|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
صوت الانتفاضة
2024 / 7 / 10
الاشتقاق لكلمة بدائي
يذكر معجم وبستر الموسع الاستعمالات التالية لكلمة
المشتقة من Primitive
primitif
الفرنسية، والمشتقة من
Primitivus
اللاتينية، والمشتقة من
Primus
ومعناها الأول
اشلي مونتاغيو........ البدائية
البدائية هي احدى المفاهيم الاجتماعية التي كثيرا ما تتردد في طيات الكتب الاجتماعية والأنثروبولوجية، والذي نستطيع فهمه من هذه المفردة التي اذا اطلقت على شخص معين او مجتمع ما، فأنها توحي بتراجع تفكيره او سلوكه عن النمط العام؛ ولكثرة استخدام هذه المفردة من قبل الأنثربولوجيين بشكل خاص، فأنهم بدأوا بالحذر من استخدامها، فتراهم ينوهون عنها في الهوامش بأنهم لا يقصدون الجانب السلبي او المسيء منها، واخذ البعض منهم يطلق على المجتمعات التي يدرسها مفردات بديلة منها "البسيطة، الأولية، مجتمعات ما قبل الحضارة، مجتمعات قبل القراءة والكتابة، المجتمعات الفطرية. الخ"، وكأنهم يريدون ان يريحوا ضمائرهم من وصف غير مرغوب فيه لهذه المجتمعات.
حسب فردريش فون ديرلاين صاحب كتاب "الحكاية الخرافية" فأن البدائية ليست مرحلة زمنية قابلة للتحديد الزمني، كما انها ليست خاصية لهذه الحضارة او تلك"، وهذا جد صحيح، فالمجتمعات التي تتأزم أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية هي الأكثر عرضة للتغيير والتبدل نحو الأسوأ، وهذا ينطبق على أي مجتمع في هذا العالم، ولأن اخص صفة للمجتمع هي انه لا يثبت على حال، فأن تحركه وتغيره هو الحقيقة الثابتة، ففي ظروف معينة يتقدم ويبلغ درجة عالية من التطور، وفي ظروف أخرى معاكسة يتراجع ويتقهقر الى الوراء، الى حالة بدائية جدا.
وما يزيد من وضوح هذه الرؤية هو اتجاه المجتمع وعلى كافة المستويات الى العمق البدائي، في كل ممارساته الحياتية، فهو يبدأ باستدعاء القوانين والعادات والقيم والأعراف والأديان والطقوس البدائية، يمارسها، يجعلها أساس حياته ومماته، يقدسها ولا يسمح بنقدها او تجاوزها.
قد يكون المجتمع في العراق نموذجا ومثال لهذا الواقع، فقد ترك هذا المجتمع الكثير من المدنية والتحضر، والتي اكتسبها عبر تاريخه الطويل، فسنوات الخمسينات والستينات والسبعينات من القرن العشرين، كان فيها المجتمع قد خطا خطوات كبيرة في اغلب مجالات الحياة "التعليم، الصحة، القوانين، البنى التحتية، الزراعة، الصناعة"، لقد تحولت تلك العقود من السنين الى معيار يقاس به درجة التقدم لهذا المجتمع.
لكن بعد أزمات سياسية وحروب وحصارات تراجع هذا المجتمع بشكل كبير، عادت العشائرية بقوة، قانونها هو الماشي، الدين رجع الى اشكاله الأكثر بدائية ووحشية، الطقوس الدينية صارت هي اللازمة الأساسية للمجتمع، انه يمارسها بهستيرية قل مثيلها، شكل الحكم والدولة ميليشياتية مافيوية عصاباتية، القوانين التي تسن هي الأكثر رجعية وظلامية، تحول المرضى النفسيين "السيكوباثيين" الى قادة ومخلصين ومصلحين، لم يبق لهذا المجتمع من أثر لذلك الزمان، صار مجتمعا بدائيا بكل ما للكلمة من معنى سلبي.
"لا توجد مسيرة للحضارة، فهي عرضة للنكوص والتقدم على السواء، وأن ماضيها لا يؤكد مستقبلها"...... ماكيفر.
طارق فتحي
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |