قصيدة بعنوان:أناشيد لزمنٍ سيأتي

اسحق قومي
2024 / 6 / 27

مهداة: إلى عاشقتي الخالدة أبدًا
للشاعر السوري إسحق قومي
يَا أَيُّها الذِي يَسَافِرُ فِي دَمِي
مُسَافَةٌ لِلضُوءِ وَالْقَصِيدَةْ
أَنْتَ الذِي قُلْتَ: تَجِيءُ
وَلَا تَجِيءْ
أَنْتَ الذِي لَا تَجِيءُ كَمَا الْبَحْرُ حِينَ
تُشِدُّهُ الرِّمَالَ
وَالْمَوَانِئُ سَكْرَى بِالْوِدَاعِْ
مَنْ يُطْعِمُ قَلْبِي زُهْرَةً وَقَصَائِدْ؟!
مَنْ يُطْعِمُ عِشْقِيَّ قُبْلَةً وَيَسَافِرْ؟!
نُورًسًا كُنْتَ تَعْمُدُّ جَبْهَتِي بِالْبُرُوقِ وَالْمَطَرْ
وَكُنْتَ دَمِيَّ الذِي يَعْشَقُ الرَّحِيلْ
يَا أَيَّها الذِي يَرْتَدِي الْخَوْفُ رِئْتَيْهِ
مَكْبُلٌ أَنَا بِالْيَاسَمِينْ
مَسْكُونٌ بِرَائِحَةِ الْخُبْزِ الْقَرْوِيِّ
بَيْنَ جَنَاحَيْكَ غَنِيتُ مَرَّةً
رُغْمَ صَوْتِي الذِي لَا يَجِيءْ
وَكُنْتُ ثَمُولًا بِالسَّرَابْ
غَنِيتُ لَكَ مَرَّةً وَلَمْ تَسْمَعْ
وَأَنْشَدْتُكَ تُرَاتِيلَ زُهْرِ الْبَرَارِيِ
تَشُدُّنِي إِلَيْكَ مَوَانِئَ النُّجُومِ الشَّارِدَاتِ إِلَى الْمَدَى
سَكَبْتُ فَوْقَ خَمْرِكَ دَمِي…
وَمَا ظَنَنْتُ أَنَّ الْمَسَافَةَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ هَذَا السَّرَابَ…
وَبَيْنِي وَبَيْنَكَ لَا يَأْتِي الْمَطَرْ
لِمَ يَا أَيُّهَا الْبَاقِي خُلُودًا فِي دَمِي؟
لَا تَجِيءْ
يَا زَمَنًا لِلْعُقُمِ وَالْجُرُوحِ الْمَعْبَأَةِ بِالْمِلْحِ وَالتُّرَابِ
أَلَا تَجِيءْ؟!
مُحَمَّلٌ أَنَا بِكُلِّ هَذِهِ الْأَغَانِي
مُحَمَّلٌ بِكُلِّ هَذِهِ الْبُرُوقِ
يُشَدُّكَ الْمَوْجُ لِلرَّحِيلِ خَوْفًا
اعْبُرْ دَمِي نَهْرًا وَلَا تَرْحَلْ
امْتَشِقْنِي قَامَةً لِلْفَجْرِ
اعْتِذَارًا لِلَّذِي قُلْتُ: لَهُ
أَنَّ مَا بَيْنَ عَيْنَيْكَ بَقَايَا حِصَادِي
لِعَيْنَيْكَ قَرَأْتُ عَلَى الْفَجْرِ فَاتِحَةً لِلْعُشْقِ وَالْمَسَاءِ
أَنْتَ نَوْحٌ فَعَلَّمَنِي كَيْفَ يَكُونُ الْمَوْجُ عَبْرًا لِلْيَابِسَةِ؟!
وَعَلَّمَنِي كَيْفَ تَكُونُ الْقِرَاءَةُ دَرْبًا لِلْجَلْجَلَةِ؟
جَفَّ دَمِي… وَبَقِيتُ وَحِيدًا
رَاهِبًا لِلْعَهْدِ وَالْأَمَنِيَّةِ
كَانَ السِّرَاجُ دَمِي الذِي أَحْرَقْتُهُ الْعُصُورْ
مِشْعَلاً لِلْمَسَافَةِ وَالْفَرَاشَةِ وَالْقُلُوبْ
دَمِي الذِي رَشَشْتُهُ بَيْنَ الْحُقُولِ أَنْتَ!
وَظَنَّ قَاتِلِي أَنَّ هَذَا الْمَوْتَ وَجَهَتِي
سَأُوَلِّدُ فِي عَيْنِ الْأَطْفَالِ مَرَّةً
سَأُوَلِّدُ فِي جَبِينِ الشَّمْسِ مَرَّةً
سَأُوَلِّدُ فِي صَمْتِ الْمَقَابِرِ زَمَنًا لِلتَّوْحُدِ
وَقَبْلَ أَنْ أُودَعَّ فَجْرَكَ
عَلَّمَنِي كَيْفَ أُغْنِي نَشِيدًا لِلصَّبَاحِ الْقَادِمِ
وَالنَّهَارِ الْعَظِيمِ؟!
عَلَّمَنِي كَيْفَ تَكُونُ شِفَاهِي طَعْمًا لِلْقُبُرَاتِ؟!
عَلَّمَنِي كَيْفَ يَكُونُ الرَّحِيلُ بَقَاءً فِي الْأَزْمَنَةِ؟!
عَلَّمَنِي كَيْفَ أُغْنِي مَوَاوِيلًا مِنَ الْعِشْقِ؟
قُرَابِينَ لَا تُهَدَّى عَلَى طَاوِلَاتِ الرِّيحِ الْمُسَافِرَةِْ
وَلَا أَنْتَ تَمْلَأُ شَفَتَيَّ غَضَبًا
لِلْحَبِيبَةِ التِّي نَامَتْ
قَبْلَ الصَّبَاحْ
وَسَافَرَتْ
قَبْلَ الرِّيَاحْ
وَهَاجَرَتْ
قَبْلَ التَّكَوُّنِ مِنْ زَمَانٍ. مِنْ زَمَانْ
حَبِيبَتِي التِّي غَنِيتُ لَهَا مَرَّةً
مَعَ النَّهْرِ وَالصَّبَايَا
وَقَالَتْ: لَا تَجِيءْ إِلَّا حُلْمًا
وَرَبِيعًا
وَبُرْقًا
وَقَالَتْ: انْتَظِرْنِي خَلْفَ الْمَوَانِئِ
وَالشَّمُوسِ
أَنْتَ الذِي لَا تَجِيءُ
مِنْ دَمِي حَرْفًا سَتَأْتِي
سَيْفُكَ الْقَهْرُ فَعَلَّمَنِي كَيْفَ
يَبْدَأُ الزَّمَانُ.


نيوجرسي.نورث بركن.أمريكا.
10/5/1991م.
شاعر وأديب وباحث سوري مقيم في ألمانيا.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي