رواية للفتيان الغزالة طلال حسن

طلال حسن عبد الرحمن
2024 / 6 / 11

رواية للفتيان




الغزالة









طلال حسن






شخصيات الرواية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 ـ الملك

2 ـ الأميرة

4 ـ الغزالة

5 ـ قائد الجيش

6 ـ الرسول

7 ـ الحارس

8 ـ سائس الخيل






" 1 "
ــــــــــــــــــ
لم يهدأ الملك ، لحظة واحدة ، في قاعة العرش ، وظل قائد الجيش ، الذي أتعبه الوقوف ، يتابعه صامتاً قلقاً ، وهو يذرع القاعة ذهاباً وإياباً .
وأكثر من مرة ، قال الملك للقائد ، دون أن يتوقف : لقد تأخر رسولك الضابط .
فيجيبه القائد بنبرة اعتذار : المسافة ، ليست قصيرة ، يا مولاي .
وتوقف الملك ، حين فُتح الباب ، وأقبل الحاجب مسرعاً ، وقال : مولاي ..
وبصوت متلهف ، قاطعه الملك قائلاً : إذا كان الرسول ، فليدخل حالاً .
فقال الحاجب متردداً : نعم ، يا مولاي ، إنه الرسول ، لكن ..
وقاطعه الملك ثانية بشيء من الغضب : دعك من لكن الآن ، اذهب .
وتراجع الحاجب محرجاً ، وهو يقول : مولاي ، الأميرة بالباب ، وتطلب ..
فصاح به الملك : قلت لك ، أن لا يدخل أحد عليّ ، مهما كان ، عدا الرسول .
وأسرع الحاجب نحو الباب متمتماً : عفو مولاي ، سيدخل الرسول حالاً .
وحالما خرج الحاجب ، دخل الرسول مسرعاً ، وقبل أن يتفوه بكلم ، قال الملك : لقد تأخرت .
فردّ الرسول قائلاً : عفو مولاي ، المسافة إلى بيت حارس الغابة ، ليس قصيراً ..
وقاطعه الملك قلقاً متلهفاً : المهم .. الغزالة ؟
فنظر الرسول إليه قلقاً ، وقال : مولاي ..
وصاح الملك ملسوعاً : ماتت !
وسارع الرسول بالرد قائلاً : لا .. لا .. يا مولاي .
وصمت لحظة ، وعينا الملك تفترسانه ، ثم قال : إنها جريحة جرحاً بليغاً ، لكنها حية ، نعم ، مازالت حية ، يا مولاي .
وانطلق الملك إلى الخارج ، دون أن يلتفت إلى القائد ، وقال مخاطباً الرسول : اتبعني .
وعلى الفور تبعه الرسول ، وسبقه القائد ، وقال بصوت متردد خائف : مولاي ، الأمير ..
ودون أن يلتفت إليه ، قال الملك : دعه حيث هو .
وتوقف القائد متمتماً : مولاي .
وخرج الملك من قاعة العرش مسرعاً ، وفي أثره يهرول الرسول ، وعند الباب المؤدي إل حديقة القصر ، لحقت به ابنته الأميرة ، وقالت : أبي ..
وقاطعه الملك قائلاً ، دون أن يتوقف : دعي هذا الأمر الآن ، إنني مستعجل .
فقالت الأميرة : الأمير في السجن .
وواصل الملك سيره ، وهو يقول : هذا جزاؤه ، لقد خالف أمري .
وركضت الأميرة خلفه ، وقالت : لكنه خطيبي .
لم يردّ الملك عليها ، فهتفت : أبي .
لكن الملك لم يتوقف ، ووصل حيث ينتظره السائس بالحصان ، فامتطاه على عجل ، وهو يخاطب الرسول قائلاً : اركب حصانك ، واتبعني .


" 2 "
ـــــــــــــــــــ
توغل الملك ، على حصانه ، في الغابة ، وفي أثره ، وعلى مقربة منه ، انطلق الرسول فوق حصانه ، حتى وصلا كوخ الحارس .
وحالما توقف الملك بحصانه ، أمام باب الكوخ ، حتى أقبل الحارس العجوز ، وانحنى للملك ، وقال مرحباً به : أهلاً ومرحباً ، يا مولاي .
وترجل الملك عن حصانه ، دون أن يردّ على تحيات الحارس العجوز ، ومضى إلى داخل الكوخ ، وهو يقول : طمئني أولاً على الغزالة .
ولحق الحارس العجوز بالملك ، وفي أثرهما دخل الرسول ، وتوقف الملك ، والتفت إلى الحارس العجوز ، وقال : تكلم .
ووقف الحارس العجوز مضطرباً ، أمام الملك ، وقال بنبرة خائفة قلقة : مولاي ، لا أكتمك ، إن جرحها غائر ، لكني ضمدتها ، و ..
وصمت الحارس العجوز ، فتطلع الملك إليه ، وقال : هذا الكلام لا يطمئن .
وأشار الحارس العجوز إلى مدخل جانبيّ ضيق ، وقال : الغزالة في هذه الغرفة الصغيرة ، تفضل وأنظر إليها بنفسك ، يا مولاي .
فقال الملك : خذني إليها .
وتقدم الحارس العجوز ، ودفع بوابة المدخل الصغير الضيق ، وقال : تفضل ، يا مولاي .
ودخل الملك الغرفة الصغيرة ، فقال الحارس العجوز : مولاي ، وضعت الغزالة الجريحة هنا ، في هذه الغرفة الصغيرة ، الملحقة بالكوخ .
وعلى الضوء ، القادم عبر كوة صغيرة ، رأى الملك الغزالة ، متمددة على أرض الغرفة ، وقد وضع ضماد على كتفها ، فتأملها ملياً ، ثم قال وكأنه يفيق من حلم : الإصابة ليست في مكان خطر .
فقال الحارس العجوز : هذا صحيح ، يا مولاي ، وإن كان الجرح عميقاً بعض الشيء .
وتناهى إلى الملك تنهدة جريحة حزينة ، هذه ليست الغزالة الجريحة ، بل تبدو وكأنها تنهدة امرأة ، جاءت من بعيد ، بعيد جداً في الزمن .
ورفع الملك رأسه ، والتفت صوب المدخل ، وقد التمع برق في عينيه ، فنظر الحارس العجوز إليه مذهولاً ، وقال : مولاي .
وبدل أن يردّ الملك عليه ، سار كالنائم ، وخرج عبر البوابة الصغيرة ، وواصل سيره عبر الكوخ إلى الخارج ، فلحق الرسول به ، وقال : مولاي .
لم يلتفت الملك إليه ، وواصل سيره كالنائم ، وقال : توقف .
وسار الملك ، وكأنه يتبع كائناً ما ، فتباطأ الرسول ، لكنه قال بنبرة رجاء : مولاي ، لا تذهب وحدك ، المكان خطر .
فردّ الملك ، دون أن يلتفت إليه : عد إلى الكوخ ، وابقَ عند الغزالة ، حتى أعود .
وتوقف الرسول مذهولاً ، وهو يتابع الملك بعينيه الحائرتين ، حتى غاب بين الأشجار .

" 3 "
ـــــــــــــــــــ
سار الملك مبتعداً ، دون أن يعرف الرسول ، أو الحارس ، اللذان تبعاه إلى خارج الكوخ ، لماذا كان يسير كالنائم ، وكيف لهما أن يعرفا ذلك ، وهو الوحيد الذي رأى المرأة الغزالة ؟
وتوغلت المرأة بين أشجار الغابة ، والملك يسير في أثرها ، ولاح النبع من بعيد ، ومياهه الصافية تلمع تحت أشعة الشمس ، فهتف الملك للمرأة ، بلهجة رجاء : توقفي .
وأبطأت المرأة في سيرها ، متجهة نحو النبع ، حتى توقفت ، ثم التفتت إلى الملك ، ونظرت إليه بشيء من الحزن والعتاب ، وقالت بصوت مجروح : جاء دور حفيدتي إذن ؟
وتوقف الملك على مقربة منها ، وعيناه الضارعتان تتأملانها ، وكأنه يريد أن يراها كما في الماضي ، وتساءل : تلك حفيدتك ؟
ونظرت المرأة إليه ، وقالت بنبرة حزينة حالمة : هذه الغزالة الصغيرة ، الجريحة ، لو تعلم ، صورة من أمها ، التي لم ترها أنت .
ونظر الملك إليها ، وقال : نعم ، لم أرها ، ولكني رأيتك أنت ، في الماضي البعيد ، وهي على ما يبدو ، كانت صورة منكِ .
ونظرت المرأة إليه صامتة ، فتابع الملك قائلاً : حفيدتك الغزالة الصغيرة هذه ، إنها صورة منك فعلاً ، عندما رأيتك لأول مرة .
وهزت المرأة رأسها ، ثم استدارت ، وسارت وهي تقول ، كأنها تحدث نفسها : مسكينة أمها ، ستموت حزناً ، إذا لم تشفَ صغيرتها .
وسار الملك في أثرها ، وقال وكأنما يريد أن يطمئن نفسه ، قبل أن يطمئنها : اطمئني ، لقد ضمد الحارس العجوز جرحها ، وسيسهر عليها ، وأنا معها ، ولن نتركها حتى تشفى .
وتوقفت المرأة قرب النبع ، تحدق في مياهه الصافية ، الملتمعة تحت أشعة الشمس ، وقالت : هذا النبع الصافي كالمرآة ، ما أعذب ماؤه ، طالما شربت منه ، ومعي صغيرتي .
وصمتت لحظة ، ثم التفتت إلى الملك ، وقالت : لم أهنأ تماماً بمياهه العذبة ، وخاصة عندما كانت صغيرتي معي ، فقد كنت أخاف سهامكم القاتلة .
ونظر الملك إليها ، وقال كالمعتذر : صدقيني ، لقد حرّمت الصيد ، في مملكتي ، وخاصة صيد الغزلان ، منذ ذلك الوقت .
ورفعت عينيها إليه ، مؤنبة ، معاتبة بمرارة شديدة ، وأدرك الملك ما ترمي إليه ، فقال : هذه فعلة الأمير الطائش ، وهو الآن في السجن ، رغم أنه ابن أخي ، وخطيب ابنتي الأميرة .
واستدارت المرأة ، دون أن تتفوه بكلمة ، ومضت بعيداً عن النبع ، متوغلة في الغابة ، وظل الملك يتابعها بنظره ، حتى غابت بين الأشجار .


" 4 "
ـــــــــــــــــــ
اقترب الملك من النبع ، وتوقف عند حافته ، المفروشة بالرمل والحصى الناعم ، وراح يتأمل المياه الصافية ، الملتمعة تحت أشعة الشمس .
وتوغل شيئاً فشيئاً إلى الأعماق ، حتى تلاشى ما حوله ، وانتهى إلى عتمة تامة ، لا بصيص فيها للأشياء وكائنات الحاضر .
وتناهى من الأغوار السحيقة ، وقع أقدام مختلطة ، وأنفاس لاهثة ، ولاح شيئاً فشيئاً ، الملك الشاب على حصان فتيّ متواثب ، يعدو في أثر غزالة منطلقة بسرعة مستميتة ، تطلب النجاة .
وطارد الملك الغزالة طويلاً ، وقوسه في يده ، لكن الغزالة لم تضعف ، وبدا أنها قد تفلت منه ، وهذا ما لم يحدث لغزالة أخرى من قبل .
ورفع قوسه ، وأطلق نحوها سهمه ، الذي قلما يخطئ هدفه ، وشق السهم الهواء كالبرق ، لكنه أخطأ الغزالة ، وانغرز بقوة في جذع شجرة ضخمة .
وزادت الغزالة من سرعتها ، حين سمعت السهم ينغرز في الشجرة ، لكن الملك حثّ حصانه الفتي ، ورفع قوسه ثانية ، وثانية أطلق سهماً نحوها ، لكنه لم يصبها ، هذه المرة أيضاً ، وانغرز في الأرض ، على مسافة قريبة منها .
وجفلت الغزالة ، وشهقت مذعورة ، لكنها لم تستسلم ، وتراءت لها صغيرتها ، تنتظرها في مخبأ بين الشجيرات ، فانطلقت بأقصى سرعتها ، تطلب النجاة ، والعودة إلى صغيرتها .
وبدا للملك ، أن الغزالة ستفلت منه ، فرفع قوسه مرة أخرى ، وسدده جيداً ، ثم أطلق السهم ، وهذه المرة لم ينغرز في شجرة ، أو في الأرض ، وإنما انغرز عميقاً في صدر الغزالة .
وانتفضت الغزالة صارخة متألمة ، وتهاوت متعثرة ، وكادت تسقط على الأرض ، لكنها تماسكت ، وواصلت ركضها ، حتى اختفي في أجمة قريبة .
وتوقف الملك عند حدود الأجمة ، وتوغل بحصانه ببطء بين أشجارها الكثيفة ، متتبعاً خيطاً من الدم ، يلمع على الأرض ، لعله يعثر على الغزالة ، فهي جريحة ، وجرحها على ما يبدو قاتل .
وفجأة نوقف الملك مصعوقاً ، فبدل الغزالة الجريحة ، رأى على البعد ، وفي فسحة تضيئها الشمس ، شيخاً نحيلاً ، يرتدي ملابس فضفاضة ، ناصعة البياض ، ينظر إليه نظرة قاسية ، ثابتة ، فيها شيء من الغضب والتأنيب المرّ .
وفكر الملك ، ترى من يكون هذا الشيخ النحيل ؟ وما الذي أتى به إلى هذا المكان المنقطع ، الموحش ، الخطر ، من هذه الغابة ؟
وتقدم الملك منه ، على حصانه الفتيّ ، ببطء شديد ، لكنه كان كلما اقترب منه ، ابتعد الشيخ ، دون أن يبدو أنه يسير ، حتى اختفى تماماً .
وتوقف الملك ، وسط أشجار الأجمة الكثيفة ، وقد ساد الغابة صمت غريب ، وبدا له أن الأشجار تدنو منه ، ربما لتقضي عليه ، فتراجع خائفاً ، ثم استدار بحصانه ، وانطلق به عائداً إلى المخيم .

" 5 "
ـــــــــــــــــــ
هبط الليل على الغابة ، ولف أشجارها بعباءته السوداء ، المطرزة بالنجوم المتغامزة ، وأوت الكائنات إلى مراقدها ، لترتاح من عناء النهار .
ودخل الملك الشاب خيمته ، وأوى إلى مرقده هو الآخر ، وأغمض عينيه ، وعلى العكس من الكائنات الأخرى ، لم يزره النوم .
وفي الخارج ، أوى الطباخ وحرس الملك ، إلى مراقدهم في خيمة ، قريبة من خيمة الملك ، عدا حارس واحد ، وقف شاك السلاح بباب خيمة الملك .
وتململ الملك الشاب ، مغمض العينين ، وتمنى لو ينام ، لعله يرتاح ، لكنه لم ينم ، فقد ظلت الغزالة الجريحة والشيخ النحيل ، بملابسه الناصعة البياض ماثلان في ذهنه ، لا يبرحانه لحظة واحدة .
وفكر الملك مرات ومرات ، في الغزالة الجريحة ، متسائلاً ترى أين اختفت ؟ إنها جريحة ، وجرحها قاتل ، والمفروض أنها سقطت قتيلة ، في مكان قريب ، فأين اختفت يا ترى ؟
ثم ذلك الشيخ ، بجسمه النحيل ، وثيابه الفضفاضة الناصعة البياض ، الذي بدا وكأنه إنسان شفاف ، تُرى من خلاله الأشياء القريبة منه ، من هو ؟ وما الذي جاء به إلى هذا المكان من الغابة ؟ ثم أين اختفى ؟
لم يستطع الملك ، بسبب كل هذه الغرائب والتساؤلات ، التي لا جواب لها ، أن يغفو أو يرتاح ، فنهض من فراشه ، وخرج من الخيمة .
وفوجئ الحارس بالملك يخرج إلى الليل ، فاقترب منه قليلاً ، وقال بصوت متردد : مولاي ..
وقاطعه الملك قائلاً ، دون أن يلتفت إليه : الجو خانق داخل الخيمة .
وقال الحارس متردداً : عفو مولاي ، لكن الجو هنا بارد بعض الشيء .
ولاذ الملك بالصمت ، فوقف الحارس متردداً لحظة ، ثم تراجع عائداً إلى مكانه ، ووقف جامداً ، يرمق الملك قلقاً بطرف عينيه .
ومن بعيد ، التمعت أمام عيني الملك ، بقعة ضوء صغيرة ، راحت تكبر وتكبر ، وكاد الملك يشهق ، فقد لمح الشيخ النحيل ، بملابسه الفضفاضة الناصعة البياض ، يقف على البعد ، وعيناه الحزينتان الغاضبتان مثبتتان عليه .
وفكر الملك الشاب أن يقترب منه ، ويتحدث إليه ، لكن الشيخ النحيل ، بثيابه الفضفاضة الناصعة البياض ، بدأ يخفت ويتلاشى ، حتى اختفى تماماً .
وما إن اختفى الشيخ ، وساد الظلام ، حتى انبثقت بقعة ضوء أخرى ، وبدل الشيخ الناحل ، بملابسه الفضفاضة الناصعة البياض ، لاحت فتاة ، في مقتبل العمر ، تضع وردة حمراء، بلون الدم ، في شعرها .
وأغمض الملك عينيه ، أهو يحلم ؟
وحين فتح عينيه من جديد ، رأى الفتاة ، والوردة الحمراء في شعرها ، تقف في نفس المكان الذي كان يقف فيه الشيخ .
وهمّ الملك ، أن يسير باتجاه المكان ، الذي تقف فيه الفتاة ، لكن الفتاة ، وكما حدث للشيخ النحيل ، بدأت تخفت وتتلاشى ، حتى اختفت .
وبدون إرادة منه ، سار الملك كالنائم ، صوب البقعة ، التي ظهر ثم اختفى فيها ، الشيخ الناحل ، ذو الملابس الفضفاضة الناصعة البياض ، والفتاة الشابة التي تضع في شعرها الفاحم وردة حمراء .
وانتبه الحارس إليه ، وتابعه بعينيه القلقتين ، ثم سار في أثره ، واقترب منه ، وقال بصوت مضطرب متردد : مولاي ..
وتوقف الملك ، كمن أفاق من غفوة عميقة ، لكنه لم يردّ عليه ، فتابع الحارس قائلاً : هذا المكان خطر جداً في الليل ، يا مولاي .
ومرة أخرى ، لم يردّ الملك عليه ، لكنه استدار ، وقفل كالنائم عائداً إلى خيمته .


" 6 "
ـــــــــــــــــــ
منذ الفجر ، أفاق الملك ، كأنّ هاتفاً أيقظه ، فنهض من فراشه ، وارتدى ملابسه ، وخرج من الخيمة ، دون أن يأخذ معه قوسه وكنانة سهامه .
وما إن لمحه الحارس ، الذي يقف على مقربة من باب خيمته ، حتى أسرع نحوه ، وانحنى قائلاً : طاب صباحك ، يا مولاي .
وردّ الملك ، وعيناه التائهتان تتطلعان نحو الغابة ، كأنه يبحث فيها عن شيء يتوقعه ويتمناه : اذهب بسرعة ، وأتني بحصاني .
وتطلع الحارس إليه متردداً ، وقال : مولاي ، الطباخ يُعد الفطور ، و ..
وقاطعه الملك قائلاً ، وعيناه التائهتان مازالتا تبحثان في البعيد : هاتِ الحصان بسرعة .
وبسرعة انطلق الحارس ، حيث حصان الملك ، وهو يقول : أمر مولاي .
وسرعان ما عاد بالحصان ، وقدمه للملك ، وقال : تفضل ، يا مولاي .
وعلى الفور ، امتطى الملك الحصان ، وقبل أن ينطلق به ، قال الحارس : مولاي ، ليتك تسمح لي أن أرافقك ، فالغابة خطرة .
وانطلق الملك على حصانه ، دون أن يلتفت إلى الحارس ، ووقف الحارس يتابع الملك بعينيه المتعبتين القلقتين ، حتى غاب بين الأشجار .
ومضى الملك إلى الأجمة ، التي اختفت فيها ، يوم أمس ، الغزالة الجريحة ، حيث رأى الشيخ النحيل ، بملابسه الفضفاضة ، الناصعة البياض .
وخلال تجواله بين أشجار الغابة ، وفي محيط الأجمة الكثيفة الأشجار ، خفق قلبه أكثر من مرة ، وقد التمعت عيناه مذهولاً ، فقد لمح الشيخ النحيل مراراً ، ومراراً لمح الفتاة ، ذات الوردة الحمراء .
وحاول الملك ، أكثر من مرة ، أن يلحق بالشيخ النحيل ، ويتحدث إليه ، لكن الشيخ النحيل ، كان يختفي بالسرعة التي ظهر فيها .
وأكثر من مرة ، حاول الملك جهده ، أن يتبع الفتاة ، ذات الوردة الحمراء ، وكما كان الشيخ النحيل يظهر ويختفي ، كذلك كانت الفتاة .
وتوقف الملك متعباً حائراً وسط الأجمة ، وترجل عن حصانه ، وجلس متكئاً إلى جذع إحدى الأشجار ، وهمّ أن يغمض عينيه المتعبتين ، وإذا به يرى الشيخ النحيل مرة أخرى ، وسرعان ما اختفى ، لتظهر مكانه الفتاة ، ذات الوردة الحمراء ، التي سرعان ما اختفت هي الأخرى .
وظل في مكانه ، هذه المرة ، هادئاً ، لا يريم ، منتظراً أن يظهر الشيخ النحيل ، أو الفتاة ذات الوردة الحمراء ، مرة أخرى .
وتساءل مراراً ، ترى من يكون هذا الشيخ الناحل ، بملابسه الفضفاضة الناصعة البياض ؟ وتلك الفتاة الشابة ، والوردة الحمراء في شعرها ، من تكون ؟ ثم لماذا يظهران ويختفيان ، دون أن يقتربا منه ، أو يدعانه يقترب منهما ؟
هذا ما يجب أن يعرفه ، وسيعرفه قبل أن يعود إلى القصر ، مهما كلف الأمر .

" 7 "
ــــــــــــــــــــ
امتطى الملك حصانه ، وترك له الأمر ، يسير به ببطء حيث يشاء ، وهو يكاد يكون غائباً عما حوله ، خارج ذهنه المكتظ بما رآه .
وانتبه الملك ، بعد فترة ليست قصيرة ، إلى أن حصانه ، يتجه به نحو النبع ، وفكر لابد أنه عطشان ، فهو لم يشرب جرعة ماء ، منذ أن خرج به من المخيم فجر هذا اليوم ، حتى الآن .
وتوقف الحصان ، على مشارف النبع ، وقد انتصبت أذناه الصغيرتان ، وبدا وكأنه يصغي إلى شيء ما ، وأنصت الملك هو الآخر ، لكنه لم يسمع إلا الأصوات المألوفة للغابة .
ومن بين الأغصان لمح الملك الفتاة ذات الوردة الحمراء ، التي طالما لمحها من بعيد ، تقف على حافة النبع ، تنظر إلى المياه الصافية .
وترجل الملك عن حصانه ، وانحدر ببطء نحو النبع ، وسار نحو الفتاة ، وعيناه لا تفارقانها ، وكأنه يخشى إن أبعد عينيه عنها ، أن تختفي .
وتوقف الملك على مقربة منها ، لكنها لم تلتفت إليه ، رغم أنه لاحظ أنها أحست بوجوده ، فقال بصوت هادئ : طاب صباحك .
والتفتت الفتاة ، ونظرت إليه بعينين غائمتين ، يغشاهما حزن عميق ، وتابع الملك قائلاً : رأيتك مراراً في هذا الطرف من الغابة ، لكني كلما حاولت أن أقترب منكِ ، لأتحدث إليك ، تختفين فجأة .
وأبعدت الفتاة عينيها بهدوء ، ونظرت إلى أعماق ماء النبع ، فاقترب الملك أكثر ، وقال : أريد أن أعرّفكِ بنفسي ، فأنا أريد أن أعرفك .
ونظرت الفتاة إليه ، وقالت : أنا أعرفك .
ونظر الملك إليها ، دون أن يتفوه بكلمة ، فتابعت قائلة : أنت ملك هذه المملكة .
وابتسم الملك ، وقال : ما دمتِ تعرفينني ، فمن العدل أن تعرفيني بنفسك .
وأطرقت الفتاة ، دون أن تردّ بكلمة ، فقال الملك : هذا مكان منقطع ، موحش ، لا تعيش فيه سوى الطيور ، والغزلان ..
وصمت الملك ، حين رفعت الفتاة عينيها الحزينتين إليه ، وقالت : تبدو ملكاً طيباً ، ولابد أن رعاياك سعداء بك ، ويحبونك .
فقال الملك : هذا ما أفخر به .
فقالت الفتاة : لكن ليس لك أن تفخر بقتلك للغزلان .
ولاذ الملك بالصمت ، وقد فوجىء بما قالته الفتاة ، ثم نظر إليها ، وقال : أنا أحب الصيد في هذه الغابة ، وخاصة صيد الغزلان .
وتراجعت الفتاة ، وقال : وهذا ما لا أحبه ، وخاصة فيك أنت .
واستدارت ببطء ، وسارت مبتعدة ، فلحق الملك بها ، وهو يقول : تمهلي ، أرجوكِ .
لكن الفتاة لم تتمهل ، بل ولم تردّ عليه بكلمة واحدة ، وتوقف الملك ، وهتف بما يشبه الرجاء : سأنتظرك غداً هنا ، في مثل هذا الوقت .
وقبل أن ينتهي الملك من كلامه ، اختفت الفتاة ، ذات الوردة الحمراء ، كما كانت تختفي دائماً ، وتوقف الملك ، يتلفت حوله حائراً ، لعله يعثر على أثر لها ، لكن دون جدوى .


" 8 "
ـــــــــــــــــــ
في اليوم التالي ، انطلق الملك على حصانه ، قبل شروق الشمس ، متجهاً نحو أعماق الغابة ، وهذه المرة أيضاً لم يأخذ قوسه وكنانة سهامه .
ومن بين أغصان الأشجار ، لاح النبع بمياهه الهادئة الصافية ، وتمنى الملك أن يرى الفتاة ، في مكانها الذي كانت فيه أمس ، لكنه وحتى بعد أن وصل النبع ، لم يرِ أي أثر للفتاة .
وتجول على حصانه ، بين أشجار الغابة ، ووصل في تجواله إلى الأجمة ، وتوغل فيها ، لكنه لم يعثر للفتاة على أثر ، بل ولم تلح له ، لا هي ولا للشيخ النحيل ، ذو الملابس الفضفاضة الناصعة البياض ، كما لاحا له قبل أيام ، بين الأشجار من بعيد .
وعاد الملك ثانية إلى النبع ، لعله يجدها هناك ، لكنه لم يقع لها على أثر ، وترجل عن حصانه ، وتوقف برهة عند شاطئ النبع ، وتلفت حوله ، لكن لا أثر لها ، لا بأس ، فلينتظر ، وجلس في ظل شجرة قريبة ، وأغمض عينيه المتعبتين .
وخفق قلبه فرحاً ، حين رأى الفتاة ، ذات الوردة الحمراء ، تنبثق من النبع ، وتقف بثيابها الطويلة فوق الماء ، وعيناها الحزينتان تتطلعان إليه .
وهبّ الملك من مكانه ، فاتحاً عينيه المتعبتين ، وقد طار النعاس منهما ، وهمّ أن يندفع نحو ماء النبع ، لكنه توقف مذهولاً ، حين اختفت الفتاة ، ذات الوردة الحمراء ، ولم يبقَ لها أثر ، في مياه النبع .
لم يعد الملك إلى مكانه تحت الشجرة ، بل راح يتجول في محيط النبع ، متطلعاً بين حين وآخر ، إلى الأشجار ، لكن دون جدوى ، لقد اختفت الفتاة .
وطوال هذه الفترة ، كان الحراس ، وخاصة الحارس المقرب إلى الملك ، ينتظرون قدومه ، على أحرّ من الجمر .
وقبل الغروب ، جاء الطباخ إلى الحارس ، وقال : الأمر مقلق ، يا صديقي ، الشمس تكاد تغرب ، ومولاي الملك لم يعد بعد .
وتململ الحارس قلقاً ، وهو ينظر إلى البعيد ، وقال : وهذا ما يقلقني .
وقال الطباخ : علينا أن نفعل شيئاً ، أخشى أن يكون الملك قد تعرض لمكروه .
ونظر الحارس إليه ، وقال : أعرف أن الملك قد يغضب مني ، لكني سأذهب وحدي ، وأطمئن عليه .
وهمّ الحارس أن يذهب إلى حيث تقف خيل الحرس ، ليأخذ حصاناً ، وينطلق به ، لكنه توقف ، وأشار للطباخ برأسه ، وقال : أنظر ، جاء الملك .
وأقبل الملك على حصانه ، يمشي به ببطء ، ثم توقف على مقربة من الحارس والطباخ ، وترجل عن حصانه ، وبدون أن يتفوه بكلم ، أو يلتفت إلى أحد ، مضى قدماً ، ودخل الخيمة .

" 9 "
ـــــــــــــــــــ
لم يفكر الملك في العودة إلى قصره ، رغم أن اليأس بدأ يتملكه ، وبد له أن ما رآه ، وما عاشه ، هذه الأيام في الغابة ، ربما لم يكن حقيقة .
وبقي عدة أيام أخرى ، يتجول في أنحاء الغابة ، وفي الأجمة ، ومحيط النبع ، لكن دون جدوى ، فحتى لو كانت الفتاة حقيقية ، فهاهي قد اختفت ، دون أن تترك أثراً يدل عليها .
وخلال هذه المدة ، جاءه أكثر من رسول ، يعلمه إن والدته بدأت تقلق عليه ، بل إن الرسول الأخير ، قال له : إن الملكة الأم تقوا ، إنها ستأتي لتطمئن عليه ، إذا لم يعد قريباً إلى القصر .
وأخيراً صمم على العودة إلى القصر ، ليطمئِن ، أمه أولاً ، وليواصل عمله ، فالمملكة بحاجة إليه أيضاً ، وها قد ابتعد عن العرش عدة أسابيع .
وبعد أن عاد من الغابة ، ذات مساء ، دعا إليه حارسه المقرب ، وقال له : غداً عند شروق الشمس ، سنغادر الغابة ، ونعود إلى القصر .
وانحنى الحارس للملك ، وقال : مع فجر الغد ، سيكون كلّ شيء معداً للرحيل ، يا مولاي .
وقال الملك : حسن ، اذهب .
وانحنى الحارس ثانية ، وقال قبل أن يخرج : تصبح على خير ، يا مولاي .
لم ينم الملك ، تلك الليلة إلا قليلاً ، فقد كانت الفتاة ، بوردتها الحمراء في شعرها ، وعينيها المعاتبتين الحزينتين ، تحول بينه وبين النوم .
وحتى عندما يغفو ، كان يراها تمرق كالشبح بين الأشجار ، أو تقف من بعيد تنظر إليه ، أو تنبثق من النبع ، وتقف فوق الماء .
وعند الفجر ، أفاق من النوم ، دون أن يفيق من الفتاة ذات الوردة الحمراء ، وداخله شعور أكيد هذه المرة ، أن الشيخ النحيل ، والفتاة ذات الوردة الحمراء ، لا يمتان للحقيقة بصلة ، وإن هما إلا شبحان من أشباح هذه الغابة الغريبة المسحورة .
ونهض الملك من فراشه ، وخرج من الخيمة ، وما إن رآه الحارس ، حتى أسرع إليه ، وقال : طاب صباحك ، يا مولاي .
ورد الملك ، وعيناه تجوسان في البعيد : طاب صباحك ، سنبدأ الرحيل عند شروق الشمس .
فقال الحارس : كلّ شيء جاه ، يا مولاي .
وقال الملك : حسن ، اذهب إلى ..
وتوقف الملك عن الكلام ، وجمدت عيناه عند نقطة معينة من الغابة ، وقلبه يخفق بشدة ، الفتاة ليست شبحاً ، بل حقيقة ، فها هي تقف كالعادة من بعيد ، وتتطلع إليه بعينيها الحزينتين ، والوردة الحمراء في شعرها الطويل الفاحم .
وكالنائم ، سار الملك إليها ، وتابعه الحارس ، وقد اتسعت عيناه ذهولاً ، وتمتم : مولاي .
وسار الملك ، حتى اقترب من الفتاة ، وقال بصوت مرتعش : طاب صباحكِ .
وردت الفتاة هذه المرة قائلة : طب صباحك ، يبدو أنك ستعود إلى عرشك اليوم .
وهزّ الملك رأسه أن نعم ، ثم قال : منذ أيام ، وأنا أبحث عنك ، أريد أن أتحدث إليك .
ونظرت الفتاة إليه ، وقالت : الأفضل أن تعود إلى عرشك ، وتنسى أنك رأيتني مرة .
وقال الملك : لكني رأيتك ، وتعلقت بك ، إنني أريدكٍ إلى جانبي على العرش .
وهزت الفتاة رأسها ، دون أن تتفوه بكلمة ، فتساءل الملك قائلاً : هذا الرجل النحي ، ذو الملابس الفضفاضة ، الناصعة البياض ، من هو ؟
فردت الفتاة قائلة : إنه أبي ؟
وقال الملك متحمساً : أريد أن أراه ، لأطلبك منه .
وقالت : لا يمكن الآن .
وتراجعت الفتاة دامعة العينين ، فتقدم الملك منها ، وقال : لماذا ؟
وتراجعت الفتاة أكثر وأكثر ، دون أن تتفوه بكلمة ، فهتف الملك : لا تذهبي أرجوك ..
لكن الفتاة واصلت تراجعها ، وبدأت تختفي ، فصاح الملك : من أنتِ ؟ أخبريني .
وقبل أن تختفي الفتاة نهائياً ، سمعها تقول بصوت دامع : أنا الغزالة التي قتلتها .


" 10 "
ــــــــــــــــــــــ
أفاق الملك ، وكأنه أفاق من غفوة عميقة ، على صوت يعرفه ، يقول : مولاي .
والتفت ببطء ، وإذا الحارس العجوز ، يقف أمامه ، وعلى ملامحه الشائخة تباشير فرح ، وتابع قائلاً : الغزالة الجريحة ، يا مولاي .
وبلهفة وقلق ، قال الملك : لا تقل لي إنها ..
وصمت الملك ، وقد تفاقم قلقه ، فقال الحارس العجوز ، اطمئن ، يا مولاي ، إنها بخير .
وانطلق الملك مسرعاً ، متجهاً نحو الكوخ ، وهو يقول : تعال ، يجب أن أطمئن على تلك الغزالة بنفسي ، فهي عزيزة عليّ .
وما إن وصل الملك إلى الكوخ ، حتى اندفع إلى الغرفة الصغيرة ، وتوقف لاهثاً ، ينظر إلى الغزالة ، متمددة على الأرض ، وقد بدت مرتاحة بعض الشيء .
واقترب الحارس العجوز من الملك ، وقال : أترى ، يا مولاي ؟ إنها بخير ، وستشفى تماماً خلال أيام .
وتنهد الملك بارتياح ، وقال : هذا ما أرجوه .
وخرج من الغرفة الصغيرة ، يتبعه الحارس العجوز ، وهو يقول : سأسهر عليها ، يا مولاي ، ليل نهار ، حتى تعود كما كانت .
وخرج الملك من الكوخ ، حيث كان الرسول ينتظره بحصانه ، والتفت إلى الحارس العجوز ، وقال : اسمع أيها الحارس المخلص .
وقال الحارس العجوز فرحاً : مرني يا مولاي .
وتابع الملك قائلاً : الغزالة على ما يبدو ستشفى ..
وقال الحارس العجوز متحمساً : بالتأكيد يا مولاي .
فقال الملك : إذا شفيت تماماً ، خذها إلى الأجمة ، وأطلقها هناك .
فقال الحارس العجوز : أمر مولاي .
وأشار الملك للرسول ، فأسرع إليه بالجود ، فأمسك رسنه ، واعتلى صهوته ، وقال للحارس : لا تنسَ ما أوصيتك به .
فانحنى الحارس العجوز للملك ، وقال : اطمئن ، يا مولاي .
وانطلق الملك بحصانه ، فقال الحارس العجوز : صحبتك السلامة ، يا مولاي .
وقبيل منتصف النهار ، وصل الملك والرسول إلى القصر ، وما إن دخل حديقة القصر ، حتى أسرع الجميع إليه مرحبين متهللين ، وفي مقدمتهم ابنته الأميرة ، التي وقفت لاهثة أمامه ، وقالت : أبي .
ونظر الملك إليها منفرج الأسارير ، وقال : اطمئني ، الغزالة بخير .
وقالت الأميرة بلهجة رجاء : خطيبي .
فقال الملك : اذهبي ، وخذيه من السجن .
وارتمت الأميرة على صدر أبيها الملك ، وراحت تقبله فرحة ، وهي تقول : أشكرك ، يا أبي .
فقال لها الملك : ولكن حذريه ، إذا مسّ غزالة في يوما يوم من الأيام ..
وشهقت الأميرة قائلة : أبي ..
فقال الملك مازحاً : لن أحرمك منه ، ولن أبعده عنكِ ، ولكن سأزوجكما .. في السجن .


6 / 5 /2013

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي