|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
التيتي الحبيب
2024 / 7 / 11
يقول المثل من اجل المشاكل الكبرى تستعمل الوسائل الكبرى. وهذا ما ينطبق على الحالة في السودان الذي عرف احد أهم نماذج الثورة الشعبية منذ دجنبر 2019 هذه الثورة التي تميزت عن باقي ما عرفته تجربة الشعب التونسي والمصري واليمني خلال العقدين الأخيرين. كانت الثورة السودانية مختلفة في الأهداف وفي الأساليب وفي القيادة السياسية لها. فإذا كانت السيرورات الثورية في باقي البلدان العربية والمغاربية تجري بمشاركة قوى الإسلام السياسي وخاصة فصائل الإخوان المسلمين فان الثورة السودانية كانت باستقلال بل ضد الإسلام السياسي وخاصة تيار الإخوان المسلمين الذين حكموا وتمكنوا من الدولة في السودان وتجدروا في دواليبها ومنها المؤسسة العسكرية.
منذ البداية تضح الطابع التقدمي للثورة السودانية وتشكلت قيادة ميدانية وسياسية كان عمودها الفقري الطبقة العاملة ومختلف الشرائح الاجتماعية الكادحة والمتوسطة ضحية نير نظام متسلط سخر خيرات السودان لمجموعة من اللصوص المحليين وأسيادهم الرجعيين في الخليج أو الامبرياليين. تمزق السودان وتولى أمراء الحرب مهمة اقتطاع أجزاء شاسعة من الأراضي الغنية ونهبوا ثرواتها الفلاحية والحيوانية والمعدنية.
اندلعت الثورة السودانية واستطاعت ان ترفع شعارا جديدا لم تسمع به شعوب السيرورات الثورية في المنطقة وهو المتمثل في إسقاط النظام وتفكيك النظام وتصفية النظام عوض الاكتفاء بإسقاط رأس النظام كما حدث في تونس ومصر. تأكدت الطبقات السائدة والأنظمة الرجعية المساندة لها بان الثورة السودانية ثورة طبقية شعبية نوعية ويمكنها ان تتحول إلى نموذج تحتديه الثورات الشعبية المقبلة كما حدث في التاريخ مع الثورة الاشتراكية في روسيا وفي الصين وغيرها من البلدان حيث تولى الشيوعيون قيادة الثورة والتغيير. ومن اجل مواجهة هذا المد الثوري المتجدد استعملت الطبقات السائدة طريقة جديدة وهي التضحية برأس النظام ولكن إدراج المؤسسة العسكرية في عملية انقلابية عبر مراحل يظهر معها وكأن الثورة تحقق شعار تفكيك وتصفية النظام. لكن المناورة فشلت في الجوهر رغم أنها انطلت على جزء من قيادة قوى الحرية والتغيير. وحده الحزب الشيوعي حافظ على التوجه والوضوح في أهداف التغيير الثوري. وبفعل تصاعد النضال الثوري للشعب السوداني تعرت المؤسسة العسكرية كجهاز للنظام السابق وآلة عسكرية في يد حزب الإخوان المسلمين.
لم تستطع الثورة السودانية أن تعالج مسالة المؤسسة العسكرية ولذلك بقيت هذه المؤسسة بشقيها الجيش والتدخل السريع في مواجهة الثورة السودانية. هكذا يتضح ومن خلال التجربة السودانية بأنه كلما بقيت المؤسسة العسكرية موحدة ولم يخترقها الصراع الطبقي ولم تتعرض للفرز الثوري فان الثورة تدخل الى عنق الزجاجة مما يهددها وقد يتسبب في انتكاسة طويلة الأمد على الثورة ويعزل القوى الثورية ويعرض جماهير الشهب للإحباط واليأس وهذا ما نجحت فيه لحد الساعة القوى الرجعية في السودان وحلفاؤها الرجعيون بالمنطقة وعبر العالم.
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |