|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
فوز حمزة
2024 / 7 / 12
أسندّتُ جبيني على الباب بعد توديعي للضيوف، الذين شاركوني في إحياء الذكرى الأولى لوفاة زوجي.
أسرعت الخطى صوب غرفة النوم، التي خدش صرير بابها السكون، ارتميت على السرير كأني سقطت من قمة جبل شاهق فاردةً ذراعيّ على فراشٍ واسع وبارد أكثر مما ينبغي.
أغمضت عينيّ كمحاولة للهرب من أفكاري، فوجدتني أفتش رغمًا عني في ذكرياتي عن شريك رحل به الموت بعد خمس سنوات من الزواج ليتركني أحمل لقب أرملة ولم أنهِ عقدي الثالث.
تركني أترقب الحياة من خلال النوافذ الباردة بينما الوقت يدور في فراغ لا نهاية له.
حدقتُ في سقف الغرفة لأجد ثمة أسئلة تتدلى من العتمة: هل ليّ الحق في التمتع ما تبقى لي من عمري؟!.
هل أستطيع مد يدي في جيب الزمن وأبحث عن بقايا سعادة، أم أنني سَأُفاجأ بالثقوب وقد سربتْ الباقي لتعود يدايَ خائبة؟!.
هل أمتلك الحرية في اختيارعنوان لحياتي القادمة، أم فقدت تلك الرفاهية برحيله؟.
وأنا أدير رأسي نحو اليمين، وقع بصري على خزانة ملابسي الممتلئة بالثياب السوداء.
يبدو أن الحياة تملك لنا من الخطط البديلة أكثر مما بقدرتنا على تخيله.
مرآة الدولاب عكست صورة جسمي البض، لكن روحي كزهرة نسرين بعد رحيل الربيع عنها.
أشياء لزوجي ما زلت محتفظة بها، قارورة عطره، هاتفه النقال، ولاعته الفضية، وبضعة كتب لم يمنحه الموت وقتًا لقراءتها، وأشياء أخرى غطاها الظلام.
ثمة سؤال تدلى مع الشرائط السوداء، التي احتضنتْ صورة زوجي: هل حقًا ستبقى حياتي معلقة بتلك الشرائط؟.
معها أبدو كبندول فقد القدرة على الحركة لأن ساعته تعطلت.
شعرت بالخوف يحرك حواسي وجنوده تحاصرني لتمنع أي منفذ للضوء يخترقني.
بدأت أبصر الخطر منذ تحولي لامرأة لا همَّ لها سوى الدفاع عن ذاتها. أقدامها تخاف الطريق وعيونها تخشى النظر أبعد من تلك الأقدام.
خطف الموت زوجي، لكني ما زلت حية .. ما زلت حية!.
نهضتُ أفتح النافذة، التي أعلنت قدوم الفجر. تطلعت نحو الأفق ..
ثقل الأفكار في رأسي لم يمنحني سوى الصمت وسؤال يقف حائرًا على شفتيّ:
هل يحق للموتى التحكم بمصائر الأحياء؟!.
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |