من ذاكرة التاريخ : كيف علق قادة السنة في العراق على تمرير قانون الفيدرالية ؟

محمد رضا عباس
2024 / 6 / 18

يوم 11 تشرين الأول 2006 كان يوم عودة مجلس النواب العراقي من اجل القراءة الثانية, الأخيرة, لمشروع قانون الإقليم الشديد المعارضة من قبل كتل سياسية كبيرة ومؤثرة . والحقيقة لم يكن هناك سبب وجيه لمعارضة مشروع القانون , خاصة وان الدستور العراقي سمح بتشكيل الأقاليم أولا , وثانيا , الظروف الامنية السيئة التي كانت تمر بالعراق .
على كل حال , بعد ان اتفقت الكتل السياسية على عدم تنفيذ القانون الا بعد 18 شهرا من تاريخ المصادقة عليه في البرلمان قبل تمرير القراءة الأولى له , ولكن حتى بعد تمريره رجع السجال بين الكتل السياسية مرة ثانية مما دفع الولايات المتحدة والأمم المتحدة الى التدخل من اجل حلحلة التشنجات . فقد كشف سامي العسكري عضو مجلس النواب عن كتلة الائتلاف العراقي الموحد عن تدخلات تمارس من قبل الأمم المتحدة والسفارة الامريكية في مشروع قانون الأقاليم . وقال العسكري ل "المدى" هناك ضغوط وتدخلات سياسية من قبل الأمم المتحدة والسفارة الامريكية على المشروع لإرضاء جهة سياسية معينة . مضيفا ان نوع التدخلات التي تمارس من قبل الأمم المتحدة على شكل مقترحات منها صحيحة ومنها تتعارض مع التوجه العام للدستور.
من جهته قال حسن السنيد عضو مجلس النواب عن كتلة الائتلاف العراق الموحد ان الكتل النيابية تعاملت مع مشروع قانون تكوين الأقاليم بروح الانتماء السياسي . واضاف السنيد ان من المفروض تمرير المشروع امس الا ان اندلاع سجالات حادة بين السياسيون حال دون ذلك . مشيرا الى ان النقاش في المشروع لا جدوى منه لذا فان التصويت عليه هو الحل الوحيد , مبينا ان الأمم المتحدة وعددا من منظمات المجتمع المدني تدخلت في المشروع , متوقعا ان تقاطع بعض الكتل الجلسة .
وتحدث النائب مفيد الجزائري عضو القائمة العراقية عن إجراءات التصويت على مشروع القانون بالقول , ان " القانون سيقرأ مادة مادة ويصوت على كل منها , وبعد ذلك يصوت عليه ككل", مشيرا الى ان التطورات الأخيرة في مواقف القوى السياسية والكتل البرلمانية تجعل من الصعب التكهن بتمريره او فشله". ولفت الى ان انتقال أعضاء مجلس النواب الى القاعة الجديدة التي تحتوي على الية التصويت الالكتروني " من شانه ان يقلب كل التوقعات".
وأوضح ان " اعتماد هذا النوع من التصويت بدلا من التصويت برفع الايدي يمنح النواب حرية اكبر ويتيح لهم فرصة التحرر من القرارات الكتلوية التي يخشون معارضتها في العلن " وقال الجزائري ان " القانون لن يمر بسهولة" , متوقعا " مقاطعة كثيرين للجلسة ". واكد ان في القائمة العراقية ذاتها وجهتي نظر مختلفتين واحدة مع المشروع والأخرى ضده.
وقال النائب سليم الجبوري , الناطق باسم جبهة التوافق بزعامة عدنان الدليمي ان " كل المؤشرات تدل على ان الكفة راجحة لمصلحة تمرير القانون على الرغم وجود من يناهضه " مشيرا , ان " جميع نواب جبهة التوافق ونواب حزب الفضيلة وجبهة الحوار والكتلة الصدرية , إضافة الى عدد من العراقية يناهضون المشروع وسيصوت الجميع ضده , فيما ستقاطع الكتلة الصدرية الجلسة".
وكشف النائب حنين القدو , عضو كتلة الائتلاف , وجود خلافات حادة بين بعض مكونات الكتلة حول اليات تنفيذ المشروع , وأوضح , ان " الخلافات تتركز بين المجلس الأعلى للثورة الإسلامية وحزب الفضيلة من جهة والتيار الصدري من جهة أخرى", وقال القدو ان " المجلس يؤيد المشروع المطروح والقاضي بتشكيل الأقاليم من 3 محافظات او اكثر فيما يطالب الفضيلة بتشكيل أقاليم من محافظة واحدة ", واكد ان " مشروع القانون المطروح سيمر بغض النظر عن الاعتراضات المثارة حوله لأنه يحتاج الى غالبية بسيطة يمكن توفيرها بسهولة كونه يحظى بدعم كتلة المستقلين".
لم يدخل النواب قاعة البرلمان في الوقت المحدد , حيث تأخرت الجلسة ساعات عدة قبل عقدها بسبب رفض عدد من الكتل البرلمانية التصويت على مشروع القانون . وصوت 138 عضوا برلمانيا من بين 275 يضمهم مجلس النواب على مشروع القانون , لينهوا جدلا سياسيا محتدما حول القانون المذكور.
وأوضحت مصادر من داخل المجلس , ان موافقة المجلس على القانون تمت بالأغلبية المطلقة من بين حضور الجلسة , حيث تم التصويت بشكل تدريجي على فقرات القانون تحت أجواء امنية مشددة داخل البرلمان وخارجه. وان مصادر قد ذكرت ان التيار الصدري وحزب الفضيلة وهما من أحزاب الائتلاف الموحد قد قاطعا الحضور , فضلا عن نواب السنة في جبهة التوافق و جبهة الحوار الوطني . ولكن مشاركة بعض نواب القائمة العراقية شكل مفاجأة لاعتبارها بيضة القبان من حيث ترجيح المقاطعين او الحاضرين . حيث حسم تصويت أربعة نواب أعضاء في القائمة العراقية تمرير مشروع القانون وهم صفية السهيل ومهدي الحافظ وحميد مجيد موسى ومفيد الجزائري.
قضى الامر الذي فيه تستفتيان , ولكن نيران صدور المتخوفين من الفيدرالية بقيت مستعرة . فقد كتب عبد الحسن غزال من جريدة الزمان " صدم العراقيون امس بيوم اسود جديد في تاريخهم المعاصر بتمرير البرلمان العراقي قانون الأقاليم الذي واجه شكوكا كبيرة من البرلمانيين والسياسيين وقطاعات شعبية واسعة ".
وحذر الراحل عدنان الباجه جي من ان الفيدرالية التي شرعها الدستور العراقي في الحقيقة ليست فيدرالية وانما كونفدرالية سيستخدمها الشيعة في إقامة دويلة في جنوب البلاد قد تكون خاضعة لنفوذ ايران , وهو تطور ستكون له انعكاسات على منطقة الخليج.
ومن جهته , قال سلمان الجميلي عضو جبهة التوافق " نناهض هذا القانون ونعتبره وصفة جاهزة للتقسيم فالوقت غير مناسب ومجلس النواب استخدم أساليب غير قانونية لتمريره".
اما النائب حسين الفلوجي وهو أيضا من جبهة التوافق فقد شكك في اكتمال النصاب القانوني لعقد جلسة البرلمان وان " الرد القانوني سيكون من خلال الاعتراض على القانون لدى المحكمة الدستورية , اما الرد السياسي فسيكون من خلال دراسة موقف سياسي تتخذه الكتل للاعتراض على ما جرى".
في غضون ذلك , عقد زعيم لائحة الائتلاف الشيعي المنتصر السيد عبد العزيز الحكيم مؤتمرا صحفيا اكد خلاله ان " الشعب العراقي هو الذي يقرر ولا احد يفرض ارادته عليه . هذا القانون موحد للعراق وليس مقسما فقد تكون هناك عشرة أقاليم او ثلاثة فالشعب يقرر" .

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي