|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
اسماعيل شاكر الرفاعي
2024 / 7 / 11
التكنولوجيا والمدينة البرجوازية
- [ ] 1 )
- [x] ما بدأت البرجوازية تحققه للدولة من ضرائب على استثماراتها المتنامية في قطاع الصناعة قد : دفع الحكومات والبرلمانات إلى إصدار التشريعات التي تمنح النشاط البرجوازي حرية تتعمق بشكل مستمر : وقد أدّت هذه الحركة إلى تضاؤل واضمحلال وبالتالي : انقراض الفئات الاجتماعية التي كانت مرفهة في ظل حكم الدول الزراعية ( التي هي في الغالب دينية ) …
- [x] 2 )
- [x] نقلت الثورة الصناعية مركز القوة من قلاع الفرسان الريفية إلى معامل الصناعة التحويلية في المدن ، وبدأت الصناعة تملأ خزائن الدولة بأموال طائلة : أضعاف ما كانت تحصل عليه من ضريبة الأرض الزراعية . وقد وجدت هذه الأموال طريقها إلى بناء مدينة برجوازية : رُسمت تصاميمها لتلبي حاجة البرجوازية الى سهولة انسياب حاجاتها الأساسية من مواد خام وقوة عمل ، وان تمنح قوى الأمن إمكانية السيطرة السريعة على المظاهرات والاحتجاجات العمالية ( بعد ان أصبحت الدولة بقوانينها ومؤسساتها ؛ دولة البرجوازية ) …
- [ ] 3 )
- [ ] لقد فرضت البرجوازية عبر برامج أحزابها القوانين والتشريعات الخاصة بهيكل المدينة البرجوازية العام لتحقيق السرعة والنظام : سرعة وصول المواد الأولية ، وسهولة انتقال العمال إلى المعامل الإنتاجية ، وبالمثل تحقيق سرعة انتقال البضائع من معاملها إلى الأسواق الداخلية والى الموانيء والمطارات في طريقها إلى الأسواق الخارجية . وهكذا ولدت المدينة البرجوازية . بشوارعها العريضة ، وساحاتها وأسواقها ، وجامعاتها : بطراز معماري تخلت فيه عن ضخامة معمار عصر الباروك ، مبتعدة - في قوانين الحركة التي وصعتها لتنظيم الحركة العامة - عن تقاليد مكان الريف الزراعي العشوائية . لقد تضافرت ثورات التكنولوجيا : ثورة الاتصالات اللاسلكية مع ثورة الكهرباء مع ثورة المحركات البخارية في ايجاد مكان يصعب التعرف فيه على تقاليد وعادات العالم الزراعي الخالية من النظام والتنظيم . ان المكان المديني الجديد : هو نتاج خالص للتخطيط العلمي ، واداة تنفيذه الأولى : التكنولوجيا ، وهذه سيرورة متواصلة في التاريخ : كل حضارة تصنع مكانها الخاص برموزه الجديدة : وحضارة التصنيع صنعت مكانها الجديد المزدان برموزه الجديدة : المعامل بدخانها الذي يصل عنان السماء ، وباسواقها ، وبمحطات القطارات ، وبالمباني البارزة لمكاتب البريد والمدارس والجامعات ، ومبانٍ بارزة لشرطة الدولة وقضائها ومحاكمها …
- [ ] 4)
- [ ] بهذا المعنى يصح القول بان تصنيع التكنولوجيا المناسبة لحل التحديات كانت في القلب من حركة بناء حضارة جديدة ، فمنذ ان نجحت المحركات البخارية في التخلص من المياه الجوفية ، وسهلت من عملية التعدين واستخراج الفحم الحجري : أصبحت التكنولوجيا اداة التغيير الاساسية : إذ بدونها وبدون الثورتين العلمية والصناعية لن تتمكن البشرية من تحقيق هذه النقلة العظيمة في مستوى معيشتها . ان ارتفاع مستوى معيشة الناس جاء مترابطاً مع ولادة تكنولوجيا من نوع خاص : هي بالضبط التكنولوجيا : التي تستجيب للتحديات الطبيعية والاجتماعية ، فالثورة الصناعية لم يصنعها العقل التآمري المسيحي على الإسلام والعرب ، إنما صنعتها حاجة شعوب اوربا إلى ايجاد الحلول للمشاكل والتحديات التي تواجهها ، وقد بدأت الثورات الصناعية في البلدان التي باشرت تحديث وتنمية مجتمعاتها - كما يشير إلى ذلك تاريخ التحديث والتنمية - بإبداع تكنولوجيا للتحديات المباشرة التي تواجهها : ففي بريطانيا بدأت الثورة الصناعية باختراع المحركات البخارية لامتصاص المياه الجوفية ورفع كفاءة التعدين في بريطانيا ، ثم تطور استعمال المحركات البخارية إلى ايجاد ثورة المواصلات باستعمال المحركات البخارية في القطارات والسكك الحديد حتى استعمال المحركات ذاتية الاحتراق باسناد مباشر من ثورةً الكهرباء مما جعل من الثورة الصناعية ، حقيقة واقعة : اذ ان الثورة الصناعية تصبح هي الحقيقة الاجتماعية والسياسية والعلمية الأولى التي تشغل بال قادة المجتمع : حين تتوالد ثورات تكنولوجية متعاقبة …
- [ ] 5 )
- [ ] والعراق بحاجة إلى اختراع تكنولوجيا خاصة بايقاف التصحر وعواصف الرمال ( وقد كتبت ذلك قبل 10 سنوات في مقال تحت عنوان : تكنولوجيا الرمال . ) ، وإذا ما نجح العراقيون في ايجاد هذه التكنولوجيا ، فإنها ستكون " القاعدة التكنولوجية " التي ستنطلق منها : الثورة الصناعية العراقية - ولكن العراق لا يتمكن من تحويل افكار موهوبيه من العلماء والمخترعين ونظرياتهم العلمية إلى تكنولوجيا : الّا عن طريق تصنيعها ، والحال ان حكومات العراق الإسلامية لا تجرؤ على اعادة تشغيل مئات المعامل المعطلة منذ 2003 ، فكيف يتمكن من وضع قاعدة تكنولوجية لمشكلة تحدي التصحر - وهًو تحدي وجودي - تكون قاعدة انطلاق الثورة الصناعية في العراق ؟
- [ ] وهذه واحدة من نقاط الضعف التي قللت من هيبة التيارات الإسلامية الحاكمة ، وأطاحت بقوتهم الناعمة : وأفقدتهم تأثيرهم الآنيّ والمستقبلي على الوعي الجماعي للناس الذي بدأ - ولكن ليس بسرعة كافية : يجد مستقبله ليس مع الإسلاميين العاجزين عن عن فعل أي شيء يذكر يمت بصلة للتكنولوجيا والعلم والحياة …
- [ ] يتبع
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |