء انه لم يستطع واحدا منهم تغيير او لي التعليمات حتى تعطي للمستمع بان هذا الراي هو راي شخصي و ليس صادر من جهة عليا , الجميع تحدثوا بلغة واحدة بدون تغيير او حذف في التعليمات. انهم موالون لأولياء نعمتهم . اما الدين فهو على جانب , يستخدم متى ما طلب الامر منهم, تماما مثلما تبرع خمسون رجل دين من السعودية بأطلاق فتوى تجيز قتل الأبرياء في العراق باسم محاربة المحتل وحماية الدين واهل السنة والجماعة. هؤلاء الخمسون لم نسمع لهم صوت واحد للدفاع عن القضية الفلسطينية , خاصة وان احتلال فلسطين يراد منه احتلال الأرض والسماء وان هذا الاحتلال قائم منذ اكثر من 75 سنة.
رجوعا الى صاحبنا رجل الدين السعودي , حيث قلت انه من حقه رفض تعاون المقاومة في فلسطين مع حزب الله او انصار الله الحوثيين لان الرجل موظف حكومي ويجب اتباع تعليمات حكومته والا تقطع رقبته . ولكن هذا الرجل اعطى مبرر يختلف تماما من مبررات رجال الدين الاماراتيين . هذا الرجل برر حرمت تعاون المقاومة في فلسطين مع الحوثيين وحزب الله اللبناني , لان الإسلام " أجاز نكاح نساءهم (اليهود) واكل لحومهم , فيما حرم الإسلام زواج نساء (الشيعة) واكل ذبائحهم ". الكلمتين بين الهلالين هو مني , ولكن هذا هو مضمون رسالة الشيخ السعودي الى المقاومة الفلسطينية . حرم عليهم التعاون مع حزب الله وحزب انصار الله لأنه من الحرام نكاح نسائهم واكل ذبائحهم , ومن الأفضل اتباع السنة والسلف الصالح وان رسول الله قد تصالح مع اليهود , فلماذا القتل والدمار خاصة وان إسرائيل " الدولة القوية المدعومة من قبل دول عظمى" حسب ما قاله رجل دين سعودي او اماراتي اخر.
أقول ان تغافل السلطات السعودية عن هذه الفتوى تشكل خطرا على نظامها السياسي , وقد تجر البلاد الى حرب أهلية طاحنة عاجلا او اجلا . ربما لا نكترث كثيرا لو خرجت هذه الفتوى , على قلة ادبها وخرقها للقواعد الإنسانية , من بلد يخلوا من مكون شيعي , وان سكانه 100% من أبناء السنة والجماعة , ولكن هناك ما يقارب 5 مليون (14% من مجموع نفوس المملكة )انسان من المكون الشيعي يعيشون في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية وتحت اقدامهم اكبر خزين نفطي في العالم . هؤلاء الناس من حقهم ان يحتجوا وان ينفعلوا و ينظروا الى النظام السعودي على انه نظام لا يتعامل معهم على قدم المساوات بالحقوق والواجبات في بلدهم . نحن لا نتحدث عن مجموعة سكانية غريبة عن ارض الجزيرة , انهم هم اهل الجزيرة وانهم الوطنيون في السعودية . انهم ليس من الغرباء , وكل ما يفرقهم من المنطقة الغربية هو انهم من الشيعة و الغربية من السنة , وان تشيعهم لم يكن حديثا استورد من ايران , وانما هم الذين صدروا تشيعهم الى ايران وبقية دول العالم . البحرين كانت مركزا للتشيع في الخليج منذ زمن بعيد والتي كانت المنطقة الشرقية جزءا منها.
ان الانتهاكات المتكررة بحق شيعة المملكة ومن رجال دين محسوبين على النظام , تخلق فجوة بين الحاكم والمحكوم ,الى درجة تصل ان يطالب الشيعة في هذا البلد بحق تقرير المصير ورفض الحكم المسلط عليهم , خاصة وان هذه الفتوى لم تخرج من رجل دين يوعظ على اليوتيوب , وانما من رجل محسوب على النظام . تذكر , ان صدام حسين سقط بدبابتين امريكيتين والسبب لان هذا الرجل خلق انقسام في المجتمع العراقي , وفي الأخير تركوا قائدهم وحده . ولكن اسقاطه لم يكن رخيصا او بدون كلفة (دخول العراق في حرب أهلية ), أتمنى على السعودية ان لا تمر بما مر به العراق بعد سقوط صدام. لقد خرجت مجاميع مسلحة تقتل الواحدة الأخرى باسم المذهب , والنتيجة قتل ما لا يقل عن نصف مليون عراقي , تهجير اكثر من خمسة ملايين , ارامل اكثر من مليونين , ايتام اكثر من خمسة ملايين , وخراب مدن بكاملها . الله يحمي السعودية , ولكن السكوت عن خروقات رجال الدين ضد المكون الشيعي وفي بلادهم لا يؤدي الى الوحدة الوطنية , وان الله سوف لن يقف على الحياد اذا وقعت الواقعة.
السعودية ليس بدون أعداء, وان انحراف بعض رجال الدين عندها عن جادة الطريق يدخلها في مطبات تماما مثل ما جرى في العراق . العالم مع القوي , واذا ظهر ضعف في القيادة السعودية سيميل العالم الى الجهة الأخرى . من الاجدر بالسعودية , خاصة وان من يقودها شاب يصر على التحديث , يتطلب منه وقف هذه المهزلة وان ينظر الى جميع أبناء البلد بنظرة متساوية حتى يجنب البلد كارثة الانهيار. هذا النوع من رجال الدين عبارة عن تجار اغبياء , واذا وقعت الواقعة كل ما سيعملونه يأخذون عدتهم و يذهبوا الى بلد اخر ليبثوا سمومهم فيها, ولكن بعد خراب البصرة , حسب المثل العراقي .
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |