عِشْتَار الفُصُول:14157 الإنْسان وَوَسَائِلُ التَّوَاصُلِ وَالمُسْتَقْبَلُ وَالوَاقِعُ

اسحق قومي
2024 / 6 / 25

الضَّيَاعُ عَلَى أَشُدِّهِ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ. لَقَدْ فَقَدَ الإنسَانُ تِلْكَ الرَّاحَةَ النَّفْسِيَّةَ وَالعَقْلِيَّةَ وَالجَسَدِيَّةَ عِنْدَمَا كَانَتْ وَسَائِلُ الإعْلَامِ بَدَائِيَّةً تَتَكَوَّنُ مِنْ صُحُفٍ وَجَرَائِدَ وَمَجَلَّاتٍ وَرَادْيُو، وَبَعْدَهَا جَاءَ التِّلْفَازُ. لَكِنَّ الأَمْرَ اخْتَلَفَ مَعَ وُجُودِ الشَّبَكَةِ العَنْكَبُوتِيَّةِ الَّتِي تَمَّ تَعْمِيمُهَا فِي نِهَايَةِ القَرْنِ العِشْرِينَ لِتُبَشِّرَنَا بِعَالَمٍ وَثَوْرَةٍ نُونيَّةٍ وَتِكْنُولُوجِيَّةٍ، وَبِهَوَاتِفَ مَحْمُولَةٍ وَمُتَلْفَزَةٍ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ نَنْسَى المِسْنْجَرَ وَالوَاتْس آبَ وَتُويِتَرَ وَإِنْسْتَغْرَامَ وَتِيكْ تُوكَ وَيُوتُوبَ وَغَيْرِهَا وَغَيْرِهَا.
يَسْتَيْقِظُ الإنسَانُ بَعْدَ لَيْلَةٍ دَارَ بَيْنَ أَرْوِقَةِ وَسَائِلِ الإعْلَامِ هَذِهِ كُلِّهَا، وَمَا أَنْ يَفْتَحَ عَيْنَيْهِ تَرَاهُ يُمْسِكُ بِهَاتِفِهِ وَيَبْدَأُ يُقَلِّبُ الصَّفَحَاتِ، يقَرَأَ وَيَسْمَعُ. أَجَلْ، إِنَّهَا حَقِيقَةٌ وَلَيْسَتْ بِخَيَالٍ. لَقَدْ فَقَدَ حَاسَّةَ الِاهْتِمَامِ المُبَاشِرِ بِنَفْسِهِ وَأُسْرَتِهِ وَأَهْلِهِ وَالأَقْرِبَاء، وَنَسِيَّ أَنْ يَتَمَتَّعَ بِالصُّبْحِ الجَمِيلِ فِي كُلِّ الفُصُولِ، وَهُوَ يَنْظُرُ لِلْعَالَمِ الخَارِجِيِّ مِنْ نَافِذَةِ دَارِهِ. وَأَيْنَ ذَاكَ الَّذِي يَسْتَيْقِظُ وَيَشْكُرُ المَوْلَى عَلَى نِعْمَةِ الوُجُودِ؟ لَمْ يَعُدْ يُهِمُّهُ أَهْلُهُ وَلَا أُسْرَتُهُ وَلَا أَيَّ مَرِيضٍ لَدَيْهِ؛ هَمُّهُ الوَحِيدُ أَنْ يَقْرَأَ الأَخْبَارَ وَيَرَى الأَفْلَامَ الكَرْتُونِيَّةَ، وَأَنْ يَقْرَأَ لِمَنْ كَتَبُوا وَالَّذِينَ أَصْبَحُوا مِنْ رَعِيلِ الأُدَبَاءِ وَالشُّعَرَاءِ، وَالشَّهَادَاتِ الَّتِي تُمنَحُ لِلْمُبْتَدِئِينَ فِي الأَدَبِ وَالفَنِّ، وَرُبَّمَا مُنِحُوا شَهَادَاتِ الدُّكْتُورَاهَ مِنْ مَوَاقِعَ مَعَ جُلِّ احْتِرَامِي لِأَهْلِهَا، أَفْقَدُوا بِتَصَرُّفِهِمْ القِيمَةَ الفِعْلِيَّةَ لِلدَّرَجَاتِ العِلْمِيَّةِ.
وَنَعُودُ لِمَوْضُوعِنَا، لأَنَّ لِمَوْضُوعِ شَهَادَةِ الدُّكْتُورَاهَ أَرَاهُ يُمَثِّلُ المَرْحَلَةَ الحَالِيَّةَ مِنَ الفَوْضَى الخُنْفُشَارِيَّةِ، وَالَّتِي سَتُقَوْدُ المُجْتَمَعَاتِ كَافَّةً إِلَى الهَاوِيَةِ إِنِ اسْتَمَرِّيْنَا عَلَى هَذَا المَنَوَالِ. أَجَلْ، لَقَدْ أَصْبَحْنَا عَبِيدًا لِإِدْمَانٍ يَفُوقُ أَنْوَاعَ المُخَدِّرَاتِ، وَبِهَذَا فَقَدْنَا شَخْصِيَّتَنَا الحَقِيقِيَّةَ، وَالَّتِي يَجِبُ أَنْ تَكُونَ لِصَالِحِ شَخْصِنَا وَأُسْرَتِنَا وَمُجْتَمَعِنَا، لِصَالِحِ الوُقُوفِ عِنْدَ حُدُودِنَا وَمَدَى ثَقَافَتِنَا وَمَعَارِفِنَا العِلْمِيَّةِ.
وَهُنَا أَتَحَدَّثُ عَنْ أَنَّ وَسَائِلَ التَّوَاصُلِ أَفْقَدَتْ حَقِيقَةَ الدَّرَجَاتِ العِلْمِيَّةِ وَحَقَّ أَصْحَابِهَا الَّذِينَ تَعِبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ سَنَوَاتٍ لِيَسْتَحْصِلُوا عَلَيْهَا، بَيْنَمَا نَرَى مَنْ هَبَّ وَدَبَّ أَصْبَحَ يُمَارِسُ مَوْهِبَتَهُ وَهُوَ ضَحْلٌ، لَا يَمْلِكُ إِلَّا إِرْهَاصَاتٍ يَظُنُّهَا أَنَّهَا كُلُّ العُلُومِ وَالفُنُونِ وَأَبْجَدِيَّاتِ الثَّقَافَةِ. وَهَكَذَا فَقَدَ المُسْتَحِقُّ مَكَانَتَهُ لِصَالِحِ العَوَامِ الَّذِينَ لِسَانُ حَالِهِمْ يَقُولُ: أَنْتَ لَسْتَ أَفْضَلَ مِنِّي، وَلِي الحَقُّ أَنْ أَخُوضَ تَجْرِبَتِي أَدَبِيَّةً كَانَتْ أَمْ فَنِّيَّةً أَمْ طِبِّيَّةً أَمْ... إِنَّهُ زَمَنٌ يُخَالِفُ قَوَاعِدَ مَا سَبَقَهُ مِنْ أَزْمِنَةٍ، وَعَلَيْنَا أَنْ نَتَأَقْلَمَ مَعَ إِفْرَازَاتِهِ وَمُخَاضَاتِهِ، وَرُبَّمَا سَنَنْدَمُ عَلَيْهِ مِنْ خِلَالِ مَا سَيَأْتِينَا مِنْ مُخْتَرَعَاتٍ يَشِيبُ لَهَا الوَلِيدُ.
لَقَدْ رَكَّزْنَا فِيمَا سَبَقَ عَلَى سَلْبِيَّاتِ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ، لَكِنْ لَمْ نُعَدِّدْ إِيجَابِيَّاتِهَا حَتَّى الآن. إِنَّنَا لَوْ عَدَّدْنَا إِيجَابِيَّاتِهَا لَنْ نَتَوَقَّفَ عِنْدَ مِئَةِ مَحَطَّةٍ إِيجَابِيَّةٍ، أَجَلْ، هَذَا هُوَ العَقْلُ عِنْدَمَا يَتَحَرَّرُ مِنَ الخَوْفِ وَرَبْقَةِ الفِكْرِ الدِّينِيِّ، خَاصَّةً الأَفْكَارَ الَّتِي تَدْعُو لِلدِّمَاءِ وَقَتْلِ الإنسَانِ المُخَالِفِ لِي.
إِنَّ الثَّوْرَةَ التِّكْنُولُوجِيَّةَ الرَّقْمِيَّةَ سَاعَدَتْنَا فِي أَنْ نَرَى العَالَمَ وَالوُجُودَ وَمَا بَعْدَ الوُجُودِ، كَمَا قَدَّمَتْ لَنَا بَوَّابَاتٍ نَدْخُلُ مِنْ خِلَالِهَا عَوَالِمَ كَانَتْ مِنْ قَبْلُ عِبَارَةً عَنْ عَوَالِمَ مُسْتَحِيلَةٍ. إِنَّ الإنسَانَ يُمَثِّلُ قُوَّةً جَبَّارَةً إِذَا مَا فَعَّلَ عَقْلَهُ نَحْوَ خِدْمَةِ الإنسَانِيَّةِ. ومنْ هُنا أَرى أَنْ تَكُونَ هُناكَ مَناهِجُ تَرْبَوِيَّةٌ تُناقَشُ فِيها مَوْضُوعُ اسْتِخْدامِ وَسائِلِ التَّواصُلِ الاجْتِماعِيِّ وَكَيْفِيَّةُ الاسْتِفادَةِ مِنْها، كَما أَنْ يَكُونَ لَدَى الجَمِيعِ أَساسِياتٌ وَقَواعِدُ الاسْتِخْدامِ الحَقِيقِيِّ عَلى أَنْ تَكُونَ فَوائِدُها أَكْثَرَ مِنْ سَلْبِيَّاتِها.

وفِي السَّنَوَاتِ القَادِمَةِ أَقْرَأُ أَنَّ تَسَاقُطَ الفِكْرِ الدِّينِيِّ حَتْمِيٌّ، وَسَيَبْقَى بَعْضُ المُتَعَصِّبِينَ، أُولَئِكَ الَّذِينَ سَتَنْتَهِي أَحْلَامُهُمْ إِلَى الأَبَدِ. الرِّسَالَةُ الحَقِيقِيَّةُ هِيَ أَنْ نَتَمَسَّكَ بِقِيَمِ السَّلَامِ وَالأَمْنِ لِجَمِيعِ الأُمَمِ وَالشُّعُوبِ، السَّلَامِ غَايَةً وَمُنْتَهًى، وَإِقْرَارِ الحُقُوقِ المَشْرُوعَةِ لِكُلِّ المُكَوِّنَاتِ القَوْمِيَّةِ.
وَأَخِيرًا، نَرَى ضَرُورَةَ تَعَلُّمِ أَبْجَدِيَّةِ التِّكْنُولُوجِيَا أَفْضَلَ مِنْ أَنْ نُضَيِّعَ أَوْقَاتِنَا فِي قَضَايَا خَيَالَاتٍ وَخُزَعْبَلَاتٍ وَأَوْهَامٍ وَضَعَهَا أَسْلَافُنَا قَبْلَ آلَافِ السِّنِينَ."
# اسحق قومي .Ishak Alkomi
25/6/2024

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي