قصيدة بعنوان: سهوتُ عن مُضِيِّ العمر

اسحق قومي
2024 / 6 / 28

رَأَيْتُ الدَّهْرَ خَوّانًا وَيَسْتَتِرُ === وَبَاقِي العُمْرِ فِي جَنَباتِهِ حَفَرُ
سَقَانِي كَأْسَ أَوْهَامٍ مَزَرْكَشَةٍ === وَأَبْدَى ظِلُّهُ المَكْنُونُ مَا سَتَرُوا
كَأَنِّي مِنْهُ أَكْوَامٌ بِمُحَرَّقَةٍ === تُحَرَّقُ حَيْثُمَا الأَهْوَاءُ تَنْحَشِرُ
كَأَنَّ السِّحْرَ غَايَاتٌ لَهُ عُقِدَتْ === فَلَوْلَا السِّحْرُ مَا ازْدَانَتْ لَهُ الصُّوَرُ
(بُثَيْنَةُ) وَالهَوَى قَدْ زَانَنِي شَغَفًا === وَإِنِّي وَالهَوَى خِلَّانِ لَوْ خَبَرُوا
وَرُحْتُ أُحَابِي فِي الهِجْرَانِ أَنْجُمَهُ === فَمَا غَنَّتْ لِيَ البَيْدَاءُ وَالمَدَرُ
وَهَذِي نَشْوَةُ السِّتِّينِ تَحْمِلُنِي === فَلَا وَطَنٌ سَقَانِي دَمْعَهُ المَطَرُ
كَأَنَّ الكَوْنَ آيَاتٌ وَمَعْجِزَتِي === بِهِ الأَشْعَارُ وَالأَسْفَارُ وَالعِبَرُ
حَسِبْتُ - وَقَدْ سَهَوْتُ - مُضِيَّ عُمْرِي === جِنَانًا لَوْ أَتَاهَا المَزْنُ تَزْدَهِرُ
سَرْتُ فِي خَافِقِي كَأْسٌ مُعَتَّقَةٌ === فَرِحْتُ كَمِثْلِ طِفْلٍ رَاعَهُ الكِبَرُ
مَرَرْتُ بِرَوْضَةِ العِشْرِينَ أَسْأَلُهَا === فَهَلَّ عَلَيَّ مِنْهَا العِطْرُ وَالزَّهَرُ
وَصِرْتُ أُقَبِّلُ الجُدْرَانَ مِنْ وَلَهِي === كَأَنِّي فِي رِحَابِ الدَّيْرِ مُعْتَمِرُ
وَشَاخَتْ كُلُّ أَوْهَامِي تُسَابِقُنِي === وَقَدْ طَابَتْ لِيَ الأَنْفَاسُ وَالسُّرُرُ
سَأَلْتُ الدَّهْرَ عَنْ عُشَّاقِ مَمْلَكَتِي === فَجَاءَ وَصَوْتُهُ المَكْلُومُ يَنْفَطِرُ
شَرِبْتُ وَقَدْ حَسِبْتُ سَرَابَ عُمْرِي === كَمَاءِ المَزْنِ فِي البَيْدَاءِ يَنْهَمِرُ
شَرِبْتُ، فَمَلَّنِي كَأْسِي وَغَانِيَتِي === وَمَلَّ اللَّيْلُ مِنْ أَحْلَامِيَ السَّهَرُ
نَسَجْتُ الرُّوحَ أَبْيَاتًا مُرَاهِقَةً === وَكُنْتُ أَمِيرَ مَنْ عَشِقُوا وَمَا غَدَرُوا
صَحَوْتُ بَعِيدَمَا قَدْ فَاتَنِي زَمَنِي === وَصَارَتْ صَبْوَةُ الشُّعَرَاءِ تَنْتَحِرُ
رَأَيْتُ العُمْرَ أَوْهَامًا تُنَاجِزُنَا === فَتُخْفِي سِرَّهَا الأَيَّامُ وَالعُصُرُ
هَنِيئًا يَا سَرَابَ النَّفْسِ مِنْ وَلَهِي === إِذَا وَصَفُوا عَلِمْتَ أَنَّهُ القَدَرُ
سَأَبْقَى رَغْمَ هَذَا الدَّهْرِ مُعْتَصِمًا === وَأُنْشِدُ شِعْرِيَ الدُّنْيَا وَأَفْتَخِرُ
سَأَبْقَى قَيْسَهَا المَجْنُونَ مِنْ شَغَفٍ === بِـ(لَيْلَى) عُدَّتِي الأَشْعَارُ وَالفِكْرُ
**
17/7/2009م
إسحق قومي
شاعر وأديب وباحث سوري مقيم في ألمانيا
Ishak.alkomi@ok.de

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي