وعن النزعة الانسانية أحدثكم

ابراهيم خليل العلاف
2024 / 6 / 22

ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
وحتى يطمئن المتدينون ؛ فالاسلام دين عالمي وانساني . " وما ارسلناك إلا رحمة للعالمين " صدق رب العزة والجلال . والاسلام لهذا انتشر في كل اصقاع الارض ، وطبعا الاديان كلها في طبيعتها (انسانية) .
والانسانية أقصد النزعة الانسانية كفكرة ، وكنزعة ، وكإتجاه فكري ( حركة) شهدها العالم خلال عصر التنوير في مصطلح التاريخ الاوربي الحديث في القرن الثامن عشر ، وليس معنى هذا ان العالم قبل ذلك لم يكن يعرفها ، لكنها وقد تطورت لتصبح قوة تنويرية تحرك المجتمع وتدفعه الى الامام .
وطبيعي ان النزعة الانسانية Humanism ، ظهرت بعد انتهاء العصور الوسطى الاوربية ودخول المجتمعات في العصور الحديثة حيث حل مفهوم (الانسان) .
وهذه النزعة ليست جديدة كما قلت ، بل لها جذور في الفكر القديم من حيث ان من سموهم بالسفسطائيين اعتبروا (الانسان مقياس كل شيء) ، وازعم ان هناك من تصدى لهذه الحركة وعارضها لكنها انتصرت كفكرة .. والشيء الجميل انها اي النزعة الانسانية اقترنت بالنزعة التنويرية ومن هنا كان من ابرز خصائصها هو العقلانية ، والفردية ، والتجديد في كل نواحي الحياة . والتجديد جاء لمواجهة الانغلاق ، والمحافظة ، والسكون .والنزعة الانسانية تركز على الوجود الانساني ، فكل ما يجب ان نقوم به هو اسعاد الانسان ، وتطويره ، وانماءه ، وضمان حريته ، وتقدمه ، واستقلاليته .
وقد لانكون بعيدين عن الموضوعية حين نقول ان الاسلام كدين ، وثقافة ، وحضارة ، ركز على الانسان ، " فالانسان بنيان الله ملعون من هدمه " . وفي التأكيد على ان المقياس هو مدى فاعلية هذا الانسان وعمله والخير الذي يتحقق من خلال هذا العمل ، وللانسان - كما تعلمون - قوى عقلية ، وفكرية ، ونفسية ، وعاطفية وهذه كلها تؤكد وجوده وعندما تريد ان تهدم المجتمع فالبداية تكون في هدم الانسان ، والعكس بالعكس عندما تريد ان تبني المجتمع تبدأ ببناء الانسان .
ومن الخصائص التي تتميز بها النزعة الانسانية عي التأكيد على الذات ، واصلاحها ، واعتماد العقل ، وسيلة لتطوير الذات ، والاصلاح يتم من داخلية الانسان إن تغير ، تغير المجتمع كله .
والاسلام يؤكد على ضرورة ان يعتز الانسان بنفسه وبموقعه ، وبكرامته وان لايفرط بكل هذا لاي سبب من الاسباب فمن يهن يسهل الهوان عليه .
العقل الانساني ، هو ما يجب ان نُنميه ، لانه هو الطريق لخلق السعادة للانسان ، وتأكيد دوره الفاعل في بناء الحضارات ، ويرتبط الاهتمام بالانسان ، الدعوة الى تبني تطوير العلوم ، والفنون ، والاداب ؛ فهي أي هذه كلها تساعد الانسان على فهم الحياة ، وتؤكد تحرره وانعتاقه من قيود العبودية ، وبالتالي تعزز شخصيته ، واستقلاله الفكري .
والنهوض الحضاري ، يبدأ من الاهتمام بالانسان ، وتعزيز قدراته في مواجهة الجهل ، والفقر ، والمرض ، والتخلف الفكري .
وطبيعي انبثقت من النزعة الانسانية افكارا ومذاهب تؤكد على ان الفكرة اي فكرة لايمكن تأكيد قيمتها الا عندما تتحول الى واقع انساني وهذا التوجه سمي في اوربا بالذرائعية . وثمة مذهب اخر اكد على وجودية الانسان وتحرره من كل ما يعيق وجوده وقدراته ومعنى هذا ان النزعة الانسانية هي نزعة واقعية تنسجم مع ما خلق عليه الانسان من قيم، ومفاهيم ، وتوجهات . وهذه القيم ، والمفاهيم والتوجهات الاخلاقية تصقل وتأخذ شكلها الطبيعي من خلال الاهتمام بالادب والشعر والفلسفة والمعارف وكل فنون العلوم والتي غايتها كما يجب ان تكون إسعاد الانسان لإنه ببساطة مركز الكون وهدفه .

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي