موجات حرارة عالميّة قاتلة تكتسح الكوكب ... دون ثورة ، قبضة موت الرأسماليّة ستحرقنا و نحن أحياء

شادي الشماوي
2024 / 7 / 9

revcom.us مجموعة كتابة عن البيئة تابعة لموقع أنترنت
جريدة " الثورة " عدد 861 ، 8 جويلية 2024
https://revcom.us/
من أمريكا الوسطى إلى بلدان البحر الأبيض المتوسّط من أوروبا و شمال أفريقيا ... و من الهند إلى الشرق الأوسط ، و من الولايات المتّحدة إلى المكسيك ... معظم الكوكب واقع في قبضة موجات حرّ قاتلة . و موجات الحرّ القاتلة هذه قد قتلت بعدُ آلاف الناس هذه السنة – بما في ذلك أكثر من 1300 في العربيّة السعوديّة كجزء من الحجّ إلى مكّة . و في الهند موجة حرارة دامت أشهرا خلّفت أكثر من مائة قتيل ، و ألحقت الضرر بأكثر من 40 ألف آخرين بضربات حرارة وهي تغذّى شحّا خطيرا في المياه .
و في المكسيك ، الذى كان يعانى من براثن حرارة مرتفعة منذ مارس ، ما لا يقلّ عن 125 إنسان قد ماتوا و عانى الآلاف الآخرين من ضربة حرارة أواخر شهر ماي و خلال شهر جوان . فدرجات الحرارة هناك قد بلغت 125 درجة فارنهايت في 13 جوان – أحرّ يوم سُجّل أبدا في المكسيك في شهر جوان . و دراسة حديثة لعلماء المناخ التابعين لمنظّمة مناخ عالميّة ( WWA ) كشفت أنّ موجة الحرارة هذه في المكسيك و غالبيّة أمريكا الوسطى كانت ب35 مرّة أكثر إحتمالا إعتبارا لتغيّر المناخ الذى يتسبّب فيه الإنسان .
إجمالا ، خمسة مليارات إنسان (!) إضطرّوا إلى مخواجهة درجات حرارة قصوى في جوان ، ما دفع العديد منهم إلى حافة إمكانيّة بقاء الإنسان على قيد الحياة .
الكوكب يغلى ، و يد الرأسماليّة – الإمبرياليّة على المفتاح :
الكثير من موجات الحرارة هذه ، مثل واحدة إجتاحت أنحاء كبيرة من الولايات المتّحدة ، ناجمة عن ما يسمّى بقبّة حرارة. و قبب الحرارة تتسبّب في ارتفاع حرارة الهواء ليصبح مكثّفا على سطح كوكب الأرض نظرا لمنطقة الضغط الجوّي العالي. و يمنع هذا الهواء من التفرّق ، ما يجعله منحصرا في ما يشبه فخاخ غطاء حارة في قدر .
و لماذا يحصل هذا ؟ إنّه نظام الرأسماليّة – الإمبرياليّة و الأزمة المناخيّة الكارثيّة التي تسبّب فيها .
و لنعد خطوة إلى الوراء . إرتفعت درجات حرارة الكوكب ب 2.2 درجة فارنهايت منذ أواسط القرن التاسع عشر عندما مدّت الرأسماليّة جذورها و إنتشرت علىنطاق واسع . و تغيّر المناخ ناجم أساسا عن حرق الوقود الأحفوري – النفط و الغاز الطبيعي و الفحم الحجري. و الوقود الأحفوري يبعث في الجوّ ثانى ديوكسيد الكربون وهو غاز يقبض على الحرارة في الجوّ .
و ما صلة هذا بالرأسماليّة ؟ و الجواب هو أنّ الوقود الأحفوري كان مربحا إلى درجة عالية في الإنتاج ... و إستخدامه في الصناعة و الفلاحة ، في توليد الطاقة ، و في النقل كان حيويّا للسير المربح للنظام الرأسمالي – الإمبريالي ككلّ . و الرأسماليّة تحكمها المنافسة من أجل الربح و مزيد الربح ، إعتمادا على الإستغلال . و لتذهب صحّة الكوكب و الإنسانيّة إلى الجحيم !
ارتفاع حرارة الكوكب ب2.2 درجة فارنهايت قد لا يبدو شيئا كبيرا . ب ب2.2 درجة فارنهايت قد لا يبدو شيئا كبيرا . إلاّ أنّ لإرتفاع هذه الحرارة تأثيرات خطيرة و مدمّرة على التوازنات البيئيّة الحسّاسة و أنظمة دعم الحياة على الكوكب . إنّنا نشهد تكرارا أكبر و أشدّ لموجات الحرارة – إلى جانب تغيّرات مناخيّة أخرى بتبعات كابوسيّة : ارتفاع مستوى البحار الذى يمكن أن يرفع من تكرار الأعاصير القاتلة و تدمير الأرصفة المرجانيّة و أنظمة بيئيّة بحريّة أخرى ، و إضمحلال كبير لأنواع من الكائنات ، و نضوب موارد المياه الصالحة للشرب بالنسبة للإنسان ، ضمن أشياء أخرى .
و كيف يردّ قادة هذا النظام في الولايات المتّحدة ، البلد المسؤول الأكبر عن أزمة المناخ ؟ بالتصريح بحالة إستعجاليّة و الدعوة إلى إيقاف فوريّ لحرق الوقود الأحفوريّ ، المصدر الأساسي لإرتفاع حرارة الكوكب ، كما كان سيفعل أيّ قائد عقلانيّ ؟ العكس بالضبط ، في الواقع .
نظام غير مناسب تماما لإصلاح وضع الكوكب و حمايته :
نقطة أ : في ظلّ جو بايدن ، قائد الحزب الديمقراطي الذى يدّعى أنّهم " ملتزمون بكبح جماح تأثيرات تغيّر المناخ " ، بلغ إنتاج الوقود الأحفوري طوال الوقت أعلى الأرقام القياسيّة المسجّلة ! و لنقرأ الجملة مرّة أخرى . و في الوقت نفسه ، القسم الأكبر الآخر من الطبقة الحاكمة ، الجمهوريّون الفاشيّون ، ينكرون وجود تغيّر المناخ إنكارا تاما ! و يرغبون في رفع نسق دفع النظام الإنسانيّة و الكوكب إلى الهاوية . و خيار بين موت سريع جدّا للإنسانيّة و موت أبطأ ليس خيارا ذات مغزى – و كذلك ليس خيارنا الوحيد .
نقطة ب : في 28 جوان 2024 ، إنقلبت المحكمة العليا التي يهيمن عليها الفاشيّون على ما يسمّى ب " عقيدة شفرون " التي تسمح للوكالات مثل وكالة حماية البيئة ( EPA ) بإصدار أحكام و رسوم تحمى الهواء و الماء و الأرض من المواد الملوثّة لها . و مهما كانت هذه الضوابط غير كافية ، هذا مثال بارز عن جنون هذا النظام القاتل للبيئة ، دافعا الإنسانيّة حتّى بصفة أسرع نحو الهاوية المميتة .
نقطة ت : رغم كلّ الدعاية حول الطاقة المتجدّدة ( مثل الطاقة الشمسيّة والطاقة الهوائيّة ) والإنتقال إلى " الطاقة الخضراء"، لا وجود لبرنامج تخلّى عن الوقود الأحفوري : فالوقود الأحفوري يعدّ 80 بالمائة من إستهلاك الولايات المتّحدة للطاقة . و الحقيقة غير المناسبة هي أنّ الطاقة المتجدّدة ليست تقرب في ربحيّتها إنتاج الوقود الأحفوريّ . أو لنضع ذلك بصيغة أخرى ، ليس إصلاح المناخ مربحا .
نقطة ث : إنّها أزمة مناخيّة وجوديّة لا حدود لها . و معالجة هذه الأزمة يتطلّب تعاونا عالميّا غير مسبوق علميّا و تكنولوجيّا و إقتصاديّا كما يتطلّب تخطيطا . و مع ذلك فإنّ القوى الإمبرياليّة العالميّة ، و الولايات المتّحدة هي رقم واحد في النهب البيئة و شعوبها – قائدة المجموعة ، يحوّلون الطاقة الشمسيّة إلى حقل حرب تجاريّة و منافسة . الولايات المتّحدة و الإتّحاد الوروبي ( كتلة تجارة البلدان الأوروبيّة ) في تنافس مع الصين الإمبرياليّة في مجال الطاقة الشمسيّة .
إنّهم يقلّصون إستيراد الخلايا و اللوحات الشمسيّة ( و آلات كهربائيّة ) من الصين – باحثين عن تقويض إنتاج الطاقة المتجدّدة الصينيّ .
و هذا جنون ! بينما ، زهاء 489 ألف إنسان يموتون سنويّا لأسباب متعلّقة بالتدفئة .
و علماء البيئة قد كرّروا لسنوات تحذير العالم في ما يتّصل بإيقاف أسوأ تبعات الأزمة البيئيّة التي تضع بقاء الإنسانيّة على قيد الحياة موضع خطر ، نحن في لحظة " الآن أو أبدا " . لقد عرضوا أبحاثا علميّة تفيد بأنّه يجب علينا فورا أن نقلّص من حرق الوقود الأحفوري إلى تقريبا الصفر . و مع ذلك ، ما لم يقله هؤلاء العلماء ، بيد أنّه دقيق علميّا مثل دقّة وجود أزمة مناخيّة و تأثيراتها هو التالي :
لمعالجة التغيّر المناخي ، نحتاج إلى تغيير النظام ... و إلى إحداث التغيير اللازم في النظام ، نحو الإشتراكيّة التحريريّة و المستدامة المستندة إلى " دستور الجمهوريّة الإشتراكيّة الجديدة في شمال أمريكا " ... نحتاج إلى ثورة .
إنّ أزمة المناخ و موجات الحرارة القاتلة هذه تبرز من جديد رهانات ما نواجهه – و هذه الحقيقة في وقتها من القائد الثوري بوب أفاكيان ، مؤلّف ذلك الدستور :
" نحن ، شعوب العالم ، لم يعد بوسعنا أن نسمح لهؤلاء الإمبرياليّين بأن يواصلوا الهيمنة على العالم و تحديد مصير الإنسانيّة . هناك حاجة إلى الإطاحة بهم في أقرب وقت ممكن . و إنّه لواقع علمي أنّه ليس علينا أن نعيش على هذا النحو."
ليس هناك وقت نضيعه . إطّلعوا على رؤية و إستراتيجيا و خطّة الثورة لتحرير الإنسانيّة و إنقاذ الكوكب .
من الرسالة عدد 19 ( الثورة عدد 19 ) التي نشرها بوب أفاكيان على وسائل التواصل الاجتماعي على @BobAvakianOfficial ، تحت عنوان " أجل ، عالم مختلف راديكاليّا و أفضل بكثير ممكن حقّا ! " :
" هذا النظام الرأسمالي الذى نحن مضطرّون الآن إلى العيش في ظلّه قد تطوّر منذ فترة طويلة إلى نظام إستغلال و إضطهاد عالمي هو النظام الرأسمالي – الإمبريالي . و هذا النظام فات أوانه منذ زمن بعيد – إنتهت مدّة صلوحيّته منذ وقت طويل ، و منذ وقت طويل إنتهت صلحيّته في التمكّن من النهوض بأيّ دور إيجابي .
و إليكم الحقيقة الأعمق و الأكثر أساسيّة في كلّ هذا : مع كلّ الفظائع الحقيقيّة جدّا الذى عناها ذلك ، فإنّ تطوّر المجتمع الإنساني ، إلى الرأسماليّة و خلالها ، أنشأ أساسا لقيام عالم خال من جميع هذه الفظائع . و الآن يتوفّر أساس – أساس تكنولوجي و معرفي و علمي - لإيجاد حياة كريمة و ثريّة بإستمرار و بطريقة شاملة لكافة البشر على كوكب الأرض هذا، دون أي إنقسامات إضطهاديّة في صفوفهم .
و يتوفّر أساس تحوّل البشر أخيرا إلى رعاة للأرض ككلّ .
و القوّة الأساسيّة التي تمنع هذا من تحقيق هذا في الواقع هي هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي الذى يحكم هذه البلاد و يهيمن على العالم . و يتعامل هذا النظام مع القدرة الإنتاجيّة و المعرفة الإنتاجيّة للبشر على أنّها " ملكيّة خاصة " ، ملكيّة أقلّية ، في حين أنّه تمّ إنتاجها بفضل العمل اليدوي و الفكري للجماهير – مليارات الناس . و ما يحرّك هذا النظام هو المنافسة و النزاع بلا رحمة بين مختلف المستغِلّين الرأسماليّين و مختلف البلدان الرأسماليّة – ما يؤدّى إلى التدمير الجاري و المتسارع للبيئة و إلى الحروب المستمرّة و ما يمثّل خطرا متناميا على مستقبل البشر و على وجود الإنسانيّة ذاته على كوكبنا . يجب التخلّص من هذا النظام – و تعويضه بنظام قائم على الملكيّة الجماعيّة للناس لوسائل الإنتاج التي أنشأها البشر في كلّ مكان – بما يخدم مصلحة الإنسانيّة جمعاء ، بجيلها الحالي و الأجيال القادمة : نظام إشتراكي هدفه إنشاء عالم شيوعي حيث يتمّ إلغاء علاقات الإستغلال و الإضطهاد و الثقافة التي تتناسب مع و تعزّز هذه العلاقات و إجتثاثها و يمكن للإنسانيّة أن تزدهر حقّا – وبمقاربة علميّة مستمرة التطوّر ، يتمّ التشييد على كلّ ما هو من الماضي و يمكن أن يساهم في هذا التحرّر المستقبلي ، و و يمكن الإستفادة من التنوّع البشريّ الثريّ بما يسمح بإزدهار جميع الناس الذين يشكّلون العنصر البشري ، و ذلك في إطار و على أساس المعاملاتو و الفوائد المتبادلة .
و هذا ليس مجرّد حلم غير قابل للتحقيق . بل هو إمكانيّة واقعيّة – إمكانيّة قد تتحوّل إلى واقع بواسطة ثورة تكنس النظام الرأسمالي – الإمبريالي الوحشيّ حقيقة و تضع الإنسانيّة على الطريق المفضية إلى الشيوعيّة ."

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي