النفس في الذات الانسانية / الذات والاستجابة للمثيرات (2)

عمر قاسم أسعد
2024 / 7 / 10

ما زالت الذات تنظر إلى المثيرات وتستقبلها بشكل منفصل ــ حسب المثير ــ لتكوين إستجابة منفصلة ، كما في حالة مثيرات الجوع والعطش والغرائز ، حيث الاستجابة من قبل أقنوم الجسد كونها مثيرات فسيولوجية ، وعلى الذات أن تدرب نفسها على الاستجابة للمثير ــ مهما كان نوعه ــ باستجابة تشترك فيها الذات الانسانية المتكاملة بكافة أقانيمها لتشعر الذات أن الاستجابة ليست استجابة آلية ميكانيكية نمطية ، بل عليها أن تنظر للمثير بشكله الكلي وعدم النظر اليه بشكل مجزء والاعتقاد بأن كل جزء منفصل عن الآخر ، عندها ستكون الاستجابة قادرة على تحقيق نوع من التوازن بين اقانيم الذات .
صراخ الطفل ، مسلسل مثير، حديث الأولاد ، كلام الزوج ، ضيوف قادمون ، طلبات لا تنتهي ،. ... الخ هذه مثيرات تحدث بشكل متكرر في أي أسرة ، وفي كثير من الاحيان تكون الاستجابات مخصصة حسب أولوية المثير ونوعه وقوته ، ربما تتجه المرأة باستجابتها لمثير صراخ الطفل أولاًــ وعلى الرغم من وجود الأب ــ لأن الدافع هنا دافع عاطفي إنساني يتعلق بالأم ، ثم يتم الانتقال لاستجابة أخرى لمثير أخر في حال استمر المثير الأقل شدة ... وهكذا . وربما أيضا تتم الاستجابة من قبل الأم لمثيرين بذات الوقت إذ تستجيب لصراخ الطفل وأيضا تستجيب للمسلسل من خلال المتابعة ، وربما أيضا بذات الوقت تستجيب لمثير أخر ككلام الزوج مثلا ، إذن المرأة هنا استطاعت الاستجابة لثلاث مثيرات في ذات الوقت واستطاعت ــ ولو بالحد الأدنى ــ السيطرة على هذه المثيرات من خلال تقديم استجابات قوية أدت إلى انتهاء المثيرات .
قهوة الصباح ، أغية فيروزية ، أمواج البحر . مثيرات قد تواجه البعض خاصة في رحلة الاستجمام ، ــ وكما جرت العادة ــ ستكون الاستجابة طبيعية ونمطية وستكون الاستجابة ــ بحكم العادة ــ استجابة تقليدية باستمتاع نسبي ، نشرب القهوة ونستمع لصوت فيروز ونشاهد امواج البحر تلاطم الشاطيء . في هذا الحالة استخدمت الذات ثلاث استجابات في آن واحد ، استجابة من حاسة التذوق والاحساس بالقهوة ، حاسة السمع والاستمتاع بالصوت ، حاسة النظر لأمواج البحر ، هذه الاستجابات طبيعية منطقية ، ولكن ماذا لو نظرنا إلى هذه المثيرات كوحدة واحدة من خلال رسم صورة ذهنية للوحة تنطق بكل المشاعر ! ماذا لو رسمنا صور ذهنية وقمنا بتلوين اللوحة التي رسمناها ! ماذا لو دخلنا عمق اللوحة وحلقنا معها ! عندها سندرك تماما أن كل اقانيم ذاتنا عاشت الاستجابة بكل تفاصيلها وحققت نوع من السعادة التي ملأت ذاتنا وبهذا ستحقق الذات السعادة التي نشدها ، فهي سعادة جسدية روحية وجدانية .
فلتنظر الذات إلى فنجان القهوة تتأمله أكثر من أي وقت مضى ، لتهمس الذات لذاتها ان قهوة الصباح مثير رائع يستحق من الذات أن تدرك أنها تشرب القهوة بكل تفاصيلها ، ستكون الاستجابة من أقنوم الجسد ولكن سيكون أقنوم الروح ( الوجدانيات ) حاضرا لأن اقنوم العقل استطاع أن يقدم استجابة برسم لوحة بالصوت والصورة الجمالية .
هنا اكتمل المنظر وتوحدت المثيرات وخرجت الذات من الصورة النمطية التقليدية ــ كما جرت العادة ــ لتحقق الذات بعضا من السمو والتحليق والشعور بأنها ذات انسانية عليها أن تعيش لحظات الاستجابة بكل أقانيمها من خلال تآزر الحواس لتكتمل الصورة .
على الذات أن لا تنظر لأي مثير بشكل منفصل عن غيره وعليها أن تدرك أنه لو تعرضت لمثيرفعليها أن تكون استجابة متكاملة ، عندما تنظر الذات إلى ضياء القمر ليلا كمثير طبيعي ــ عليها أن تنظر لهذا المثير كأنها تراه لأول مرة وأن تبدأ بتكوين استجابة نابعة من الذات ، عليها أن تنظر للقمر المضيء في وسط السماء الزرقاء الذي تتناثر عليها نجوم تبث أشعتها نحو الذات وعليها أن تعيش هذه المثيرات باستجابة من الذات لتندمج معها وتدخل أعماق اللوحة الطبيعة التي رسمتها الذات ، هنا تكون الذات جزء من هذا الفضاء الواسع وتحلق بسعادة

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي