حديث البيدق/ طوفان الأقصى حتى لا ننسى (57)

وقلت لنتنياهو:
- انظر.
فأظلمت عيناه وقال لي:
- هل هذا يحصل لدي أنا؟
فقلت له:
- نعم.
- فلماذا فعلت ذلك؟
- لأن الأمر وما في اليد حيلة ليس على رأس سلم أولويات نتنياهو وهذا ما يحصل في هذه الحالة الآن. حينما يرى المرء هذا أمامه على الخريطة يدرك بان ما يحصل هو حدث جيو سياسي استراتيجي وأمني.
وهنا قال لي نتنياهو:
- اسمع لقد أدركت أن هذا الأمر يجب أن يتغير.
و عندها؛ بغض النظر عن ما حصل أثناء النقاش؛ توصلنا إلى ما توصلنا إليه.

هل كان الحوار عصيا على التصديق؟
السلاسة في الاستدراج تأخذ على المحك؛ و لا تترك لنتنياهو اعتبار عاقبة لما هو مطروح غبا؛ و إن بيت إننا إنما ننظر بأن نقبل شيئا فينا؛ لا بأن ندفع شيئا منا.
فاللحظة أمام ناظريه باتت على التفصيل مأمولة التحقق؛ و في إقناعه ترغب؛ بأن ما فكر فيه يوما غدا حقيقة عيانا بجرأة ضافية؛ وعلى الخريطة ماثلا؛ و ليس في وارد أن يذهب عليه؛ لذا لم يتحير في الجواب و انقطعت به أسباب الخطاب. فإنفاذه يلح بترسيخ ما وطن عليها.

"حدث جيو سياسي استراتيجي وأمني". بحاصل أن جميع الأشياء المزمعة بالوجود فواجب ضرورة أن تكون. في الأصل مشروع ما انفك مرعي المرام تخطيطا؛ و الظرف يتحين منه لحظة الانفلات من الوجود ضرورة إلى التحقق عيانا؛ و هو ما يراه سموترتش بات من التحقيق على بينة منه. و مقاليد الحكم في الكيان داعمة له بعد كثير إرجاء.
فالتحذيرات الدولية و العربية وحتى إسرائيلية من أن السلطة الفلسطينية على وشك الانهيار بفعل الخطوات العقابية المتلاحقة ضده؛ لم تمنع وزير مالية الكيان بتسلئيل سموتريتش من المضي قدماً لإنهاء العلاقة معها، وحسم الاستيطان في المنطقة المصنفة "جيم".
سموتريتش؛ و بالرغم من رفضه بصورة علنية فكرة التخلي عن السيطرة على الضفة الغربية، يعلن صراحة أنه ماض بتنفيذ خطة حكومية رسمية لفرض السيطرة المدنية عليها.
سيطرة صهيونية يجري تنفيذها بنقل مساحات واسعة من السلطة الإدارية من القائد العسكري إلى مستوطنين يعملون في الحكومة ويؤمنون بأن انتزاع الإدارة المدنية أو أجزاء كبيرة منها من أيدي الجيش تشكل الوسيلة الأسرع لتوسيع سيادة الكيان في الضفة، بما يقلل من احتمالية فرض ضوابط قانونية على توسيع المستوطنات وتطويرها .[1]
و هذا ما هلل له زعيم "الصهيونية الدينية" في بيان صادر عنه، بعد اجتماع "الكابينيت"؛ فض بتبني طروحات سموتريتش، فالقرارات التي انتصر لها تأتي في أعقاب النشاط الذي تقوم به السلطة الفلسطينية في المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية في الأمم المتحدة، ومذكرات الاعتقال ضد كبار مسؤولي الكيان، والضغط الذي تمارسه من أجل الاعتراف الأحادي الجانب بالدولة الفلسطينية من قبل مختلف دول العالم. [2]
ما كان بعيد المنال؛ و معلق إلى حين؛ هل غدا منه نتنياهو على كثب؟
اليوم؛ و من ائتلافه اليميني المتطرف؛ يجد له ناصرا؛ يستغل الانشغال في الحرب ضد قطاع غزة ومصير الأسرى لدى حماس وقصف حزب الله لشمال الأراضي المحتلة، من أجل تحقيق حُلمه في خلق ظروف مواتية لضم الضفة الغربية.
و هو ما سيتولى؛ و باجتهاد شوفيني؛ الاحتفاء بأجرأته سموتريتش غير مبال. و هو يصرخ مرددا مع مناصريه بمستوطنة أفيتار "أفيتار ليس مجرد منازل، بل هو أيضًا فكرة".
هروب إلى الإمام "من الحقيقة و الإخفاق"؛ ليس إلا؛ طوفان الأقصى إلى الأمس القريب كان فكرة؛ و اليوم " كابوس تحرك الضفة والقدس وخلايا الثأر من الأرض المحتلة عام 48 قادم لا محالة وبشكل لا يتوقعه العدو" [3] ؛ و سيأخذ بتلابيب الكيان؛ و هو كاسحه بضرورة لن ترتفع.

----------
[1]- https://www.alalam.ir/news/6893198/سموتريتش-يكشف-عن-نكبة-جديدة-لإحباط-الدولة-الفلسطينية
[2]- https://mukhtaraat.palestine-studies.org/ar/node/34676
[3]- من كلمة لأبي عبيدة الناطق باسم كتائب القسام. بتاريخ: 07/ 07/ 2024.
https://www.youtube.com/watch?v=ErJr0w67grg